منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*الشعب يريد هزيمة العدوان* بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب

0

*الشعب يريد هزيمة العدوان*

بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب

ما يجري في السودان اليوم ليس حرباً كسائر الحروب التي عرفتها البلاد من قبل ، بل هو عدوان استثنائي في طبيعته وأهدافه وأطرافه . ففي النزاعات السابقة ، كانت بعض الحركات المسلحة تحمل مطالب سياسية أو اجتماعية يمكن ـ بدرجة من الإنصاف ـ اعتبارها ذات مشروعية نسبية ، إذ كانت تتحدث عن نصيب في السلطة والثروة أو تطمح إلى عدالة في التوزيع والمشاركة. ورغم ما كان يحيط بها من دعم خارجي أو تأثير إقليمي ، فإنها ظلت في جوهرها قوى محلية ، لم تُعرف يوماً بأنها رهنت بندقيتها لمشروع أجنبي أو جعلت من نفسها أداة لتفكيك الدولة أو تقويض جيشها الوطني .

أما الحرب الراهنة ، فشأنها مختلف تماماً . إذ خرجت قوة عسكرية متمردة على الدولة ومؤسساتها الدستورية ، مدفوعة بأطماع في السلطة والغنيمة ، ومحفَّزة أحياناً بنزعات عنصرية ، ومسنودة بقوى سياسية انتهازية صغيرة الحجم ، عالية الصوت ، كثيرة الجلبة ، ترتبط بعلاقات مشبوهة مع بعض السفارات والمنظمات الأجنبية. هذه القوى جعلت من نفسها واجهة لمشروع خارجي يستهدف تفكيك المؤسسة العسكرية وتغيير عقيدتها الوطنية ، وضرب القوة الاجتماعية والسياسية التي تساندها ، تمهيداً لإعادة تشكيل الدولة وفق نموذج يتيح لتلك الأقلية السيطرة على مفاصل الحكم دون شرعية انتخابية أو تفويض شعبي .

لقد أدركت هذه القوى منذ وقت مبكر أن الجيش الوطني هو الحارس الأمين للمسار الانتقالي والمؤتمن على نقل السلطة عبر صناديق الاقتراع ، و لأنها تعلم في الوقت ذاته أن الانتخابات لن تفتح لها طريقاً إلى الحكم . ولذلك لجأت إلى إعادة خلط الأوراق وإشعال الحرب بالتحالف مع المليشيا المتمردة ، واستدعاء القوى الخارجية الطامعة ، أملاً في فرض واقع سياسي جديد يتيح لها العودة وتصدر المشهد عبر بوابة التدخل الدولي أو انتصار المتمردين .

ولأجل التمويه ، رفعت هذه القوى شعار «لا للحرب» ، بينما هي تمارس عملياً كل ما يؤدي إلى اسناد حليفها .
وهي تحتكر الحديث باسم «القوى المدنية» ، وتمنع الآخرين من المشاركة في العملية السياسية تحت ذريعة الخوف من «الإغراق» . كما تدّعي لنفسها تمثيلاً حصرياً لـ«ثورة ديسمبر» ، وتصر على أنها الجهة الوحيدة المخوَّلة للتفاوض مع الجيش لتسليم السلطة لحكومة مدنية تصوغها هي ومن يدور في فلكها .

هؤلاء اليوم يراهنون على أحد احتمالين ، إما انتصار عسكري للمليشيا المتمردة يعيدهم إلى الساحة بعد أن تآكل رصيدهم الشعبي ، أو تدخل دولي يفرض تسوية على مقاسهم تعيد إنتاجهم في المشهد السياسي من جديد . أما الاحتمال الثالث ، الذي لا يرغبون فيه ولا يرغب فيه داعموهم في الخارج ، فهو أن يحقق الجيش الوطني والمقاومة الشعبية نصراً حاسماً يعيد للدولة هيبتها ، ويوقف نزيف الدم ، ويقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية ، ويعيد القرار الوطني إلى صاحبه الحقيقي وهو الشعب السوداني مصدر السلطات .

إن هذه الحرب ليست مجرد نزاع داخلي ، بل محاولة لإعادة هندسة المشهد الوطني بوسائل عنيفة ومصادر خارجية ، تستهدف بنية الدولة ووحدتها ومؤسساتها العسكرية والاجتماعية . والمعادلة واضحة وهي ، إما أن تنتصر الدولة ووحدتها وسيادتها ، أو يُعاد تشكيلها تحت وصاية أجنبية أو عبر احتكار داخلي يمهّد لتفكيكها .

لذلك ، فإن الخيار الوطني الحتمي هو هزيمة العدوان ، لأن في هزيمته خلاص الوطن واستقلاله ، وفي انتصاره استعادة الكرامة والسيادة وبناء مستقبل دستوري وسياسي يعبّر عن الإرادة الشعبية الحرة دون وصاية أو إملاء .

إن انتصار الجيش والمقاومة الشعبية ليس مجرد نصر عسكري ، بل هو ميلاد لاستقلال جديد ، وبداية لجمهورية وطنية حرة تستمد شرعيتها من إرادة شعبها ، لا من الخارج . ولهذا فإن الرسالة الي القيادة العسكرية والسياسية اليوم واضحة وحاسمة وهي أن الشعب يريد هزيمة العدوان ، لأن في انتصاره انتصاراً لاستقلال السودان ، ولسيادته ، ولحق أبنائه في أن يصنعوا مستقبلهم بأيديهم لا بأيدي الطامعين المعتدين ..وأن يوقنوا ويوقن معهم كل العالم أن شعب السودان مع جيشه يملك الإرادة والقدرة والعزيمة في أن يظل قائدا وسيدا.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.