منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

بهاء الدين مسعود يكتب السيف والنار لسلاطين باشا(٢)

0

بهاء الدين مسعود يكتب

السيف والنار لسلاطين باشا(٢)

محمد احمد المهدي
ومن أراد أن يدرك التفسير الحقيقي للاية (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فاليقرأ هذا الكتاب حيث هبوط البعض من اعلي هرم الحكم والملك الي قاع الهرم او ادني من ذلك كما صعد اخرون من ادني طبقات المجتمع الي اعلي درجات الحكم وهذا من أقدار وتدبير الله سبحانه وتعالى ولنا في ذلك أمثلة
في المقال السابق كان أول الأمثلة هو سلاطين باشا نفسه بعد أن كان الحاكم المتحكم والذي يؤمر فيطاع أصبح خادما ذليلا للمهدي وخليفته من بعده
سنخصص مقال اليوم كعظة وعبرة للسيد محمد احمد المهدي صاحب الثورة المهدية حيث ولد وترعرع في جزيرة لبب ضواحي دنقلا لأسرة بسيطة الحال اهتم ابوه بتعليمه وتحفيظه القرآن الكريم وعلومه ثم مالبث ان غادر الي بربر حيث التحق بخلاوي الشيخ محمد الخير لاكمال حفظ القرآن واخذ الطريقة علي يده وبايعه علي ذلك استأذن شيخه للذهاب الي الخرطوم للالتحاق بالشيخ محمد شريف وقد اذن له اسقبله الشيخ محمد شريف بحفاوة لما لمسه منه ادب وعلم وقربه اليه فاصبح من اتباع الشيخ والذي كان من اعلام الطريقة السمانية في السودان سرعان ما لمع نجمه كرجل دين وفقيه يتحلي بالعلم والمعرفة والزهد اختلف مع شيخه محمد شريف عندما أقام حفل بازخ بمناسبة ختان انجاله اباح فيها لاتباعه الطرب والغناء (يوم مفتوح ) رأي المهدي ان هذا السلوك ينافي ويجافي الشرع الحنيف وهو من البدع لم يقبل شيخه هذا الاعتراض فتم طرده من المشيخة ولم تفلح توسلاته واعتذاره للشخ في ارجاعه للطريق في المرة الثالثة استقل زيارة الشخ لضواحي دنقلا فطلب منه للمرة الثالثة العفو عنه الا ان الشيخ وبخه بصورة أعنف من سابقاتها وعيره بقبيلته (دنقلاوي) لم يقبل المهدي هذه الإساءة واسرها في نفسه .
طلب المهدي من الشيخ القرشي الانضمام لمشيخته كأحد مريديه وافق الشخ القرشي علي الفور فتوجه اليه في الجزيرة لمبايعته واخذ الطريقة منه عندما علم شيخه السابق نية المهدي في السفر الي الشيخ القرشي ارسل اليه احد الاتباع متبوعا بالعفو عنه والسماح له بمباشرة مهامة الا ان المهدي رد عليه كيف تقبل في مشيختك دنقلاو زنيم وواصل المهدي حتي استقر به المقام في الجزيرة عند الشيخ القرشي ثم استأذن شيخة في الذهاب والاستقرار في الجزيرة ابا فأذن له وزاع صيته هناك كأحد رجال الطرق الصوفية والفقهاء كما اشتهر أيضا بخروجه عن شيخه اعتراضا علي ما ارتكب من مخالفة صريحة للدين فزاد حب الناس اليه فاصبح يفدون اليه يلتمسون البركة والعلم . عندما توفي شيخه القرشي عاد الي القرية وشرع مع المريدين في بناء ضريح لشيخه وهاديه حيث مكث ستة أشهر حتي اكتمل بناء الضريح ثم عاد الي الجزيرة ابا في هذه الفترة توطدت علاقته بعبدالله التعايشي الذي قدم من دارفور ليكون في معية هذا الشاب الفقية وليأخذ العلم والطريقة علي يديه . عندما اتسعت دائرة المحبين والمريدين القادمين من مختلف أنحاء السودان أسر الي رفيقه وصديقة وحواره المقرب عبدالله التعايشي بمهديته وان الرسول صلى الله عليه وسلم حضر اليه في المنام وأخبره بذلك وطلب من التعايشي كتمان الأمر حتي يأتيه الأمر من الله بانطلاقة الدعوي وقد كان حيث حافظ التعايشي علي سر شيخه ولم يفشيه
ولم يمضي وقت طويل حتي بدأت الدعوة المهدية سرا ثم الهمس ثم الهمس جهرا ثم الإعلان علي الملأ بمهدية المهدي المنتظر المؤيد من الله ورسوله واصبح الناس يردون زرافات ووحدانا من بقاع السودان المختلفة للالتحاق بالمهدي وكل حسب نواياه فاجتمع له خلق كثير مما ازعج السلطات في الخرطوم والقاهرة والذين كانوا ينظرون اليه باستخاف شديد وانه مجرد درويش ثم مالبس،ان تطور الأمر حتي بدأ الصدام حيث بدأ صغيرا ومحدودا ثم ما لبث ان اتسع واخذ في الاتساع حتي صعب الفتق علي الراتق وسار المهدي،من نصر الي نصر حتي دخل الخرطوم فاتحا منتصرا مظفرا
ودانت له جميع اقاليم السودان وتربع علي عرش حكم السودان ولأول مرة تجتمع لشخص واحد ثلاثة سلطات
السلطة الدينية والسياسية والعسكرية وبدأ يفكر في التوسع لنشر دعوته خارج حدود السودان لكن عاجله الموت بعد ستة أشهر من تربعه علي عرش الحكم وقد اوصي بخلافته لعبدالله التعايشي ليكون الخليفة الأول والخليفة شريف وهو من اَل بيته ثم علي ودحلو الخليفة الثالث وهؤلاء يمثلون ابوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب كما ذكر سلاطين باشا وترك امر الخليفة الرابع شاغرا وهو ما يوازي عثمان ابن عفان الي وقت لاحق الا ان الموت قد عاجل المهدي سريعا وتسنم الخليفة عبدالله التعايشي سدة حكم السودان خلفا لشيخه محمد احمد المهدي الذي ولد فقيرا في ضواحي دنقلا وظل في انتقال دائم من شيخ الي شيخ ومن خلوة الي خلوة ومن طريقة الي طريقة
الي ان وصل مبتغاه حاكما مطلقا للسودان .. وكلا يبعث علي نياته
ملتقانا في البوست القادم مع الخليفة عبدالله التعايشي ان مد الله في الأعمار
والله الموفق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.