خبر وتحليل – عمار العركي *معسكرات أبوظبي في إثيوبيا… خطة هدم المعبد الإقليمي*
خبر وتحليل – عمار العركي
*معسكرات أبوظبي في إثيوبيا… خطة هدم المعبد الإقليمي*

في إقليم بني شنقول الإثيوبي… بعيداً عن رادارات الرصد، وبعيداً عن بوصلة الإعلام التقليدي… تدور واحدة من أخطر عمليات إعادة تشكيل موازين القوى في القرن الأفريقي. هناك، في عمق إقليم بني شنقول–قمز المتاخم للحدود السودانية، تبني أبوظبي معسكراتها الخاصة داخل إثيوبيا؛ ليس دعماً لحليف، ولا تعزيزاً لشراكة استراتيجية، بل ضمن خطة ممنهجة لإشعال الإقليم وإعادة هندسة الفوضى على المقاس الإماراتي.
نحن لا نتحدث هنا عن دعم لوجستي مؤقت، ولا عن تمويل سرّي لميليشيا المنطقة ومرتزقة ما وراء البحار، بل عن مشروع عسكري متكامل لمعسكرات مُقامة على أراضٍ أُزيلت غاباتها بالقوة، تستوعب كمرحلة اولي أكثر من 10 آلاف مقاتل، وضباط إماراتيون يشرفون على خطوط الإمداد، وضباط إثيوبيون… على رأسهم الجنرال المتمرس “غيتاتشو غودينا”… يوفرون الحماية والموقع والمظلة الرسمية.
مرتزقة من السودان، جنوب السودان، غرب أفريقيا، أميركا اللاتينية، وإثيوبيا… يتم إعدادهم لمعركة طويلة ومفتوحة عنوانها “تكون أبوظبي أو لا تكون”.
ما الذي يدفع أبوظبي — وهي الغارقة ورطتها الأكثر خطورة منذ صعودها كلاعب إقليمي — إلى بناء جيشها السري داخل إثيوبيا؟
ولماذا تسمح أديس أبابا، التي تواجه تحديات داخلية وخارجية شديدة الحساسية، بأن تتحول أراضيها إلى مخابئ ومعسكرات وورش تصنيع للفوضى العابرة للحدود؟
الإجابة ليست في الخرطوم وحدها… بل في خريطة تمتد من البحر الأحمر إلى نيروبي — حيث تتقاطع الطرق والمصالح وشبكات النفوذ التي تديرها أبوظبي في عمق القارة — ومن أسمرا إلى مقديشو، ومن بورتسودان إلى أديس أبابا.
فأبوظبي — التي تواجه اليوم تراجعاً حاداً في نفوذها داخل السودان والإقليم، بعد سلسلة الهزائم التي مُنيت بها ميليشيا آل دقلو — تبحث عن معادلة بديلة تعوّض خسارتها ، بمعسكرات خراب بديلة ، قواعد قريبة من الحدود السودانية تعيد إنتاج “القوة القابلة للضخ” داخل السودان وحدوده وإريتريا وحدودها، منصّات للضغط على مصر عبر ملفات السدّ والبحر الأحمر وأمن التقراي.
أبوظبي تدرك أنها تخسر… وأن نفوذها يتآكل… وأن خصومها الإقليميين — خاصة الخرطوم والقاهرة وأسمرا ومقديشو، ومن على البُعد أنقرة، وفي الخفاء الرياض — نجحوا في محاصرتها في السودان والصومال والبحر الأحمر.
إثيوبيا — أبي أحمد — تدرك أن خسارة الدعم الإماراتي تعني انهيار كل شيء: الطموح الشخصي، مشاريع النفوذ، الوصول البحري، تراجع أوراق ملف سد النهضة، وتآكل “المهمة الخاصة” التي تقدمها للغرب بصفتها الجدار الأخير أمام النفوذ الشرقي.
هكذا يلتقي الطرفان… لا على أرضية المصالح المشتركة، بل على أرضية الرهانات الخاسرة. وأخطر هذه الرهانات هو تحويل إثيوبيا — مقر الاتحاد الأفريقي — إلى ساحة إعداد لوجستي، وقاعدة لحشد عسكري ضد السودان الأفريقي، وضد استقرار الإقليم كله.
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
إن ما يجري في بني شنقول ليس حدثاً أمنياً معزولاً، بل تحركاً استراتيجياً لكسر التوازنات، وانتقالاً إماراتياً من الدعم غير المباشر إلى إقامة بنية حرب كاملة خارج الحدود، بما يعكس مرحلة جديدة… مرحلة “هدم المعبد الإقليمي”… حيث لا يهم بقاء السودان، ولا استقرار إثيوبيا، ولا تماسك البحر الأحمر والإقليم… المهم فقط ألا تسقط أبوظبي وحدها.
هذا هو المشهد الحقيقي… وما سيأتي أخطر، ما لم تتحرك العواصم الإفريقية ذات الثقل، ويستعد الاتحاد الإفريقي من غيبوبته ليوقف مشروع الفوضى قبل أن يبتلع القرن الأفريقي… وأفريقيا.
