منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*تقرير: السيول تزيد معاناة السودانيين في ولاية نهر النيل*

0

المياه طاولت 3800 منزل وعشرات الأسر وجدت نفسها في العراء مع نقص تجهيزات الإيواء

في وقت لم تندمل فيه جراحات السودانيين من مآسي الحرب والنزوح والتشرد والتمكن من تجاوز الأوضاع الإنسانية المتدنية، طرقت كارثة السيول والأمطار الإثنين الماضي أبواب ولاية نهر النيل شمال السودان وأجزاء واسعة من محليات الدامر وبربر وشندي، وكذلك مناطق الباقير والمكابراب والعالياب وقدو وقبادي والسلمة بمعدلات غير مسبوقة، متسببة في أضرار وخسائر وتداعيات صحية وبيئية كبيرة لتضاعف الهموم والمعاناة، إذ وجد المئات أنفسهم خلال ساعات أمام أطلال وبقايا منازلهم المتهدمة.

وسارعت غرفة طوارئ الخريف والفيضانات بالولاية في إجراءات حصر المحليات المتضررة، وشرعت في توفير الدعم الإغاثي الإسعافي مثل مواد الإيواء والآليات والعون الغذائي والأدوية للمتأثرين.

أضرار وخسائر

وتسببت السيول في وفاة ستة أشخاص بمدينة الدامر وتدمير 300 منزل كلياً، وقالت سلطات ولاية نهر النيل أن مئات الأسر تأثرت بالكارثة، مشيرة إلى أن 2000 منزل بمنطقة المكابراب هدمت كلياً، وزاد عدد البيوت غير الصالحة للسكن في منطقة الباقير عن 300 بيت وتدمير نحو 1200 أخرى بمنطقة قبادي.

وغمرت المياه عدداً من المشاريع الزراعية وتأثر محصول البصل المخزن نتيجة هطول الأمطار بغزارة، كما تسببت السيول في قطع طريق التحدي عند منطقة وادي المكابراب، وتضررت أحياء الحلة الجديدة والشجرة والفاروق ومربعات (7) و(13) و(14) في مدينة الدامر بصورة كبيرة، بينما في مدينة شندي أشار مدير الدفاع المدني إلى انهيار 50 منزلاً كلياً وجزئياً بمنطقة قدو شمال.

مهدد صحي

قال المواطن مجاهد بشير إن “حجم الكارثة كبير للغاية هذا العام، ومعدلات الأمطار والسيول لم تحدث خلال الأعوام الأخيرة، فخلال ساعات قليلة فقدت منزلي لكن الحمد لله على نجاة أطفالي”، لافتاً إلى أن بعض الأسر التي فقدت بيوتها لا تزال في العراء نتيجة عدم توافر مواد الإيواء وهم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الملاريا المنتشر.

ونوه بشير إلى مشكلات المراحيض المهدمة وصعوبة المكافحة في المناطق المكشوفة، إذ إنه “مع تزايد حالات مرض الملاريا ينبغي على السلطات توفير المعدات والمبيدات لمكافحة البعوض وتنفيذ حملات الرش وردم برك المياه الراكدة”.
وامتدح بشير جهود السلطات المحلية في المسارعة إلى الوقوف مع المتضررين، لكنه طالب بأن لا تكون زيارات المسؤولين تفقدية فقط، بل يجب مساعدة الأسر حتى في مرحلة الإعمار، مشيداً بالجهد الأهلي الشعبي الذي كان له الحظ الأوفر في التصدي لتداعيات هذه المحنة، مشيراً إلى شروع اللجان في جمع تبرعات لمساعدة المتضررين”.

وأشار المواطن الذي يقطن منطقة الباقير إلى أن “المياه الراكدة داخل القرى المنكوبة لا تزال تحتاج إلى التصريف، وبدأت تتحول إلى مهدد صحي وتتزايد حاجة الناس إلى بطانيات وناموسيات وخيام لمجابهة الكارثة والتحوط من الآثار المترتبة من السيول”.

جهود حكومية

وفي السياق وصف المدير التنفيذي لمحلية الدامر عثمان أحمد عثمان الأمطار الغزيرة التي ضربت معظم أنحاء ولاية نهر النيل بغير المسبوقة، وتسببت في أضرار بالغة للسكان، لافتاً إلى أن “السلطات تفاعلت مع الأوضاع الإنسانية المتردية التي يعيشها مشردو السيول منذ البداية، وتم تكوين غرف طوارئ لتقديم المعونات والإغاثة والأدوية بالتنسيق مع الشؤون الاجتماعية وبعض المنظمات من بينها الهلال الأحمر، فضلاً عن توفير خيام ومشمعات للمتضررين خلال الفترة المقبلة”.

وأضاف عثمان أن “هناك جهوداً لإيجاد أماكن بديلة ومهيأة بالخدمات لسكان المناطق المتأثرة بعيداً من مجرى السيول حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى، كما أن احتياطات غرفة الطوارئ مستمرة في شأن توقعات هطول أمطار غزيرة خلال الفترة المقبلة”.

أما بالنسبة إلى الأغذية والخدمات الصحية فيقول المدير التنفيذي إن الوضع جيد بعدما “تسلمت كل أسرة سلال غذائية إلى جانب توفير عبوات مياه الشرب، علاوة على وجود غرفة متابعة في المناطق المنكوبة لتقديم الخدمات الصحية كافة، خصوصاً الدواء وتوفير المعدات والمبيدات لمكافحة الطور المائي للبعوض”.

حالات وفاة

إلى ذلك شهدت مدينتا عطبرة والدامر أمطاراً غزيرة مصحوبة برياح قوية استمرت ساعات طوال ليل الإثنين الماضي، فيما تعمل قوات الدفاع المدني على سحب المياه من محطة كهرباء عطبرة التحويلية بعد أن غمرتها مياه الأمطار.

وأعلن مدير قوات الدفاع المدني بولاية نهر النيل عبدالله سليمان مصرع امرأة وأربعة أطفال في عطبرة والدامر جراء هطول أمطار غزيرة أدت إلى سقوط عدد من المنازل في الولاية، مشيراً إلى “سقوط منزل في عطبرة مما تسبب في وفاة امرأة وثلاثة أطفال، وتم انتشال الجثامين وسحب المياه من المنزل”.

ونوه سليمان إلى أن “الأمطار أدت إلى سقوط منزل بمدينة الدامر مما تسبب في وفاة طفل وإصابة آخر”.

انتظار الأسوأ

ومع تزايد الخسائر تتنامي المخاوف من مآلات تمدد الكارثة وانتظار الأسوأ في ظل توقعات بهطول مزيد من الأمطار في الولاية خلال الأيام الباقية من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري.

ويشكو المواطن متوكل الزبير من تأثير السيول على المنازل وبخاصة بعد تعذر تصريف المياه التي لا تجد حتى الآن منفذاً، إلى جانب “تزايد أعداد الأسر المشردة في العراء التي تستظل بالمشمعات والخيام القديمة، ويرعبها تراكم السحب وتلفحها هجير الشمس ولا تزال المياه تحاصرها من كل جانب”.

ونبه الزبير إلى أن “المشاريع الزراعية حاصرتها السيول وأتلفت محصول البصل لهذا العام، وعرضت كثيرين إلى خسائر فادحة، وعلى رغم محاولاتهم تلافي بعض الأضرار إلا أن السيول كانت أقوى منهم، كما أن المعاناة شملت نفوق عدد كبير من الحيوانات”.

ولفت متوكل إلى أن “المزارعين مهددون بدخول السجون نظراً للمطالب المالية الكبيرة من البنوك في ظل الخسائر التي يتعرضون لها جراء السيول وتلف المحاصيل، مما يتطلب من السلطات الوقوف على حجم الكارثة لوضع تقديرات ميدانية أول بأول”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.