ابراهيم عثمان يكتب :
*كنا نعرفهم لكن ليس إلى هذا الحد !*
بتاريخ ٧/ ٧/ ٢٠٢١ نشرت مقالاً تحت هذا العنوان أحصيت فيه الكثير الذي تفاجأنا به بعد وصول قحت إلى السلطة وفاق سوء ظننا بها، لكن بعد تمرد الدعم السريع ثبت أن فترة حكمهم لم تعرفنا بهم تمام المعرفة، وأنهم في الحقيقة أسوأ مما كنا نظن في ذلك الوقت . ولأن الذي فوجئنا به بعد التمرد كثير ولا يحتويه مقال واحد، فسيكون هذا المقال مخصصاً فقط لقضية المنازل والمرافق :
كنا نعلم أن التنسيقيين سيجاملون المتمردين لكن ليس إلى الدرجة التي اكتشفناها بعد التمرد :
▪️ ما كنا نظن أن أكثر التصريحات استفزازاً بخصوص المنازل والمرافق ستاأتي من التنسيقيين لا من المتمردين ! فإذا كان المتمردون قد ارتكبوا أسوأ ( الأفعال ) في المنازل والمرافق، فإن “التنسيقييين” قد “ارتكبوا” أسوأ ( الأقوال ) !
▪️كنا نعلم أن التنسيقيين سيحاولون مساعدة المتمردين في قضية المنازل والمرافق، لكن ليس إلى درجة أن يجتهدوا وحدهم، بلا عون من المتمردين، في التبرير والتسويف والاشتراطات وتقريع المعترضين !
▪️ كنا نظن أن زعماً كاذباً ويستحق وصف العذر الأقبح من الذنب كالزعم بأن “إعلان جدة” لم يتضمن إخلاء المنازل والمرافق يمكن أن يأتي من المتمردين إذا بلغ استغبائهم للناس منتهاه، وإذا بلغ استخفافهم بالقانون الدولي الإنساني قمته، لكنه أتى من جعفر حسن ومحمد لطيف !
▪️كنا نظن أن وصف المطالبة بالإخلاء بأنه “مزايدة” و”متاجرة” سيأتي من المتمردين، لكنه أتى من التنسيقيين الذين زعموا إنهم أدانوا وطالبوا بالإخلاء !
▪️ كنا نظن أنه لن يفوت على التنسيقيين معرفة أنه لا يمكن للذين يتهمون المطالبين بإخلاء المنازل والمرافق بالمزايدة والمتاجرة أن يكونوا – في لحظة توجيه هذا الاتهام – في حالة مطالبة حقيقية بالإخلاء، وإلا لشملتهم اتهامات المزايدة والمتاجرة !
▪️ كنا نظن أن المتمردين هم الذين سيفكرون في دفاع يقوم على تخيير ذي طابع ابتزازي للمواطنين؛ بين ( مصلحة خاصة ) متمثلة في إخلاء بيوتهم، و( مصلحة عامة ) متمثلة في إنهاء الحرب، وأنهم هم الذين سيصطنعون تضاداً زائفاً بين الإثنين يجعل المطالبة بالإخلاء الفوري بمثابة تقديم “مستهجن” للمصلحة الخاصة ! لكن فوجئنا بأن الصحفي محمد لطيف هو الذي فعل هذا !
▪️لم نكن نظن أن سوء ظنهم بعقول الناس سيصل إلى درجة توقع أن الناس لن ينتبهوا بأن ربط الإخلاء بانتهاء الحرب لن يحقق “مصلحة عامة” وإنما “مصلحة خاصة” للمتمردين متمثلة في الإقامة الهادئة المستمرة بلا منازعة وبلا إزعاج إلى حين التفاوض وانتهاء الحرب والحصول على ثمن الإخلاء !
▪️كنا نظن أن تمادي المتمردين في جريمة احتلال المنازل والجرائم المصاحبة لها سيزيد من إحراج التنسيقيين، وبالتالي سيزيد من قوة إداناتهم، ولكن ثبت أن التمادي ومرور الوقت قد أشعرهم بأن نوعاً من التطبيع مع الجريمة قد حدث الأمر الذي أتاح لهم الانتقال من الإحراج والإدانة الاضطرارية الفاترة إلى البجاحة و”قوة العين” !
▪️كنا نعلم أن الدفاع عن المتمردين مهمة شديدة الصعوبة، وأن أذكى المدافعين سيجترح دفاعاً رديئاً تأتي رداءته من رداءة “القضية”، لكن ما كنا نعتقد أن رداءة الدفاع ستصل إلى الحد الذي يجعل صحفياً مخضرماً كمحمد لطيف يبدأ تسجيلاً بالحديث عن انشغاله وزملائه بـ “تحريك الضمير العالمي للإحساس بالمآسي الإنسانية”، ويختمه برسالة “تنويم” إلى الضمير المحلي والعالمي فحواها بأن واحدة من أهم القضايا الإنسانية هي قضية هامشية ومزيفة والتشديد عليها مجرد مزايدة ومتاجرة !
▪️ كنا نعلم أن إداناتهم للمتنردين ستكون اضطرارية ومنزوعة الدسم، لكن ليس إلى درجة أن يبدأ أحدهم حديثه بإدانة احتلال المنازل والمرافق، ورفض “البقاء فيها”، ثم يجتهد في إدانة “موقفه” هذا واجتراح مسوغات عدم الاستجابة له !
▪️ كنا نعلم أن بعض العيوب التي ظهرت مؤخراً عند الدعم السريع جعلته جاذباً لهم، كصراعه مع الجيش، وتوسعه في التسليح والتجنيد بلا حاجة ذات صلة بمهامه التي حددها قانونه، وكتبعيته للخارج، وتسييسه ورغبته في إقصاء الآخرين والاستفراد بالسلطة، ومفهومه الرث للديمقراطية ومماهاتها بحكم أحزاب معينة بلا انتخاب، لمجرد يقينه بأنها الأكثر قابلية لربط مطامعها بمطامعه وبمطامع الخارج . لكن لم نكن نعلم أن حربه القذرة على المدنيين لن تقلل من جاذبيته عندهم !
▪️لم نكن نظن أن سوء ظنهم بعقول الناس سيصل إلى الدرجة التي تجعلهم يتوقعون أن الناس لن يلحظوا أن اتهامهم للمطالبين بإخلاء المنازل والمرافق يأتي بلغة أقوى من إدانتهم لجريمة الاحتلال نفسها ! حيث يأتي الاتهام للمطالبين بالإخلاء قوياً ومباشراً، ويحمل كل سمات الاتهام الحاد الموجه لمجرم !
▪️ لم نكن نظن أن سقف التنسيقيين مفتوح للقبول بـ، أو على الأقل السكوت عن، الأقوال المستفزة المتحاملة على المواطنين والداعمة للمتمردين مهما كان نوعها. لكن ثبت العكس، وإذا فكر أي شخصية عامة في اختبار هذه الحقيقة بأقوال شديدة الشذوذ والميل للمتمردين على حساب المواطنين، فإن المؤكد أنه لن يُقابَل بانتقاد من التنسيقيين، هذا إن لم يدافعوا عنه في مواجهة منتقديه !
إبراهيم عثمان
