منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

حسين خوجلي يكتب: *بربر المؤمنة بباء البأس وراء الرقة*

0

حسين خوجلي يكتب:

*بربر المؤمنة بباء البأس وراء الرقة*

من التجارب الثقافية الحبيبة للنفس وللكثيرين (ملتقى المساء الثقافي) الذي كانت تقيمه اسبوعيا المساء للانتاج الاعلامي تحت شعار نحو فضاء ثقافي طليق. ومن الليالي التي لا تنسى أمسية عن مدينة بربر التاريخ والذكريات، كان الضيوف فيها شيخ المصرفيين الأستاذ الاقتصادي والمؤرخ والنسابة وشاهد العصر الاستاذ صلاح أبو النجا، ومعه الدبلوماسي العريق صاحب الحضور والتجليات حول الناس والحياة السفير حسان المصباح. وكان الفنان محمود علي الحاج بصوته المترع بالحيوية والفرح كروان تلك الليلة.
ومن ذكريات ذلك اللقاء أن استقبال الشركة بشارع واحد بالعمارات ازدحم اليوم التالي بالعشرات من الحضور يحملون حاملات السي دي والكاسيت يطلبون توثيقاً لليلة، وكان الأستاذ الشاعر الراحل الخال محمد طه القدال يستقبلهم بطلعته الودودة وترحابه الحفي، ويستلم منهم ما يطلبون بلا أجر، فكان يومها مديراً تنفيذيا للمؤسسة.
قلت له ممازحاً وقد طالبنا صاحب العقار بالاخلاء تعرف يا قدال لو أخذت رسماً من أثرياء بربر على هذه التسجيلات، لشيدنا مقراً بعدة طوابق للمساء) فرد ضاحكاً تكفي المقرات والطوابق التي نشيدها اسبوعياً في قلوب الناس) ويكمل الجملة: وهل للحب رسمٌ ومكوس؟ رحم الله ذلك الزمان ورحم الله القدال ورحم الله الخرطوم حيث كنا وكان السودان انذاك بداية الألفينات يتطلع ولا يتنطع.
وفي زعمي أن أي باحث جاد يرغب في التوثيق لتاريخ المدن السودانية، ستطل مدينة بربر بعراقتها وأسرارها ودورها في المقدمة. ومثلما للحرائر أسرار فللمدن أيضاً أسرار، وأرجو أن تبتدر إحدى دور النشر الجادة سلسلة عن حكايات المدن السودانية، كنا أرجو أن تكون بربر الثانية بعد أمدرمان. وللأسف تمضي هذه المعلومات الماسية دون أن يحفظها أحد، وتظل عبارة العارف ببواطن الأمور شاهداً ( بأن علم السودانيين إما في الصدور وإما في القيور)
وفي قامة مدينة بربر الموسومة بالحب والخير والجمال تداعت أبيات هذا المسدار:
بشوف بربر تلوح مالك مقودع ماش
سراة الهجرتين القارعوا الاحباش
ما دام بالمعارف وحساب المصارف حققت انعاش
محمود ليهو حق والكحلي والفراش

**حاشية:
محمود في البيت الأخير هو فنان المنطقة والناطق الرسمي بجمالها محمود علي الحاج، والكحلي هو القنان ابن بربر ذائع الصيت عبد العزيز محمد داوود، والكحلي لقبه الذي يداعبه به صديق عمره الأديب والقاص والشاعر والباحث الراحل البروفيسور علي المك، أما الفراش هو شاعر بربر الشهير ابراهيم الفراش الناظم الوسيم القسيم والفارس صاحب البريد بجمله البشاري الشهير، الذي صار شعاراً للجنيه السوداني أيام عزه.
ولأن أهل بربر وسائر السودانيين يبتدرون أفراحهم بالفن الشعبي، وفي الليلة الثانية بفنان من أهل الوتريات، فالقارئ الحق أن يقرأ البيت الأخير بوجهين محمود مرة ومجذوب مرةً أخرى، مجذوب أونسة صاحب الصوت المخملي هو أيضا من أبناء تلك المنطقة الصادح بجمال حرائرها ومكارم أحرارها. فهل بعد كل هذه الهيبة والذكرى والجمال تحتاج بربر لمقاومة وسلاح؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.