منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

علي احمد دقاش يكتب : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ}

0

تاملات الجمعة

عجيب امر هذا الدين يهتم بكل تفاصيل الحياة البشرية ينظمها ويرتبها وينسق جوانبها المختلفة عن طريق منظومة كاملة من الاحكام والمواجهات.
القرآن يفيض بالاحكام والموجهات الهادية للمسلم المنظمة لشئون المجتمعات .
اذكر انه في أواخر التسعينات دعاني الأخ الصديق جعفر محمد حمودة لحضور مناقشة بحث رسالة الدكتوراة الذي تقدمت به زوجته ابنة اختي د.جميلة جلال الدين في جامعة القران الكريم .
كان عنوان البحث علي ما اذكر :-
” احكام المسلم من المهد الي اللحد ”
اذهلتني شمولية هذا الدين ومعالجته لكل قضايا الانسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ذكرت د.جميلة في بحثها ان الله وضع احكاما وموجهات لكل مراحل حياة المسلم من ميلاده وحتي وفاته ووقتها ازددت حمدا لله ان جعلني مسلم متبع لهدي الرسول محمد (ص) و انتبهت وقتها الي مغزى ومعني قول الله تعالي :
{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.
علي المسلم ان يحمد الله علي نعمة الاسلام ويتمسك بهدي هذا الدين ويحمد الله علي نعمة الإسلام.
تأملاتي اليوم حول أية المجادلة التي تربي المسلم عليفضيلة من الفضائل هي حسن التعامل مع الاخرين .
يقول تعالي في سورة المجادلة الاية ١١ :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
في اسباب نزول هذه الاية قال قتادة:
كان الصحابة يتنافسون في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فأُمروا أن يفسح بعضهم لبعض، وروي عن ابن عباس أن هذا في صفوف القتال؛ إذ كانوا يتشاحون على الصف الأول، فأُمروا بالفسح لبعضهم؛ حتى يتمكنوا من الوقوف في الصف الأول مع رسول الله.
واللفظ عام يشمل هذا وذلك .
قال القرطبي: والصحيح في الآية: أنها عامة في كل مجلس إجتمع فيه المسلمون للخير والأجر، سواء كان مجلس حرب، أو علم، أو ذكر، أو مجلس صلاة كيوم الجمعة، وفي الصحيح:
(لا يقم الرجل الرجلَ من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسَّعوا) متفق عليه
في تفسير السعدي:-
الاية تأديب من الله لعباده المؤمنين، إذا إجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، وإحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود
وليس ذلك بضار للجالس شيئا ، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح لاخيه فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه.
الحرب الدائرة الآن في السودان أحدثت حراكا سكانيا كبيرا
إذ خرج الناس من ديارهم ومنازلهم الي منازل جديدة استوعبت بعض المنازل عدد كبير من الاسر ورغم ضيقها لكنهم تفاسحوا وتواسعوا .
البعض نزح الي قرى ومدن جديدة بل بعضهم الي دول جديدة وفي كل الأحوال تقتضي الظروف ان يفسح أهل الدار للقادمين اليهم ويحسنوا وفادتهم ويكرمونهم وعلي القادمين مراعاة الأدب العام ولا يكونوا مصدر تضييق علي سكان اهل الدار الذين استقبلوهم بترحاب وروح طيبة الشكر للاهل في شمال كردفان الذين كانت ولا تزال ديارهم ماوي الاستقبال للنازحين اليها والشكر للاهل في شرق السودان وفي الشمال الذين استقبلوا اعدادا كبيرة من القادمين اليهم من شتي بقاع السودان .
{ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا}
تعني اعطوا القادمين إليكم فرصة ليسكنوا معكم لا تبتزوهم وتغالوا لهم في اجر السكن ولا تتبرموا من وجودهم في ارضكم وفي نفس الوقت علي القادمين التأدب بأدب أهل الدار وإحترامهم ومراعاة تقالديهم وأعرافهم علي نحو ما حدث في المدينة المنورة بعد ان هاجر اليها المهاجرون من مكة حتي ان سيدنا ابوبكر الصديق عندما خاطب الأنصار يوم الثقيفة بعد وفاة الرسول قال للانصار :
( آويتمونا، ونصرتمونا، وأكرمتمونا، وواسيتمونا، والله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال طفيل الغنوي في قبيلة بني جعفر حيث قال :
جَزى اللَهُ عَنّا جَعفَراً حينَ أَزلَقَت
بِنا نَعلُنا في الواطِئينَ فَزَلَّتِ
هُمُ خَلَطونا بِالنُفوسِ وَأَلجَأوا
إِلى حَجَراتٍ أَدفَأَت وَأَظَلَّتِ
أَبَوا أَن يَمَلّونا وَلَو أَنَّ أُمَّنا
تُلاقي الَّذي لاقَوهُ مِنّا لَمَلَّتِ
يا اهل السودان تفسحوا في المجالس يفسح الله لكم
علي احمد دقاش
الجمعة٢٦ يناير٢٠٢٤

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.