منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د عبدالباقي الشيخ الفادني يكتب : *قراءة في دفاتر حرب الكرامة: جهاد صادق وإنتصارات مستحقة*

0

د عبدالباقي الشيخ الفادني يكتب :

*قراءة في دفاتر حرب الكرامة: جهاد صادق وإنتصارات مستحقة*

* لم يكن السودان يوماً بمنأى عن التحديات والمخاطر والمؤامرات ، لكنه في حرب الكرامة واجه أكبر مؤامرة في تاريخه ، استهدفت وجوده وسيادته عبر تمرد مليشيا الدعم السريع التي حظيت بغطاء دولي وإقليمي سعى لإعادة تشكيل المشهد السوداني وفق أجندات لا تخدم مصالحه .
* رغم خطورة المؤامرة وفداحة الخيانة فقد برهنت القوات المسلحة السودانية إلى جانب القوات النظامية والقوات المشتركة على صلابة عزيمتها في الدفاع عن الوطن مستمدةً قوتها من تلاحم الشعب السوداني والتفافه حول جيشه في معركة البقاء والاستقلال .
* جابهت القوات المسلحة السودانية حرباً غير تقليدية ، حيث لم يكن القتال مقتصراً على ميليشيا متمردة بل إمتد ليشمل تدخلات ودعماً خارجياً هدفه زعزعة الإستقرار وخلق واقعاً جديداً يخدم مصالح أطراف خارجية .
* رغم ذلك كله تمكن الجيش السوداني بخبرته القتالية الطويلة وإيمانه بعدالة قضيته ووطنيته وعقبدته من الصمود وتوجيه ضربات إستراتيجية أنهكت العدو وهزمته مما أجبره على الإنسحاب من مواقع حيوية في الجزيرة والخرطوم .
* لم تكن هذه الإنتصارات مجرد تحولات ميدانية بل كانت تعبيراً عن تفوقاً تكتيكياً وعقيدةً قتاليةً راسخة جعلت الجيش السوداني يثبت أمام تحديات عجزت عن مواجهتها جيوش أخرى كانت تعد في مصاف جيوش العالم .
* لا يمكن الحديث عن حرب الكرامة دون الإشارة إلى الدور العظيم الذي لعبه الشعب السوداني الذي لم يخذل قواته المسلحة في أحلك اللحظات ، فقد وقف الشعب بكل أطيافه صفاً واحداً في وجه التمرد مقدماً الدعم اللوجستي والمعنوي رافضاً أي محاولة لشرعنة وجود المليشيات .
* فقد برزت المبادرات الشعبية في تنظيم الإمدادات وتأمين الطرق ، وتقديم المعلومات الاستخباراتية وإنتظمت المقاومة الشعبية مقاتلةً إلى جنب الجيش ما ساهم بشكل مباشر في حسم العديد من المعارك لصالح الجيش السوداني .
* إن هذه الوقفة الوطنية الصلبة شكلت درعًا منيعاً ضد مخططات تفكيك الدولة وأكدت أن السودان لا يزال موحداً رغم المحاولات اليائسة لزرع الفتن وسط مكوناته المجتمعية .
* مآلات مسار الحرب ومستقبل السودان بعدها :
1. مع إستمرار القوات المسلحة في تحقيق التقدم الميداني أصبح السودان أقرب من أي وقت مضى إلى إستعادة سيادته الكاملة فانسحاب مليشيا الدعم السريع من مواقع إستراتيجية يعني أن ميزان القوة قد رجح لصالح الدولة السودانية، وأن مشروع التمرد يواجه نهايته المحتومة ، ومع ذلك فإن التحدي الحقيقي يكمن في تأمين هذه المكاسب ومنع أي محاولات لإعادة إنتاج الفوضى .
2. بعد إنتهاء الحرب سيواجه السودان تحدي إعادة الإعمار وهو ملف لا يقل أهمية عن الإنتصار العسكري فالبنية التحتية التي تعرضت للدمار تحتاج إلى جهود وطنية ودولية لإعادة تأهيلها ، كما أن المجتمع السوداني بحاجة إلى برامج تعزز التماسك الإجتماعي ، ومعالجة آثار الحرب على المدنيين .
3. رغم محاولات المليشيات زرع الفرقة بين السودانيين إلا أن الحرب أكدت أن وحدة الوطن فوق أي إعتبار ، ولضمان عدم تكرار سيناريوهات التمرد يجب تعزيز مفهوم التعايش السلمي بين مختلف المكونات من خلال المصالحة الوطنية ودعم المشاريع التنموية التي تمنع أي بيئة خصبة لنشوء التمردات مجدداً .
4. لا شك أن نتائج حرب الكرامة ستنعكس على مكانة السودان على المستوى الإقليمي والدولي إذ سيكون لهذا الإنتصار أثر في إعادة تشكيل موازين القوى وفرض معادلة جديدة تعكس إستقلالية القرار السوداني ، كما أن الدول التي ساندت التمرد ستجد نفسها مضطرة لإعادة حساباتها في ظل نجاح السودان في الحفاظ على وحدته وهزيمة مشروع الفوضى .
* ختاماً لابد أن نقر أن حرب الكرامة لقد أثبتت أن السودان عصيٌّ على الانكسار ، وأن جيشه وشعبه قادران على مواجهة أي تحدٍّ مهما كان حجمه ، فمعركة اليوم ليست مجرد صراع عسكري بل هي معركة وجود وإستعاده للكرامة الوطنية وإعادة رسم خارطة المستقبل بعيداً عن التدخلات الأجنبية .
* مع إقتراب ساعة الحسم يثبت السودان مرة أخرى أن إرادة الشعوب هي التي تنتصر وأن الحق مهما حورب فإنه يعلو ولا يُعلى عليه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.