منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ابراهيم عثمان يكتب : *الشفافية في زمن القحط ( ٢- ٦ )*

0

ابراهيم عثمان يكتب :

*الشفافية في زمن القحط ( ٢- ٦ )*

٢ / المنازل

إذا أخذنا أقوال بعض قادة قحت : زينب الصادق، والنور حمد، ومحمد عصمت، وجعفر حسن، وياسر عرمان بخصوص المنازل كمقياس لصدقهم وشفافيتهم وتمثيلهم للمواطنين سنجد أنهم كانوا بعيدين تماماً عن الصدق والشفافية وتمثيل المواطنين، وقد استخدموا التضليل وتزوير الحقائق والمغالطات ولي عنق المنطق، وقدموا للتمرد خدمات كثيرة :

▪️ قدموا له خدمة اتهام الطيران ( زينب )، واعتبار المنازل أهدافاً عسكرية ( النور )، واتهام الجيش بتجاهل القضية ( عصمت )، ووصف المطالبين بإخلائها بالمزايدين ( عرمان ) .. واتهام الجيش بتعطيل مرحلة أولى كان يجب أن تسبق إخلاء المنازل، و”التلميح” لاتهام الجيش بالمشاركة في احتلالها، واصطناع ضرورة تفرض المفاضلة بين إخلائها وحماية أرواح الناس ( جعفر ) .. وتجاهل إعلان جدة، وشرعنة الاستمرار في احتلال المنازل إلى حين انتهاء الحرب ( الجميع ) .
▪️ الملاحظ أن خدماتهم هذه قد غطت كل احتياجات المتمردين للعون في هذه القضية، وبالمقابل لا يستطيع المواطنون، مهما أسرفوا في حسن الظن، أن يستخرجوا منها ما يشير، ولو من بعيد، إلى تضامنهم معهم في هذه القضية، دعك من تمثيلهم والتعبير عن مواقفهم، وللتغطية على هذه الحقيقة يوهمونهم بأن الغرض من اشتراطات الإخلاء هي خدمتهم في جوانب أخرى، بينما الحقيقة أن الاشتراطات تتعلق بانشغالات قحت وحليفها المتمرد بما تحققه من استمرار بقائه بالمنازل لحين انتهاء الحرب واستخدامها للأغراض العسكرية وللابتزاز !
▪️هذا الانحياز للمتمردين على حساب المواطنين نتج من استحالة الجمع بين تضامنين صافيين، بل حتى غير صافيين، مع كليهما، فالقضية من النوع الذي يحتاج إلى اختيار حاسم، فالإدانة والتضامن – في ذات القضية – لا بجتمعان إلا إذا كان أحدهما مزيفاً، وبما أنه لا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن تضامنهم مع المتمردين هو المزيف، فإن الاستنتاج الصحيح هو زيف الإدانة الباهتة التي حملتها بعض بياناتهم وعدم شفافيتها في التعبير عن حقيقة موقفهم .
▪️المسألة المهمة التي فلتت من انتباههم هي مسألة من يمثل المواطنين في التفاوض بشأن المنازل، فكل تصريحاتهم لا تسلم فقط ( ضمناً ) بأن المفاوض الحكومي هو ممثل المواطنين، بل تزيد هذه الحقيقة تأكيداً، و”تتهمه” بالتشدد في الالتزام بواجب التمثيل !
▪️الوحيد الذي فطن لمسألة التمثيل هذه هو محمد عصمت الذي نقل عن المتمردين اتهامهم للمفاوض الحكومي بعدم طرح القضية في جولات التفاوض ! لكن هذا يطرح الأسئلة : من غير أمثال محمد عصمت يمكن أن يقبلوا بهذا العذر الكاذب والأقبح من الذنب ؟ من أصلاً يقتنع بأن إهمال قضية المنازل يمثل تهمةً عند محمد عصمت وجماعة قحت ؟!!
▪️ظل المتمردون يستلمون رسائل التضامن من قحت، ويردون التحية بمثلها، وظل التضامن يزداد وضوحاً مع مرور الوقت، إلى أن جاءت لحظة التقائهم بقائد التمرد في أديس أبابا فكانت لحظة فارقة نقلت هذا التضامن إلى مستوىً جديد، وحسمت نهائياً معضلة الاختيار ليس بين الجيش والمتمردين فقط، بل وبين المتمردين والمواطنين أيضاً، مع انعدام الشفافية للإعلان عن ذلك بصراحة .
▪️الشفافية الوحيدة المتاحة لمن يكون غرضهم الحقيقي هو دعم موقف المتمردين في قضية المنازل وتخطئة موقف الجيش، هي شفافية الانحياز للمتمردين، فالمواقف التي يفرضها هذا الاختيار سترسل بالضرورة هذا النوع من “الشفافية” رغم أنف من يحاولون إخفاءها !
▪️هذه التصريحات أثبتت أن أكثر الأطراف حرصاً على لتفاوض هو أقلها حرصاً على تنفيذ ما حدث فعلاً من تفاوض واتفاق، بل هو الذي يدعم عدم التنفيذ، رغم أن التنفيذ يقربهم من التفاوض، وفي هذا مجاملة للمتمردين على حساب التفاوض الذي يعولون عليه، وهذا يكشف حجم خضوعهم لسلطة المتمردين ودعمهم لرغبتهم في الاحتفاظ بالمنازل للأغراض العسكرية والابتزاز !
▪️وأثبتت أنهم لم يكونوا شفافين في سبب حرصهم على التفاوض، فسببه الذي يتضح من هذه التصريحات، ومن جملة مواقفهم، هو حرصهم على أن يجري التفاوض في ظل وضع عسكري يعتبرونه جيداً لهم، وكافياً لفرض شروطهم، وتحقيق مصالحهم السياسية لا ما يزعمونه من رفض لويلات الخرب وانحياز للمواطنين وحرص على أرواحهم وممتلكاتهم .
▪️ بقية مواقفهم بشأن مختلف قضايا الحرب لا تختلف عن مواقفهم بشأن قضية المنازل من ناحية مدى التزامهم بالشفافية وذكر الحقائق والانحياز للمواطنين، فإذا كانت هذه هي مواقفهم من القضية التي تضرر منها أكبر عدد من المواطنين فلا يُعقَل منطقاً، ولم يثبت واقعاً، أن يكون موقفهم بشأن بقية القضايا أكثر شفافيةً وانحيازاً للمواطنين وللحقيقة .
▪️الملاحظ أن جعفر حسن الناطق الرسمي باسم قحت كان أكثرهم عدم صدق، وعدم شفافية،وسخاءً في خدمة المتمردين، وفي تزييف الحقائق ولي عنق المنطق والاستخفاف بعقول المواطنين، وقد تفوق على عرمان نفسه !
▪️ الحقيقة أن مجهودهم الكبير هذا لم يصنع فرقاً لصالح المتمردين، لا لتقصير منهم لكن لأنهم كانوا محامين فاشلين عن قضية خاسرة، وقد خسروا كثيراً بأدائهم لدور محامي الشيطان .

إبراهيم عثمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.