زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة تكتب : *الحرب والطلاق
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة تكتب :
*الحرب والطلاق
الحرب افرزت واقعاً مغايراً لواقع ماقبل الخامس عشر من ابريل فتغيرت السلوكيات وطرائق الحياة ونظام الغذاء وحتى ساعات النوم لم تسلم من التغيير فتقلصت اما المفردات فتلونت بلون الدماء وتسربلت بعبق البارود وتسامت فوق الرقة فأصبحت قدر المرحلة عند الكبار والصغار فالصغير يحدثك بلسان الكبار فيدهشك بكلماته الدالة على نضج عقليته التي استدعت الماضي البعيد لعلي عبد اللطيف والماضي القريب لعلي عبد الفتاح والحاضر الماثل لعلي أبو ضريس .
قد اختلف مع من يقول أن الحرب كلها شر على عمومياتها وإطلاقها ففي وجهة نظري أن في طيات المحن منح وفي عتمة الحروب بؤرة ضوء فمثلما الطلاق أبغض الحلال عند الله أي بمعنى انه حلال إذا دعت الحاجة إليه وتركه أولى ما استطاع الزوجان إلى ذلك سبيلا فالحرب لا يريدها صاحب عقل سوي ولكن إذا فرضت عليك فينبغي أن تخوضها بشرف فالحرب الذي فرضتها المليشيا على الشعب السوداني يكفي انها وحدت الوجدان الوطني خلف جيشه ويكفي أنها بعثت وجددت فينا حب الوطن ويكفي أنها نفضت الغبار عن أدبيات الحماسة والجهاد فعادت بقوة يرددها الأشبال قبل الكبار.
كنت بالأمس شاهدة على مضابط حوار بين طفل لم يتجاوز الثانية عشرة ربيعا وبائع متجول يحمل ملابس أطفالية فبدأ الطفل يتحسس الملابس ويقلبها وسأل عن سعر لبسة (الكاكي) كم يبلغ سعرها فقال له البائع إنت أبوك عسكري فرد عليه الشبلي ماضروري يكون عسكري أن بحب الجيش ولما أكبر بدخل الكلية الحربية وابقى ضابط فقال له البائع ليه داير تبقى ضابط فرد الشبلي عشان اقتل الدعامة واجيب تار أهلنا الكتلوهم في ود النورة والسريحة والجنينة وامس القريب دا في زمزم وانا والله داير ادرب ومشيت ناس كسلا قالوا لي إنت صغير وهسه لما ارجع الخرطوم بمشي أدرب والله والله الدعامة ديل حدنا معاهم ام دافوق فأعجب البائع من حديثه وقال له كمان والله والله اللبسة تشيلها لاقرش لا خمسة.
حديث الطفل المتدفق بكل عفوية يؤكد لك أن شعباً أشباله هكذا لن تكسر إرادته مليشيا ولو استقوت بيهود العرب دولة الإمارات ويؤكد لك حقيقة أخرى أن المليشيا واعوانها من أحزاب الشلل الرعاش الذين يساندونها مهما بثوا من سموم لن يتمكنوا من افئدة الشباب وجرهم إلى حافة الإنزلاق والإرتزاق وجاء الرد عليهم قاسياً بإن إنخرط الشباب في معسكرات الكرامة دفاعاً عن عزة وكرامة الوطن وإنسانه فهل هناك رد أبلغُ من ذلك.. لنا عودة.