ياسر الفادني يكتب : *لماذا تأخر تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس؟*
ياسر الفادني يكتب :
*لماذا تأخر تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس؟*
سؤالٌ مشروع، لكنه في الحقيقة ليس عن التأخير فحسب، بل عن حجم التعقيد الذي يواجه رجلاً أتى من خارج الصفقات، واصطدم منذ اللحظة الأولى بواقعٍ شديد الالتواء
واضح أن المتاريس الحقيقية تقف عند بوابة الحركات المسلحة، التي لا تزال تفكر بمنطق ما قبل الدولة، وتتعامل مع الحكم كغنيمة تُوزّع، لا كمسؤولية تُحمَل، هذا ليس توقيت المطالبة بالكعكة، ولا لحظة القفز على المقاعد
الوطن الآن ينزف في جبهات القتال، وتتشظى مؤسساته في ميادين الصراع، وليس مقبولًا – لا وطنيًا ولا أخلاقيًا – أن يُفرَض على هذا الواقع حوار سلطوي مغشوش، يلهث وراء تقسيم المغانم وكأننا خرجنا لتونا من نصر وهمي
الحكومة المقبلة لا ينبغي أن تكون ميدان سباق بين الولاءات، بل محطة عبور نحو وطن يُعاد بناؤه بعقول حرة وكفاءات نقية، ومن يظن أن التبعية السياسية تمنحه حق امتلاك الكرسي، فليعلم أن المرحلة لا تعترف إلا بالكفاءة، ولا تقبل إلا من أثبت أنه أهلٌ للمرحلة لا تابعٌ لها
إن تأخير التشكيل ليس إخفاقًا من الرجل، بل انعكاس لصبره على مشهد يعج بالأنانيات، ومحاولاته لترويض نزعات التمكين في لحظة لا تحتمل العبث
لا نحتاج لحكومة ترضي كل صوت مرتفع، بل حكومة ترمم ما تبقى من جسد الدولة، وتغلق أبواب المزايدة إلى الأبد، فالوطن لا يبنى بـ”السيجة السياسية”، بل بعقل جماعي يتجاوز حب الذات، ويقدّم المصلحة الكبرى على الفُتات
كفى استخفافًا بعقول الناس، وكفى مناورات في زمن الحقيقة، فمن لم يدرك أن “الكرسي” صار عبئًا لا مكسبًا، فلا مكان له في مضمار الكسب الوطني.