منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار
رجال حول القوات المسلحه 5 عميد م د. محمد الزين محمد أحمد يكتب : *رجلٌ في مهب التحديات :* *صمودٌ لا ... *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 6/6* *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 5/6* *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 4/6* *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 3/6* *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 2/6*‏ *"هنا ستموت":* *‏جرائم حرب مروعة: تحقيق الغارديان يكشف فظائع مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) 1/6* زهر فضيل تكتب : *‏الشر القادم من ‎الإمارات.. إلى ‎الجزائر و السودان* ابراهيم عثمان يكتب : *تسويق العدوان لا نفيه!* إبراهيم مليك يكتب : *دور الواجهات الدينية والإجتماعية فى إفشال مخطط تفتيت السودان*

من أعلي المنصة ياسر الفادني يكتب:  *إِنْتَ الجميل في العُشرَة لي آخر مَدَى !*

0

من أعلي المنصة

ياسر الفادني يكتب:

*إِنْتَ الجميل في العُشرَة لي آخر مَدَى !*

في فضاءات الأغنية السودانية، يبرز إسم الشاعر مصطفى سند كواحد من فرسان الكلمة الذين منحوا الأغنية بعدًا جماليًا إستثنائيًا، حيث صاغ مفرداتها بروح الشاعر المجدد الذي يمزج بين العاطفة والموسيقى الداخلية للكلمات ، من بين إبداعاته الخالدة، تأتي أغنية “غلطان بعتذر” التي أداها الفنان الكبير صلاح مصطفى بإحساس عميق جعلها واحدة من أجمل أغاني الاعتذار في تاريخ الغناء السوداني

الأغنية تنضح بمشاعر الندم والاعتذار، وهي تجسد ببراعة ذلك الصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان حين يدرك أنه قد أخطأ في حق من يحب، تبدأ الكلمات بعبارة “ما عدتُ قادرً أنتظر”، وهي مقدمة تحمل في طياتها توتر الانتظار ولهفة الاعتراف بالذنب، لتتبعها الجملة المحورية “سامحني، غلطان بعتذر” التي تأتي كإعلان صادق عن الاعتذار والندم العميق، هذه العبارة البسيطة في ظاهرها تحمل قوة شعورية جارفة، حيث لم يستخدم الشاعر تعبيرات معقدة، بل لجأ إلى لغة سلسة أقرب إلى الحديث العاطفي الصادق، مما جعل الأغنية قريبة من وجدان المستمع

في مقاطع الأغنية، ينسج مصطفى سند لوحات شعرية آسرة، حيث يصف العتاب الذي أدى إلى القطيعة بألم واضح، قائلًا “ما كنت قايل من عتاب، تحكم عليَّ بالوحدة والشوق والعذاب”. هنا، تتجلى براعته في إستخدام التضاد بين الوحدة والشوق، فكلاهما حالة وجدانية متناقضة لكنها تندمج في إطار شعوري واحد هو العذاب العاطفي ،الشاعر لا يكتفي فقط بسرد المشاعر، بل يجعل المستمع يشعر بها ويتقمصها، وكأنه هو من يعيش حالة الندم والحنين

في بيت آخر، يتجلى الحس الموسيقي الفريد لمصطفى سند، حين يقول “كيف تنسى لهفة قلبي ليك، تنسى الحنان الكان لديك”، وهنا يظهر الاستخدام البارع للجناس اللفظي بين ليك ولديك، ما يمنح النص موسيقى داخلية تجعله أكثر وقعًا وتأثيرًا كيف لا… إنه شاعر يفهم تمامًا كيف تبنى الأغنية على إيقاع داخلي متناغم يجعل الكلمات تنساب كالموج الهادئ الذي يحرك المشاعر دون عنف، بل برقة تمس القلب مباشرة

لم يكتفِ الشاعر بالتوسل العاطفي المباشر، بل أضاف بعدًا تصويريًا ساحرًا حين قال “لو مرة اسمك في البعيد شايلو الصدى، بلّ النسائم الحلوة بي قطر الندى”، حيث يخلق هنا صورة شاعرية بديعة تجمع بين الصوت والصدى وبين الجفاف والمطر في إشارة إلى أن الحنين يمكن أن يكون بلسماً حتى في لحظات القسوة والبعد، هذه الصورة المشبعة بالإحساس تجعل الأغنية تخرج من إطار الاعتذار العادي إلى مستوى من التصوير الفني العميق

ومن الجوانب الجمالية المهمة في هذه الأغنية أنها تحمل روحًا سودانية أصيلة، سواء في التراكيب اللغوية أو في طريقة التعبير عن المشاعر. كلمات مثل “الحسن والطبع النبيل، يغضب يجور” تعكس الثقافة السودانية في تصور الحب والاعتذار، حيث يظل الحبيب المخطئ متمسكًا بالأمل في التسامح، مستندًا إلى شهامة الطرف الآخر ورقيه الأخلاقي

أما الأداء الغنائي للفنان صلاح مصطفى، فقد كان متفردًا بحق، حيث أضاف للأغنية روحًا جديدة عبر صوته العذب وإحساسه العميق. غنى الكلمات وكأنه يعيش كل حرف فيها، فجاء أداؤه ممتلئًا بالشجن والصدق، ما جعل الأغنية تدخل القلوب دون استئذان. طريقته في استخدام المدّ الصوتي في بعض الكلمات، وطريقة إخراجه للحروف، جعلت المستمع يشعر بأن كل جملة تحمل قصة خاصة، وأن كل عبارة تخفي خلفها عاطفة جارفة تتجاوز حدود اللغة إلى فضاء الإحساس المباشر.

إني من منصتي أنظر….حيث استمع بحب لأغنية سامحني غلطان بعتذر …هذه الأغنية ليست مجرد اعتذار، بل هي حالة شعرية متكاملة تجمع بين الصدق العاطفي، والصور الشعرية الرقيقة، والإيقاع الموسيقي العذب، والأداء الصوتي البديع. إنها درس في كيف يمكن للكلمة أن تكون رسالة سلام، وكيف يمكن للشعر أن يكون أكثر من مجرد حروف، بل نبضًا حيًا يتردد في القلوب ، لقد إستطاع مصطفى سند عبرها أن يمنح الإعتذار بعدًا جديدًا، وجعل من الخطأ فرصة للبوح، ومن الندم أغنية خالدة ترددها الأجيال، لتؤكد عبارة أنه : الجميل في العشرة لي آخر مدى ، دا الغنا ولا بلاش .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.