منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.اسامة محمد عثمان يكتب : *الاستعمار وتغيب الوعي الوطني*

0

سؤال هل كان من الصعب على حكومة الاستعمار البريطاني أن تقسم السودان الي دويلات متصالحة منذ تاريخ تسليم الحكم للسودانين في العام ١٩٥٦م ويسبق ذلك تهيئة مدنية للمجتمع بتراضي تام دون أي معارضة تُذكر بعودة حدود مكوناته الاثنية والمناطقية لما قبل الحكم التركي (١٨٢٠ الي ١٨٨٥).
لكن أهداف بريطانيا الاستعمارية ذات الأهداف الاقتصادية ركزت على أن يظل السودان تابعا دون أدنى انعتاق لبريطانيا التي صنعت بؤر من الصراعات و التفرقه العنصرية والعقائدية بين مكونات الوطن وصناعة نخب سياسية تتحكم في مفاصل الدولة والمجتمع راهنة قرارات الدولة لمصلحة المستعمر.
لم يكن المستعمر بالغباء الذي يجعله يخرج يجر من خلفه اذيال الهزيمة دون أن يرسم مسارات استراتيجية لتلك التبعية من خلال ان يظل السودان دولة ضعيفة غير قادرة على استخدام مواردها البشرية والمادية كانت بداية المستعمر البريطاني الذي عمل على تغذية الحركة الانفصالية بين الشمال والجنوب بصورة تدريجية حيث عمدت بريطانيا عزل الجنوب السوداني الذي بدأ ينتشر فيه الإسلام واللغة العربية تدريجيا عن شماله المسلم، حيث منعت بريطانيا الاتصال بين مختلف قبائل السودان جنوبه وشماله، وإبعاد النفوذ المصري عن جنوب السودان تماما لطمس الهوية الجنوبيه السودانية التي بدأت تتشكل آن ذاك، وعملت على محاربة الدين الإسلامي واللغة العربية ونشر الديانة المسيحية وتعليم الجنوبيين اللغة الإنجليزية وتبديل حتى اسمائهم، وحاولت التخلص من الأسماء والأزياء العربية التي بدأت تسود في المجتمع لنتاج للحركة من الشمال الي الجنوب، وفرقت شمال السودان عن جنوبه عن طريق النظم الإدارية والعسكرية، حيث كونت الفرقة الاستوائية وقوة الدفاع السودانية واستخدام مصطلحات الأوامر الإنجليزية في قوات الجيش والأمن الجنوبي.
كل ذلك وكثير من السياسات والإجراءات الأخرى كانت لأجل أن يظل الجنوب يشعر بالتغريب في ظل التغذية العنصرية التي يظل يتلقاها المواطن الجنوبي عبر المدارس الكنسية التي كانت مدعومة من المنظمات الكنسية الأوروبية وكل ذلك لم يكن ببعيد عن التنسيق المباشر مع حكومة المستعمر.
خرجت بريطانيا المستعمره من السودان وتركت خلفها كم من البؤر الملتهبة بل لم تكتفي بذلك بل ظلت تصب عليها الزيت كلمها وجدت ان حدت اوارها قد خفت، كانت بريطانيا على علم تفصيلي بكل تفاصيل مكونات السودان وتنوعه الاثني والجغرافي لذلك عمدت على إتباع سياسات جعلت بقية اقاليم الشمال التي اوهمت أبناء الجنوب بأن بها انسان الشمال الذي كان يستعمرها ويضطهدها كانت سياسات تهميش مناطق أخرى وإهمال عملية التعليم و تقديم الخدمات أمرا مقصود لذات نواياهم تلك وكان لمناطق النيل الأزرق وشرق السودان ودارفور وجنوب كردفان عظيم الحظوة من الإهمال المتعمد.
هكذا ظل المستعمر يحكم السودان ونظرية فرق تسد ولم يكن تركيزه على صناعة دولة متماسكة باساس متين حتى تظل ترتهن نفسها بكلياتها دون انعتاق من التبعية.
من اسوء سياسات المستعمر التي كريها خلفه ولم تستطيع الدولة الانعتاق منها بعد ذلك هي سياسة التمييز بين مكونات القبائل السودانية عامة وبصورة خاصة في دارفور وجنوب كردفان مما أثر على العلاقات القبلية في تلك المناطق وتنامت على أثر ذلك الصراعات والنزاعات حول الموارد حيث كانت تسعي بعض المكونات القبلية التمدد والسيطرة على الأرض والمرعي على حساب المكونات الأخرى.
ظلت تلك البؤر المشتعلة واخرى ملتهبة تحت رماد السياسة والساسة وأجهزة مخابرات المستعمر شغلت الحكومات المتعاقبة بعد جلاء المستعمر العسكري عن السودان وظلت النيران تحت الرماد تارة واخرى ينقشع عنها لتشتعل تحرق كل حراك نحو صناعة دولة مدنية حديثة يمكنها ان تنهض بمواردها الذاتية فكانت حرب الجنوب التي اشتعل فتيلها في ظل وجود المستعمر وتركها تلهب جسد الوطن حتى احرقته وكانت الحروبات القبلية التي ظلت تزداد اشتعالا حتى تحولت إلى حركات قبلية مسلحة تلتها حرب شاملة قضت على الأخضر واليابس.
ما أردت أن أخلص اليه من تلك الاستدلالات البسيطة هو أن المؤامرة الكبرى لم تغيب لحظة عن ناظري صانعيها بل كانوا يعمدون الي مراجعتها كل حين واخر لمعرفة الي اين وصلت وماهي انخرافات التنفيذ وكيف يمكن تقويمها ثم ماذا بعد التي كانت واضحة جدا بعد ان تم فصل الشمال عن الحنوب بعد حرب طاحنة أنتققلت الحرب الي دارفور التي تحولت فيها الصراعات والنزاعات القبلية كانت تدار في مجالس الادارات الأهلية تحولت إلى حروب حركات مسلحة تناقش في المحافل الدولية وتبعها الشرق الذي شمله لطف الله فخمدت اوار فتنته مبكرا.
فالمتتبع المسارات تلك الأحداث وكيف كانت البدايات حيث كان الحديث عن الشمال العربي المسلم بحدوده الممتده من حفرة النحاس الي حلفا شاملا دارفور و كردفان الذي كان يضطهد أبناء الحنوب الزنجي المسيحي وبستعبدهم وكيف بعد ان إكتمل الانفصال كانت صناعة بؤرة لتهيئة إنفصال جديد في دارفور وكانت التغذية بذات النهج ضد الشمال الذي يمثل دولة الجلابة التي صنعت في العام ١٩٥٦م.
إن خططهم نحو التفكيك ماضية وفقا لرؤيتهم ولن يتوقغوا ولكن السؤال الأهم الذي يجب أن نطرحه نحن لماذا نخدم تنفيذ هذه الخطط وجعلها واقعا نقدم على تنفيذه دون أن نفكر في تبعات ذلك هل نحن مغيبون أم نحن راغبون ومدركون لمآلات ما يحدث… كل ذلك لأننا تغيب عنا الرؤية الوطنية الواحده التي تجيب على السؤال من نحن وماذا نريد اذا تمكنا من الإجابة سوف نتمكن من الصمود و النهوض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.