منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*جريدة اندبندنت البريطانية: كارثة بيولوجية تهدد السودانيين أكثر فتكا من الأسلحة الحربية*

0

كارثة بيولوجية تهدد السودانيين أكثر فتكا من الأسلحة الحربية
استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت الطبية وعدم وجود كوادر بسبب المعارك يقودان إلى أزمة وبائية

تفاقمت الأوضاع بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المعامل الرئيسة وسط العاصمة لفترة طويلة مما أدى إلى تلف عينات شديدة العدوى مثل الأنسجة والخلايا المريضة وكذلك الفيروسات الوبائية

تتزايد المخاوف من كارثة وبائية وخيمة العواقب تهدد صحة سكان الخرطوم، وبخاصة الأخطار البيولوجية، نتيجة توقف المعامل والمختبرات الطبية والبيطرية لأكثر من عام بسبب تصاعد وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل (نيسان) 2023، وصعوبة وصول الكوادر الطبية إلى مقار المستشفيات الحكومية والخاصة.

وتفاقمت الأوضاع بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المعامل الرئيسة وسط العاصمة لفترة طويلة مما أدى إلى تلف عينات شديدة العدوى مثل الأنسجة والخلايا المريضة وكذلك الفيروسات الوبائية والطاعون والجدري وغيرها، لتشكل أكبر الهواجس والأخطار على البيئة والصحة العامة.

مختبرات ومراكز

ويوجد أكثر من 80 في المئة من إجمال مستشفيات ومراكز الصحة ومعامل البلاد في العاصمة، وتضم أقساماً لتخصصات طبية دقيقة، خصوصاً مستشفيات الخرطوم لعلاج الأورام و”الشعب” للقلب ومستشفى “فضيل” التخصصي، إلى جانب المعمل المرجعي للصحة العامة الشهير بـ “معمل استاك”، الذي يعد أقدم وأكبر مختبر مركزي في السودان، ويرجع تأسيسه لما قبل 100 عام تقريباً، وهو مكون من خمسة طوابق ويطل على شارع القصر الجمهوري، ويضم أقساماً لمعامل عدة شديدة الأهمية والخطورة، منها الفيروسات والبكتيريا والأنسجة المريضة، وكذلك معمل الطفيليات والمناعة والأحياء الدقيقة، إضافة إلى معمل الكيمياء السريرية وأمراض الدم والدرن والفيروسات الوبائية.

ويرجع تأسيس “معمل استاك” الطبي لعام 1924، وأطلق عليه اسم الجنرال الإنجليزي السير لي استاك، سردار الجيش المصري وحاكم السودان حينها، تخليداً لذكراه بعد اغتياله في القاهرة خلال العام ذاته، كما يعد المعمل المركزي المقر الرئيس للبرنامج الطوعي للتبرع بالدم في البلاد ومقر البرنامج القومي لمكافحة الإيدز.

أمراض خطرة

واعتبر المتخصص في علم الفيروسات شريف عباس أن “المعامل ومختبرات المستشفيات المهملة مثقلة بما فيها مع غياب الكوادر الطبية وانقطاع التيار الكهربائي لفترة تجاوزت العام، وفي ظل إطالة أمد الحرب فإن كارثة صحية خطرة تحدق بسكان العاصمة السودانية، ويشمل ذلك أيضاً أولئك الذين يحملون السلاح وعليهم أن يعلموا أنهم مهددون بسبب الوضع في المعامل أكثر من تهديد السلاح نفسه”.

وأضاف أن “المعمل المركزي في الخرطوم يضم عينات فيروسية لأمراض بالغة الخطورة وسريعة الانتقال والعدوى، منها السل الرئوي والدرن والشلل والكوليرا، كما تحوي معامل عدة كميات كبيرة من الدماء المجمعة، بعضها فاسد ولا بد من التخلص منه بطرق آمنة وبخاصة الدماء التي تحمل أمراضاً خطرة، إذ تتعرض للتلف بسبب انقطاع التيار الكهربائي”.

وأوضح عباس أن “هناك عينات محفوظة داخل مبردات بدرجات حرارة تحت الصفر لأغراض التشخيص والفحص المعملي، وبالتالي فإن تعرضها للحرارة يسهم في تحللها بعد تبخر المواد الحافظة لتشكل أكبر الهواجس على البيئة والصحة”.

وناشد المتخصص في علم الفيروسات طرفي الصراع أن يتفهما هذا الوضع الكارثي الذي سيؤثر في سكان العاصمة بقدر لا يقل عن خطر القتال بالأسلحة”.

عينات آمنة

من جهته قال المتخصص في مجال العينات والأوبئة حمد مهدي إن “بعض المخالفات المسجلة في المستشفيات والأدوات الجراحية غير المعقمة تهدد بانتشار الأمراض والأوبئة المختلفة، خصوصاً الفيروسات الكبدية التي لديها خاصية فترة حضانة طويلة الأمد، ونقطة الدم منها تسبب العدوى لستة أشهر، كما أن الحقن المستخدمة في العمليات معدية للإنسان والحيوان”.

ونوه إلى أن “عينات مرضى السرطان تحفظ في فورملين لا يتأثر بدرجات الحرارة وهي غير معدية، فضلاً عن العينات المتعلقة بأمراض القلب، وليس هناك مخاوف في ما يتعلق بالدماء المجمعة لفيروس نقص المناعة ‘الإيدز’ لأنه ضعيف ويموت بسرعة”.

وحذر مهدي من أن “استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت الطبية وعدم وجود كوادر فيها بسبب المعارك سيقود إلى كارثة وبائية على الأبواب”.

ميكروبات بيطرية

تثير تداعيات الحرب المخاوف من تعرض المعمل المركزي للأبحاث البيطرية بمنطقة سوبا شرق الخرطوم إلى أخطار تلف آلاف العينات، سواء بالقصف الناري أو تدهور عمليات الحفظ، إذ تحتاج إلى تخزين في درجات حرارة تصل لـ 20 تحت الصفر داخل المبردات، وفقاً للمعايير العالمية.

ويقول المتخصص في الطب البيطري فارس مأمون إن “المعمل يضم 18 وحدة تشمل كل مجالات صحة الحيوان وتنتج 17 لقاحاً بيطرياً، وتحوي الثلاجات والمجمدات عينات جمعت من حالات أمراض مختلفة، مثل إنفلونزا الطيور والجدري وغيرها، مما سيقود إلى كارثة وبائية”.

وأضاف مأمون أن “هناك أقساماً أخرى في المعمل توجد فيها ميكروبات تسبب أمراض مثل الجمرة الخبيثة والحمى النزفية والسل وإنفلونزا الخيول، وكذلك البرسولا والجدري”.

وشدد المتخصص في الطب البيطري على أنه “في حال لم يتعامل مع هذه العينات، وفقاً لاشتراطات ومعايير الحفظ والسلامة أو الإجراءات الصحية الخاصة بالتخلص من المنتجات البيولوجية البيطرية، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بالمرض الذي يسببه الميكروب، سواء كان مرضاً حيوانياً أو مشتركاً بين الحيوان والإنسان”.

توقف الثلاجات

وعلى نحو متصل أوضح الطبيب المتخصص في الأحياء الدقيقة أمجد هاشم أن “استمرار الحرب حال دون الوقوف على الأوضاع الحالية في المعامل ومختبرات المستشفيات وتقييم حجم الأضرار التي لحقت بها نتيجة المعارك، ولا سيما في ظل انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الثلاجات الخاصة بحفظ العينات لأكثر من عام، وهو أمر غاية في الخطورة ويهدد بتفشي أمراض شديدة العدوى”.

وتوقع هاشم حدوث عواقب صحية وبيئية كبيرة لهذه الأزمة، فمستشفيات عدة في مناطق بولاية الخرطوم لم يعد ممكناً الوصول إليها، وحتى لو حدث ذلك فسيكون قد فات أوان معالجة الأمر بعد أن تعرضت العينات داخلها للتلف وتحولت إلى معضلة حقيقية.

ولم يستبعد المتخصص في الأحياء الدقيقة “تعرض هذه العينات والأنسجة للدمار الكلي أو الجزئي بسبب انقطاع التيار الكهربائي أو القصف الطائش الذي دمر كثيراً من المباني”.
…..

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.