رهاب رهاب …. هكذا تولد الأفكار العظيمة د . محمد خير حسن محمد خير يكتب أجهرنا لهم إجهارا وأسررنا لهم إسرارا
رهاب رهاب …. هكذا تولد الأفكار العظيمة
د . محمد خير حسن محمد خير يكتب
أجهرنا لهم إجهارا وأسررنا لهم إسرارا
أعلن بنك السودان قبل يومين او نحوها تغيير جزئي في عملتنا الوطنية وذلك بتغيير فئة ال1000 وفئة ال500 جنيه والتي في المتوسط تعادلان نحو 80% من إجمالي الكتلة النقدية، وقد.جاء تبريرهم لعملية التغيير وجود عملة مجهولة الهوية وقد كتبنا كثيرا” وكتب آخرون عن أهمية تغيير العملة مذ حدوث الكارثة المالية في بداية الحرب نتاج نهب البنوك حتي البنك المركزي ومطابع العملة بل وظهور كميات من النقود المزيفة وقد أجهرنا لهم بالقول إجهارا وأسررنا لهم إسرارا أن لابد من توخي الوقت المناسب لعملية التغيير واستصحابها بتادبير إقتصادية وإدارية وأمنية تضمن نجاحها لان فشل عملية التغيير ستكون نتائجه حتما” كارثية .
أخطر مافي كثير من القرارات الإقتصادية المماثلة وجود Time Lag بين إتخاذ القرار وإنفاذه وقد أعلن هنا بنك السودان تغيير جزئي للعملة الوطنية وذكر انه سيعلن لاحقا” الفترة التي سيتم فيها عمليات التغيير للجمهور والمؤسسات وهذا لعمري ما كنا نخشاه .
لكي ما تنجح عملية تغيير العملة الوطنية لابد من إتخاذ عدد من التدابير والإجراءات التي تطمئن الجمهور والمؤسسات وتعزز ثقتها في النظام المصرفي ليودعوا مدخراتهم إن تبقى لديهم مدخرات بعد النهب الممنهج الذي حدث في بلادنا نتاج هذه الحرب اللعينة . لابد من تفعيل الأمن الاقتصادي ليضطلع بدوره لتتبع حركة الأموال المشبوهة .. لابد من ضمان استقلالية البنك المركزي ليقوم بإتخاذ حزمة من السياسات النقدية التي تناسب هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا .. ثم لابد من تعظيم عمليات الدفع الالكتروني وتوسعة دائرة الشمول المالي رغم عِظم التحدي الناتج عن هذه الحرب ووقوع مناطق جغرافية تحت سيطرة المليشيا المتمردة .. لابد من الاستفادة من تجارب تغيير العملة التي حدثت في الفترة السابقة والتي اثرت بعضها بصورة سالبة جداً علي ثقة الجمهور في قدرات النظام المصرفي المتعلقة بعمليات السحب بعد ايداعهم لاموالهم …
ولمحاولة المقاربة بين التجارب المماثلة اذكر هنا نموذجين من التجارب الدولية لعلنا نتجنب من بعض ما وقعوا فيه من تعقيدات والاستفادة من الإيجابيات التي تحققت …
غيرت *تركيا* عملتها عام 2005 وقد دفعها الي عملية تغيير العملة حينها تذبذب سعر صرف عملتها الوطنية ،عجز متواصل في موازنة الدولة دفعها للإقتراض من الخارج وبالتالي تزايد مديونيتها الخارجية، تزايد معدلات التضخم، تزايد العجز في الميزان التجاري وتزيد معدلات البطالة .. اصدرت تركيا ليرة جديدة حذفت منها ستة اصفار أصبحت بموجب ذلك 1 ليرة تعادل 1 دولار أمريكي… غير انه ادي الانتقاص من استقلالية البنك المركزي التركي الي أضعاف ثقة الاتراك والمستثمرين الاجانب في سياسات واجراءات النظام المصرفي التركي فبدأوا في زيادة مدخراتهم من العملات الأجنبية وقد ادي تدهور مستوي الثقة الي افشال هذه التدابير مما ادي الي مزيد من التدهور في سعر صرف العملة الوطنية وتزايد معدل التضخم..
اما في إيران فقد كان وضعها في بعض جوانبه يشابه ما يحدث في بلادنا فإيران تعاني جدا من عقوبات وحصار إقتصادي مفروضين من الغرب ومن مظاهره تزايد معدل التضخم وسيادة اكثر من سعر صرف للعملة الوطنية وارتفاع مستوي اكتناز الأموال خارج النظام المصرفي مما اضعف قدراته علي إدارة الكتلة النقدية لتحقيق أهداف وغايات السياسات النقدية .. ولعل أكبر المشاكل التي عانت منها إيران التزوير الممنهج لعملتها الوطنية كوسيلة لإقعاد الاقتصاد الايراني وجزء من الحرب الإقتصادية المفروضة عليها ..
اضطرت إيران الي تغيير عملتها عام 2019 حيث حذفت أربعة اصفار من الريال وإحلال التومان الذي يعادل 10 الف ريال محله فأصبح 1.5 تومان يعادل 1 دولار … واجهت التجربة الإيرانية عدد من الصعوبات لعل أهمها عدم استقلالية البنك المركزي والذي أصبح بإنتقاص قدراته غير قادر علي تحقيق الإستقرار النقدي وبالتالي إضعاف قدرته في التحكم في سعر الصرف ومعدل التضخم وغيره من المؤشرات النقدية الكلية وقد أدي الأمر الي مزيد حدوث معدلات نمو سالبة في الGDP الايراني ..