منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د السر أحمد سليمان يكتب خناقات الأبناء: لماذا يتشاجر ويتعارك الأشقاء؟ وما هو دور الآباء؟

السر احمد سليمان
0

د السر أحمد سليمان يكتب

خناقات الأبناء:
لماذا يتشاجر ويتعارك الأشقاء؟ وما هو دور الآباء؟

تشهد الساحات الأسرية معارك كثيرة بين الأبناء الأشقاء سواء كانوا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ومن الذكور أو الإناث، وتشير نتائج بعض الدراسات إلى أنّ هناك 80 % من الأبناء قد تعاركوا مع أشقائهم.

ومن المهم للآباء أن يعلموا أن تلك المشاجرات والمعارك تعد أمرا طبيعيا متعلقا بمتطلبات نمو الذات لدى الأطفال، ونمو دافعية التنافس والإنجاز والكفاءة والتحكم، ونمو السمات القيادية وغيرها من مظاهر النمو النفسي والاجتماعي، ولذلك لابد أن يكون بين الأشقاء القليل من التنافس بين الحين والآخر، وتعد المستويات المعتدلة من الشجار بين الأشقاء جزءًا طبيعيًا من متطلبات النمو في الطفولة والمراهقة.

ومن العوامل المعززة لتلك المشاجرات والمعارك لدى الأشقاء الصغار: الرغبة في المزيد من الاهتمام، أو الشعور بالإحباط، أو عدم القدرة على التواصل بوضوح. وبالنسبة للأطفال في عمر المرحلة الابتدائية: الشعور بأنّ الأمور “غير عادلة”، أو التنافس على الأدوار العائلية (على سبيل المثال: من يمكنه ضبط الطاولة أو وضع القواعد في اللعبة).

أما المراهقون الأشقاء فمن العوامل المعززة للمشاجرة بينهم: انتهاكات الخصوصية المتصورة، أو التنافس على الإنجازات/الشعبية/موافقة الوالدين، أو التنافس على الموارد مثل الوصول إلى ألعاب الفيديو، أو سيارة العائلة، أو الملابس، وما إلى ذلك.

ومع أنّ احتياجات الأطفال والضغوطات التي تواجههم تتغير مع تقدمهم في السن، مما يؤثر على كيفية انسجامهم مع إخوانهم. إلا أنّ المزاجات والشخصيات الفردية تعلب دورا كبيرا في تلك المشاجرات، فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد الأشقاء ينزعج بسهولة والآخر أكثر استرخاءً، فمن المرجح أن يتصادموا في كثير من الأحيان.

متى تكون المشاجرات خطيرة؟

يمكن أن يصبح الشجار بين الأشقاء مشكلة إذا كان هناك عنف جسدي كبير. أو إذا حدث خلل كبير في توازن القوى، مثل المشاجرة بين طفل عمره 16 عامًا مع طفل عمره 8 سنوات. ويكون الشجار خطيرا أيضا إذا أصبح مزمنا ولم يتحسن، أو أنّ هناك تهديدات أو إصابات كبيرة. أو أنّ أحد الأخوة أصبح يهيمن على الآخر. أو عندما يصبح الشجار والعراك بمثابة تعطيل لعمل الأسرة أو يؤثر على أفراد الأسرة الآخرين. أو يبدو أحد الأطفال منعزلاً، ويشعر بالخوف من الأخ الآخر، ويظهر تغيرًا كبيرًا في حالته العاطفية (على سبيل المثال، أكثر غضبًا أو حزنًا أو قلقًا بشكل ملحوظ).

وإنّ إحدى أفضل الطرق لتحديد خطورة مستوى الشجار بين الأشقاء هو تقييم تأثيره العاطفي. فمثلا عندما ينتهي الشجار، هل يمكنهم العودة إلى التفاعلات الودية خلال فترة زمنية معقولة؟ أم أنّ التأثير العاطفي على أحد الأشقاء أو كليهما يبدو أنه يستمر لفترة أطول من يوم واحد؟

الآثار طويلة المدى للشجار والعراك بين الأشقاء:

على الرغم من أن الشجار بين الأشقاء أمر شائع، إلا أنّه لا يزال من الممكن أن يكون له تأثير ضار اعتمادًا على شدته وتكراره. فلقد وجدت الأبحاث أنّ التنمر على الأشقاء في طفولتهم يرتبط بمجموعة من النتائج السلبية لديهم في مرحلة الشباب، بما في ذلك انخفاض الشعور بالكفاءة، والرضا عن الحياة، واحترام الذات، والتعرض للاكتئاب.

ما دور الآباء في التعامل التربوي مع شجار الأبناء وعراكهم؟

مع أنّ الشجار يعتبر أمرا طبيعيا وضروريا للنمو إلا أنّه يحتاج للتدخل والإدارة الصحيحة من الآباء لكي لا يتجاوز حدوده المعقولة ويصبح خطيرا على نمو الأبناء. وذلك باستخدام الأساليب التالية:

1- تقديم النموذج الأسري الإيجابي من الزوجين أمام الأطفال: الأطفال يتعلمون بالملاحظة كثيرا من السلوك والعادات من والديهم، ولذلك عندما يكون هناك خلاف بين الزوجين فمن المهم أن تثبتوا لأطفالكم أنّه حتى عندما تتشاجروا، فإنكم لا تزالون تحبون بعضكم، ويمكنكم أن تقولوا لبعضكم أمام أطفالكم: “كنت أشعر بالغضب الشديد. أتمنى لو أنني أخبرتك بذلك بهدوء بدلاً من الصراخ. أنا أعمل على ذلك وسأبذل قصارى جهدي للتعبير عما أشعر به بشكل مختلف في المرة القادمة. أحبك “.

2- إيلاء المزيد من الاهتمام للسلوك الجيد: فبدلاً من التركيز فقط على تأنيب الأطفال على مشاجراتهم فمن المهم أكثر على السلوك الجيد، والحرص على إخبارهم بأنك رأيت ذلك. والأهم من ذلك، أن تكون صادقًا عند تقديم الثناء. وذلك لأنّ الإشادة بالسلوكيات الإيجابية التي ترغب في رؤية المزيد منها هي طريقة رائعة لزيادة وتيرة اللعب الصحي بين الأشقاء والتفاعلات التي تحدث بينهم.

3- إنشاء نظام التعزيز الإيجابي: يقدم بعض الآباء استراتيجيات إبداعية يحصل بموجبها الأطفال على “نقاط” مقابل السلوك الإيجابي، مثل تنظيف غرفتهم، واتباع التوجيهات، والحفاظ على اليدين والقدمين لأنفسهم، وإيقاف الشاشات عند الطلب، وما إلى ذلك. ومن ضمن ذلك أن يقول الآباء لأطفالهم: “ربما [يحصلون] على نقاط إضافية عندما يلعبون بشكل جيد معًا بدون عنف ومشاجرات.

4- اجعلوا الأمر هادئًا ومحايدًا: حتى لو كنت تشعر أنّ أحد الأطفال على وجه الخصوص هو سبب الصراع، فحاول التعامل مع الموقف من وجهة نظر محايدة. ابدأ بـ “ماذا يحدث؟” بدلاً من “ماذا فعلت أختك الآن؟” يمكن أن تؤدي المحسوبية المتصورة إلى المزيد من الصراع، خاصة عندما يتوق كلا الطفلين إلى الاهتمام.

5- لعب دور الوسيط وليس الحكم: بدلًا من حل النزاع نيابةً عنهم، قم بتعليم الأطفال الأشقاء كيفية الاستماع وحل المشكلات وتقديم التنازلات بأنفسهم. ويمكن أن تطلب من كل شقيق أن يشرح ما يشعر به، ويحدد الخطأ الذي حدث، ويتوصل إلى طريقة أفضل للتعامل مع الموقف من الآن فصاعدا.

د السر أحمد سليمان
أستاذ علم النفس التربوي
جامعة حائل
السعودية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.