منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*في حضرة الوباء… المسؤولون في الخارج!* *بلد يترنّح بين الحرب والوباء* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

0

*في حضرة الوباء… المسؤولون في الخارج!*

 

*بلد يترنّح بين الحرب والوباء*

 

كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

 

السودان اليوم ليس مجرد وطن مُنهك بالحرب، بل جسدٌ عليل ينهشه المرض بلا رحمة. حمى الضنك تنتشر في 17 ولاية من أصل 18، والملاريا والتايفويد وسوء التغذية تتناوب على الفتك بالناس، بينما تعجز المستشفيات عن استيعاب المرضى أو حتى توفير بندول أو محاليل ملحية.

وزارة الصحة نفسها اعترفت بأن مكافحة حمى الضنك تحتاج إلى 38 مليون دولار. مبلغ كهذا كان يمكن أن يغطّي حملات رش واسعة، ويوفّر الأدوية، ويدعم فرق الاستجابة السريعة. لكن المأساة ليست في شُح الموارد وحدها، بل في غياب القيادة التي كان يفترض أن تُوجِّه هذه الموارد المحدودة وتدير الأزمة بحزم ومسؤولية.

أين هم المسؤولون؟
قائمة الغياب مخزية: من مدير الإدارة العامة للطوارئ والأوبئة الذي يتنقّل بين تركيا والمغرب، إلى مديرة الرعاية الصحية التي استقرت في إسبانيا، إلى مديرين يقيمون في الإمارات ومصر والسعودية وأوغندا… والوزارة عمليًا تُدار بالوكالة من الخارج.
فمن يقود غرفة الطوارئ في الداخل؟ من يتابع توزيع الدواء؟ من يخطط لحملات الرش؟ الجواب الصادم: لا أحد.

مقارنة تفضح الواقع
لننظر حولنا:
• عندما ضرب إيبولا غرب إفريقيا (2014)، نزل وزراء الصحة هناك بأنفسهم إلى القرى النائية، شاركوا في حملات التوعية، وقفوا في الخطوط الأمامية رغم ضعف الإمكانيات.
• في كوفيد-19، كان وزراء الصحة ورؤساء الحكومات في كل العالم يزورون المستشفيات يوميًا، يلبسون الكمامات مع الناس، ويخاطبون شعوبهم مباشرة.
• في مصر، وزيرة الصحة السابقة هالة زايد نزلت إلى أسوان وقت أزمة الحمى، وزارت المستشفيات بنفسها.
• في السعودية، وزير الصحة كان في الميدان أثناء جائحة كورونا، يُشرف على الخطط لحظة بلحظة.
• حتى في الدول الفقيرة مثل سيراليون وليبيريا، ظل الوزراء يعملون في الداخل جنبًا إلى جنب مع الأطباء، لأن المسؤولية لا تُدار عبر الفنادق أو “زووم”.

فلماذا في السودان، يختار المسؤول أن يغادر الوطن في أحلك الظروف، ويترك المرضى يموتون بلا سند؟ أليس هذا عارًا قوميًّا؟

غياب يساوي خيانة
إنه ليس مجرد إهمال إداري، بل خيانة للأمانة. حين يترك المسؤول وطنه المشتعل بالحرب والأوبئة، ويجلس في فنادق الخارج مكيف الهواء، ثم يطلّ عبر مؤتمرات دولية ليحدث العالم عن “الصمود” و”الكرامة”، فهذا ليس إلا استخفافًا بدماء الأبرياء.

المواطن وحده في مواجهة الموت
في الخرطوم وبورتسودان وكوستي ونيالا والفاشر، يموت الأطفال بالحمى، تتساقط الأمهات من الأنيميا وسوء التغذية، ينام المرضى على الأرض لعدم وجود أسرّة، فيما تنقطع الكهرباء عن غرف العناية المركزة.
أمّا البعوض فقد صار سيّد الموقف، يتوالد في مياه الأمطار والبرك، يملأ البيوت والطرقات، ولا يجد من يردعه، لأن حملات الرش توقفت، والكوادر الصحية محبطة، والإدارة غائبة.

حكومة بلا قلب
إلى متى يا حكومة السودان؟ ألم يكفِ أنك سلّمت شعبك للجنجويد والمرتزقة ليُقتَل ويُشرّد وتُغتصب نساؤه وتُنهب بيوته؟ ألم يكفِ أنك دمّرت اقتصاده وتركته فقيرًا معدمًا؟
حتى حين جاءه الوباء، لم تقدّم له خطة طوارئ حقيقية، لم توفّر له الدواء، لم تعتذر له على التقصير، لم تحمِ حتى حقّه في الحياة.

صرخة للشعب
يا أبناء السودان: لا تسكتوا.
فالصمت في وجه هذه الجريمة خيانة جديدة.
اخرجوا من بيوتكم، طالبوا بالحق، طالبوا بالدواء، طالبوا بالمحاسبة.
ارفعوا أصواتكم عاليًا: أنتم لستم أقل من شعوب وقفت في وجه الطغيان والفساد، وانتزعت حقها في الحياة الكريمة.

صرخة للسماء
وإذا عجزت أيديكم، فارفعوا أكفّكم إلى السماء واشكوا إلى الله، فالله لا يرضى بالظلم، ولا يترك دعوة المظلوم تذهب هدرًا.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مناشدة للمجتمع الدولي
وإلى العالم الذي يتفرج:
نوجّه نداءً عاجلاً إلى منظمة الصحة العالمية، ومنظمة أطباء بلا حدود، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الهيئات الأممية والحقوقية، أن تضع السودان تحت المجهر:
• افتحوا تحقيقًا شفافًا في غياب القيادات الصحية السودانية خارج البلاد وقت تفشي الأوبئة.
• أرسلوا فرق طبية عاجلة لدعم المستشفيات المتهالكة.
• وفّروا الأدوية والمبيدات ووسائل الوقاية لشعب يموت اليوم بصمت.
• اربطوا أي دعم دولي بوجود إدارة صحية حقيقية على الأرض، لا إدارة عبر الصور والمؤتمرات.

إن ما يحدث ليس شأناً داخليًا فحسب، بل جريمة إنسانية صريحة: شعب يُترك للموت بالوباء، في غياب حكومته ومسؤوليها.

*أيها المجتمع الدولي: إن صمتم اليوم، فأنتم شركاء بالصمت في جريمة قتل بطيء لشعب أعزل*
*لك الله أيها الشعب السوداني*

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.