د.ليلى الضو أبو شمال تكتب :للصبر حدود
في التعريف العلمي لمصطلح *العقل الجمعي* او المطابقة الاجتماعية، فهي تعد ظاهرة نفسية تحدث عندما يفقد الأشخاص قدرتهم على اتخاذ القرار المناسب ويفترضون ان الاخرين يعرفون أكثر منهم وأن تصرفاتهم ربما تكون هي الصحيحة، فينصاعون للسائل دون تفكير ،وهذا يعرف بسلوك القطيع ،،وفي معتقدنا الديني وأدبنا الذي تعلمناه من الرسول صلى الله عليه وسلم والذي وضعه منهجا واستشرافا وتبصرة اذ قال (لا يكن احدكم امعة يقول أنا مع الناس إن احسن الناس احسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا انفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا ان لا تظلموا ) ودلالة ذلك تنعكس على المجتمع، فإن كان على الفرد ان يكون قوياً برأيه وفهمه ولا يكن تابعا لغيره فمن باب أولى أن يكون المجتمع اللحمي الذي تحكمه القيادة أن يكون مستقلا يملك قراره .
وما أدى إلى ذلك الحديث ما نراه من حالة السيولة في المجتمع الذي نعيشه في هذه الظروف اللعينة في السودان والتي أوردته المهالك،، وما ارى حال قادته الا حال من فقد قدرته وسلم عقله لغيره وعجز عن إتخاذ القرار في المواقف العصيبة وما لجوءه لغيره الا دلالة الضعف الذي يؤدي به أن يكون فريسة سهلة لهذا الغير والذي يسيطر عليه السيطرة الكاملة ويدفعه دفعا إلى ما يريد وليس لما يريد هو ،، فقد وضع نفسه مكانا الضعيف وترك الأمر لمن سمى نفسه القوي، هذه القيادة و التي فقدت ايمانها بنفسها وايمانها بقدراتها العقلية، وايمانها برعيتها.
إن ما يحدث بحالنا كله يؤكد على أن المجتمع المسيطر نجح في أن يصنع في دواخلنا أننا نحتاجه ولا نكون دونه ، وأنه لابد من الرجوع إليه، ونؤمن بأن تلك العقلية الجمعية التي يرى (دوركايم) في نظريته أنها هي ما تصبغ المجتمع بخصائصها ، فهي ليست مجموع عقول أفراد المجتمع بل هي سابقة عن الفرد الذي هو ما بين أمرين إما أن يتماهى مع تلك العقلية الجمعية ومن ثم يصبح عضوا مقبولا فيه ، وإما أن يتسق مع ذاته في حال رفضه لما هو سائد في المجتمع، وهنا يصطدم اصطدام بالمجتمع فيخرج عليه ليصبح منبوذا من مجتمعه مرفوضا من جماعته ذلك الذي يجعل هؤلاء الرافضين للعقلية السائدة في مجتمع ما بين كفي الرحى، إما يرضون هذا المجتمع واما يرضون ذواتهم.
ولعل ابن رشد لم يرض ان يخضع للعقل الجمعي المسيطر على مجتمعه ولذلك خاض في سبيل ذلك حربا ضروس مع فقهاء المجتمع وأصحاب الفكر السلفي، وبابن رشد أشير إلى أن هذا الفيلسوف تمرد على مجتمع أراد أن تكون مطيعا غير عاصي، ومستهلك غير منتج، وقابل ليس رافض، وبمثله في المجتمع نادرون من يملكون شجاعة الفكر والقرار، وربما فشل قادتنا يعود لعدم وجود كاريزما بالفطرة وانما كثيرا ما تكون مكتسبة، الا ان القيادة روح لا تسكن الا في القوي.
أقول لك يا سيدي القائد لن ترضي الجميع ولو حرصت فارضاء الناس غاية لا تدرك،، وقديما قالو أهلنا ( البكاء بحرروه اسياده) ، المجتمع الدولي لا يريد سوى منافعه منك ومن الكتب تعلمنا بأن (السياسة لعبة قذرة)، هذا ما علمنا اياه من يريدون ان يكون قرارنا في أيديهم، حين يجلس طهاة السياسة في مطابخ الأمم المتحدة على السوء ومنظمات المجتمع المتدني ،،،
يكفي شعبك هوانا وتشريدا لقد طال شوقه للعودة، لقد امتدت به حبال الصبر ممسكا بها ولكن جفاء الطقس دون شك سيقطعها،،،
وقديما غنت أم كلثوم لكلمات سطرها عبد الوهاب محمد
وكلام معسول وعهود
انا يا ما صبرت زمان
على نار وعذاب وهوان
وهي غلطة ومش ح تعود
انما للصبر حدود يا حبيبي فإن غنتها أم كلثوم للحب فنحن نغنيها للحرب يا سيدي