خبر و تحليل / عمار العركي *تـمـديـد مـعبـر أدري: خـطـوة إنسانيـة أم مـخاطـرة استـراتيـجيــة؟*
خبر و تحليل /
عمار العركي
*تـمـديـد مـعبـر أدري: خـطـوة إنسانيـة أم مـخاطـرة استـراتيـجيــة؟*
_______________________
▪️أعلنت الحكومة السودانية، عبر وزارة الخارجية، عن تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد أمام المعونات الإنسانية، وذلك في بيان صادر اليوم الثلاثاء 2 سبتمبر 2025. ووفق البيان، يبدأ التمديد من 1 سبتمبر وحتى 31 ديسمبر 2025، ويهدف إلى “ضمان وصول المعونات الإنسانية للمحتاجين في كافة أنحاء السودان، وتسهيل العمل الإنساني والتنسيق مع منظمات الإغاثة العاملة وفق القوانين والنظم الدولية”.
▪️وأشار البيان كذلك إلى أن القرار جاء متزامناً مع كارثة قرية ترسين في جبل مرة، والتي راح ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، داعياً الدول الشقيقة والمنظمات الإنسانية إلى مضاعفة جهودها لتلبية الاحتياجات العاجلة في المنطقة بالتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية.
▪️ويأتي هذا التمديد بعد قرار إعادة فتح المعبر في 15 مايو 2025، والذي ركز على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، مع التأكيد على التعاون الدولي والانخراط الإيجابي للدولة في إدارة المعابر. ومع ذلك، لم يوضح بيان الافتتاح تفاصيل عملية ضبط حركة العبور أو كيفية تقييم نتائج المعبر بشكل دوري، وكان أقرب إلى إعلان نوايا حسنة دون خطة عمل واضحة.
▪️أما بيان التمديد الأخير، فجاء أكثر اختصاراً وغموضاً مقارنة ببيان الافتتاح، حيث اكتفى بالإعلان عن التمديد لفترة جديدة مع الإشارة العامة إلى الكارثة الإنسانية في جبل مرة، دون تقديم أي تقييم للمرحلة السابقة أو توضيح مدى نجاح المعبر في تحقيق أهدافه الإنسانية، كما لم يشر إلى الإجراءات الأمنية أو مراقبة الالتزام بالشروط المتفق عليها عند افتتاح المعبر.
▪️هذا النقص في التفاصيل والتحليل يجعل البيان أقل شفافية ومصداقية مقارنة ببيان الافتتاح السابق، ويزيد من الأسئلة حول مدى جدوى استمرار التمديد في ظل الوضع الإنساني المتدهور في الفاشر وجبل مرة.
▪️بل إن الواقع على الأرض يشير إلى أن الوضع الإنساني في الفاشر ازداد سوءاً على سوء بعد فتح المعبر، مما يجعل تجاهل الخارجية لهذه الحقائق إشكالاً سياسياً وأمنياً لا يقل خطورة عن القرار نفسه.
▪️فالقرار بالتمديد في هذا التوقيت الحساس، وفي ظل غياب تقييم موضوعي لفترة الافتتاح الماضية، وإيضاح مدى إسهام المعبر فعلياً في تحقيق الهدف والغاية التي أعلنتها الخارجية في بيان الافتتاح، لا يمكن النظر إليه إلا كخطوة مرتجلة تحمل مخاطر أكبر مما تحمل من فوائد.
▪️والملاحظ أن كل بيانات الخارجية الصادرة مؤخراً، المعبرة عن مواقف الحكومة، باتت مليئة بالأسئلة والاستفهامات، عكس البيانات السابقة التي اتسمت بوضوح الموقف والرؤية، وهيبة وسيادة الدولة.
▪️وفي السابق، كان هناك أيضاً قدر من الشفافية والتقدير للإعلام والصحافة، حيث اعتادت الخارجية الظهور ضمن المنبر الإعلامي الأسبوعي لتنوير الرأي العام بالمواقف والبيانات، وفتح الباب أمام الصحافة بكل وضوح. هذه التجربة، التي كانت مرتبطة بمسؤولية الناطق الرسمي للحكومة، كانت واحدة من إنجازات وزير الإعلام خالد الأعيسر، وأسهمت في تعزيز وضوح الرؤية والرسائل الرسمية، وإرساء معايير شفافية مهمة في التواصل مع الجمهور. أما الآن، فقد غابت تلك الممارسة، وحل محلها بيانات مقتضبة وغامضة تزيد من البلبلة بدلاً من أن تعزز الثقة.
_خلاصة القول ومنتهاه :_
▪️المطلوب من وزارة الخارجية ليس تكرار البيانات الإنشائية عند كل تمديد، وإنما إفصاح شفاف مبني على تقييم واقعي للتجربة، يوضح للشعب ماذا تحقق، وماذا لم يتحقق، ولماذا. فمدينة مثل الفاشر لا تتحمل المزيد من المجازفات، وأي ثغرة في إدارة هذا الملف سيدفع ثمنها المواطن البسيط قبل غيره.