مابين السطور ذوالنورين نصرالدين المحامي يكتب *الإغاثه وحكومة الأمر الواقع*
مابين السطور
ذوالنورين نصرالدين المحامي يكتب ✍️
*الإغاثه وحكومة الأمر الواقع*

——————–
أقر الإتحاد الأوربي مؤخرا تسيير قوافل المساعدات الإنسانية الي ولايات دارفور بما قيمته (ثلاثه مليون ونصف يورو) وسيستمر الإمداد خلال شهري ديسمبر ويناير 2026م دون تنسيق مع الحكومة السودانية صاحبة السيادة على جغرافيتها والأدهي والأمر أن أول رحلة من المساعدات وصلت الي نيالا بحمولة 100 طن تدعي أنها لإغراض إنسانية مما يشير الي أن هناك تنسيق مسبق مع المليشيا في ذات الخصوص ولم يسمع المواطن السوداني أي توضيح أو بيان من الحكومة السودانية بخصوص هذه الرحلات فلماذا تصمت الحكومة؟
فإن تحريك جسر جوي للمساعدات الإنسانية إلى دارفور دون تنسيق أو موافقة الحكومة السودانية يُعد من حيث المبدأ القانوني والسيادي مساسًا وإنتهاكا للسيادة الوطنية وللدولة الشرعية وحدها سلطة تنظيم دخول الأشخاص والبضائع والطائرات إلى إقليمها أو أجوائها ويعتبر أي دخول جوي أو بري دون إذن الدولة مهما كانت المسوغات يُعد خرقًا لسيادتها حتى لو كان الغرض إنسانيًا أو تحت أي غطاء آخر
ويترتب عليه عمليا تجاوزا للسلطة الشرعية القائمة والعمل على إضعاف الحكومة المعترف بها وأيضا التمهيد لفرض أمر واقع لتكريس الإعتراف الضمني بسلطة المليشيا (تأسيس) كما يشير الي أن القصد المبطن هو أن يعتاد المجتمع الدولي والمنظمات للتعامل المباشر مع السلطة المدعاة (بتأسيس) دون تنسيق مسبق من قبل السلطة الشرعية وهي الحكومة السودانية والعمل على خلق واقعا سياسيا جديدا وفقا للمخطط الماسوني
وقد سبق أن وافقت الحكومة على تحديد معابر لدخول المساعدات الإنسانية إبان حصار الفاشر فلم يستجيب المجتمع الدولي بل تواطأت في ذلك مما يشئ بسوء نية وتواطؤ من أجل فرض واقعا جديدا لتقسيم السودان
فللسودان تجارب سابقة مع المجتمع الدولي بسوء النيه تحت الغطاء الإنساني من خلال تجربة شريان الحياة سيئة الذكر إبان حرب الجنوب والتي مثّلت شرياناً حقيقياً لحركة التمرد آنذاك بقيادة جون قرنق قضى بالتشوين والإمداد العسكري واللوجستي لتقوية حركة قرنق ويتكرر نفس المسوغ الآن
إن الأمر الشاخص الآن يعزز إحتمالية تمديد أمد الحرب بالإمداد العسكري تحت غطاء العون الانساني والإسهام في تقوية المليشيا أيضا بالمواد الغذائية التي يمكن ان توظف ما يفيض عن حاجة مقاتليها في ابتزاز المواطنين المقيمين في مواقع سيطرتها خدمة لأهدافها في تجنيد المقاتلين وجمع المعلومات عن تحركات الجيش وداعميه فضلاً عن قمع المناوبين وفرض الأمر الحتمي لسلطة موازية
إن صمت الحكومة السودانية على مثل هذه التجاوزات سيكرس واقعا جديدا في إطار التقسيم الإداري والسيادي والدستوري للسودان والتي لا تزال تجربة شريان الحياة راسخة في الذاكرة الوطنية فللدولة السودانية منظماتها ومؤسساتها وآلياتها التنسيقية لحماية مواطنيها من خطر المجاعة وتأمين حياتهم والعمل على الاستفادة القصوى من الثغرات والدروس المستقاة من تجربة شريان الحياة في الجانب الانساني نرى أهمية أن تملك الحكومة السودانية الرأي العام المساند لقضاياه الوطنية حتى لايستقي معلوماته من مصادر تعمل على التشكيك بين المواطن وحكومته وقواته المسلحة لزعزعة الأمن والإستقرار الداخلي
