د. عبدالقادر محمد احمد يكتب: *حاميها حراميها*
( د. عبد القادر محمد أحمد خبير اقتصادي و امين عام ديوان الضرائب الأسبق)
كنت قد كتبت مقالا في العام الماضي عن سوداتل اراه متداولا بكثرة هذه الايام في الوسائط. في ذلك المقال انتقدت بشدة صرف اعضاء مجلس الادارة خمسين الف دولار مكافاة لكل عضو .كنت قد انتقدت كذلك صرفهم خمسة الف دولار لكل عضو لكل اجتماع للمجلس. الي عهد قريب كان الحافز عشرة الف دولار لكل عضو بينما كانت اجتماعات المجلس مجانا . بعد هذا المقال تم اعتقالي ليلا بواسطة النيابة لكنها عاملتني باحترام .وفي الاسبوع الماضي كتبت مقالا اشيد فيه بمجلس الادارة واهتمامهم بالشركة وبالمساهمين حتي في زمن الحرب. كانت المناسبة هي الدعوة لاجتماع الجمعية العمومية في مدينة بورتسوان برغم الظروف المعروفة. وتقديرا لظروف المواطنين الذين اخرجوا من ديارهم ناشدت اعضاء المجلس بالتبرع بهذه المبالغ للمجهود الحربي خاصة وان مجلس الادارة هو ايضا الجمعية العمومية ولكن لا حياة او لا حياء لمن تنادي. فقد كانت دعوتهَم للاجتماع لشيء في نفس يعقوب. فقد اطلعت اليوم علي توصيات مجلس الادارة للجمعية العمومية اي لانفسهم يوصون في مجليس الادارة ويصدقون هم انفسهم في الجمعية العمومية. ستضحكون قليلا وستبكون كثيرا حين تعرفون ما هي التوصية ولن تنفعكم حبوب الضغط او السكري .التوصية هي رفع المكافاة لكل عضو من خمسين الف الي ١٦٠ الف دولار اي اكثر من ثلاثة اضعاف في زمن الحرب. هل يعقل ان يكون هؤلاء بشر يعيشون معنا. وحتي لا تتهموني بانني ابالغ ارفق لكم التوصيات كما وصلتني . وهكذا تدمر الاوطان حيث ينهب الكبار ويجوع الصغار. وهكذا اصبح حاميها هو حراميها. هؤلاء لم يسمعوا اخبار الفقراء الذين اخرجوا من ديارهم اوهم كالذين سمعوا وهم لا يسمعون. الي الذين يتابعون مقالاتي اقول وانتم تعرفون انني بدات الكتابة عن الفساد في سوداتل منذ العام ١٩٩٨ حينما كانت تتحكم فيها عصابة الاربعة. لكنني ابدا لم اتوقع ان يكون الفساد بهذه الجراة ومن كبار المسؤولين في الدولة الذين يحكموننا باسم الثورة وباسم المهمشين. هؤلاء لا رحمة في قلوبهم ولا يشعرون بما يعانيه شعبنا الذي اصبح لاجئا يفترش الارض في دول الجوار. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ولا تكونوا كالذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. اقول لاعضاء مجلس الادارة توجد هنا فرص استثمارية .بامكان كل عضو منكم ان يشتري بهذا المبلغ ثلاثة شقق فاخرة في قلب القاهرة وقوموا بتاجيرها لاخوانكم المشردون هنا باسعار زهيدة وانا علي يقين انهم سيدعون لكم بالمزيد. وعلي من يرغب في الاستثمار باموال المساهمين المنهوبة الاتصال بي.. بالله خبروني ما الفرق بينكم وبين الجنجويد. اولائكم نهبوا بقوة السلاح وانتم نهبتم بقوة السلطان. وكما بكي اهلنا الذين نهبت ممتلكاتهم سيبكي المساهمون في سوداتل عندما تصلهم اخباركَم . تبا لكم ولافعالكم الَمخجلة.
اما انا ومن هنا اعلن اعتزالي للكتابة بعد اليوم واعترف بانني قد هزمت وان حربي مع مافيا الفساد قد انتهت بالاستسلام الذي ينتظر الجنجويد . سلام يا جيم وجيم وكلكم جنجويد.