ابراهيم عثمان يكتب : *الشفافية في زمن القحط ( ٤ – ٦ )*
ابراهيم عثمان يكتب :
*الشفافية في زمن القحط ( ٤ – ٦ )*
٤/ المقارنة مع الإنقاذ
كان هوس المقارنة مع نظام الإنقاذ، ولا زال، يسيطر على قادة قحت، ولإفراطهم في هذا الأمر كانوا يقعون أحياناً في مقارنات لا يمكن أن تكون في صالحهم إلا عند الجهلة الذين يسهل استغفالهم، الأمثلة كثيرة لكن سأنتقي منها أربعة :
١/ في الأيام الأولى لتعيينه ناطقاً باسم المجلس السيادي قال محمد الفكي سليمان : ( في إطار “الشفافية” تلقينا تنويراً من السيد رئيس مجلس السيادة عن إطلاق قمر صناعي، ولكن كانت مثل هذه المعلومات طبعاً لا تُكشَف في الفترة السابقة )، كان حديثه هذا فاتحة دخولنا في عصر تقحيط معنى الشفافية :
* إذ لم يحترم عقول سامعيه وافترض فيهم “الجهل” الذي يجعلهم لا يعلمون دواعي التكتم في مرحلة ما قبل إطلاق القمر الصناعي .
* وحاول تجيير الإنجاز لنظامه بأن يُمدَح بشفافية إعلانه ويُذَم أصحاب الإنجاز بقضاء حاجة البلد بالكتمان، فتحول حديثه إلى شهادة لذلك النظام بأنه لم يكن استعراضياً وكان يعمل وينجز في بعض المجالات الحساسة بصمت .
* وببحثه عن إدانة لذلك النظام من أبعد مظانها وبقوله ( كانت مثل هذه المعلومات طبعاً لا تُكشَف ) أوحى بوجود معلومات أخرى عن إنجازات مخفية، وصنع مشروعية السؤال : ماذا اكتشفتم أيضاً من الإنجازات المخفية ؟
٢/ قال حمدوك ( البنزين دا لما يتباع بهذا السعر الرخيص الشخص اللي عايز يشرب شاي من الثورة مع زول في الصحافة بمشي ويجي، لكن لو بدفع السعر الحقيقي ليهو بفكر مرتين عشان يعمل دا )، وهو هنا يجري مقارنة شفافة مع الإنقاذ :
* الشفافية هنا أخذت شكل الاعتراف بكذبهم عندما كانوا في السابق يزعمون عدم وجود دعم للسلع .
* وأخذت شكل وعد الناس بإنهاء حالة ( تدليل ) كانوا يعيشونها قبل حكومة رفع المعاناة !
٣/ قال أكثر من مسؤول في حكومة حمدوك إن الدولار الجمركي كان بدعة إنقاذية وسيتم إلغاءها :
* أيضاً اتخذت الشفافية هنا شكل الاعتراف بكذب القوم عندما كانوا يزعمون أن سعر الدولار الجمركي كان مرتفعاً جداً ويرهق المواطنين .
* وأخذت أيضاً شكل وعد الناس بإنهاء حالة ( تدليل ) كانوا يعيشونها قبل حكومة رفع المعاناة !
٤/ في معرض دفاعه عن التمويل الأجنبي لمكتب حمدوك قال خالد عندما سئل
عن الأمر : نحن دولة كانت معزولة عن العالم واستطاعت “الثورة” أن تجلب السند والدعم الخارجي في مجالات متعددة من بينها إسناد رئيس الوزراء !! .. وإذا أردنا أن نلخص ما يريد توصيله بكل شفافية وبعيداً عن الكلمات الحربائية سنجده أنه :
* تمويل الأجانب لمكاتب رؤساء الوزراء أمر طبيعي ولا غبار عليه، بل هو نجاح للحكومة التي تنجح في الحصول عليه، وحكومتنا قد نجحت في ذلك !
* نظام الإنقاذ كان نظاماً معزولاً لا يمول الأجانب مكتب رئيس وزرائه ولا يدفعون رواتب مستشاريه !
إبراهيم عثمان