منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

من أعلى المنصّة ياسر الفادني *بنك السودان فرع ود مدني: إحترق المبنى، لكن المعنى وقف شامخًا*

0

من أعلى المنصّة

ياسر الفادني

*بنك السودان فرع ود مدني: إحترق المبنى، لكن المعنى وقف شامخًا*

ياسر الفادني

ليس مجرد مبنى على شارع النيل،
بنك السودان المركزي في مدني، ذلك الصرح الذي كان فخيمًا، يبعث في النفوس هيبة المال والدولة، تحوّل اليوم إلى حطام محترق، وقد تشوّه جانبه الغربي تماما لكنه رغم كل ذلك ما زال يحمل معنى لا تطاله النيران

ما لا يعرفه كثيرون، أن هذا البنك لم يكن مجرد مؤسسة مصرفية ، فعندما إستباح الأوباش مباني البنك المركزي بالخرطوم، إنبعثت من هنا شرارة الصمود المصرفي، أصبح بنك السودان فرع مدني هو الرديف الحقيقي لرئاسة المركزي؛ فحمل عبء المعاملات وضخّ النقود إلى الولايات، دون أن تتوقف المرتبات أو الإنتاج أو التداول المصرفي، فحال دون إنهيار الإقتصاد والنظام البنكي،
كان العاملون فيه على قدر الوطن، أدّوا ما عليهم وأكثر، وصمدوا كجنودٍ مجهولين في معركة لا تقلّ ضراوة عن ساحات القتال

ولأن الشرف يُغضب الجبناء، جاء الاعتداء الغادر، روّجت الميليشيا كذبة ساذجة، قالت فيها : إن طيران الجيش هو من قصف المبنى والحقيقة أبعد من ذلك بكثير؛ لم يكن الهدف تدمير المبنى، بل نهب ما في خزائنه من أموال،
حاولوا كسرها فلم يفلحوا، فالخزائن كانت مؤمّنة لا يخترقها الرصاص، وعندما فشلوا، أطلقوا وابلاً من الدانات وأشعلوا الحريق
فإحترق المبنى، نعم، لكن ما إحترق أكثر هو حلم السرقة الذي خنقته مناعة المعدن وحراسة المعنى

بنك السودان فرع مدني يدير ويُشرف على قرابة السبعين فرعًا من فروع البنوك التجارية في ثماني محليات ، لكنه رغم هذا الثقل المصرفي والأداء الإقتصادي والإداري، لم ينل حظه من الترفيع إلى مصاف الفروع الإقليمية، بينما نالت فروع أخرى هذا الشرف، رغم أن أعباءها الإدارية والإشرافية أقل، كفرعي عطبرة وبورتسودان،
قد تكون هناك تقديرات لقيادة البنك المركزي لا نعلمها، ولكن السؤال يظل مطروحًا: لماذا؟ وبأي منطق يُقصى من صمد طيلة السنة الأولى للحرب؟
ولا يخفى على أحد أن مؤسسة البنك المركزي ساهمت في ثبات الدولة، وأن هذا الفرع نال شرف البطولة دون تباهٍ أو ظهورٍ إعلامي، لكنه كان في الموعد،
فكيف يُكافأ من لم يُختبر طيلة فترة الحرب؟

هذه رسالة نرفعها إلى السيد محافظ بنك السودان المركزي:
أن يُعاد بناء ما تهدّم، لا فقط في الطوب والخرسانة والكلادن ، بل في الإعتراف والإنصاف لمن أدّى دور البطولة، وعمل في ظروف ضاغطة، دون كللٍ أو ملل، وأدّى واجبه بتجرّد ونكران ذات،
وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

سعادة المحافظ،
لابد من ترميم المبنى وإعادة بنائه، ليظلّ البنك المركزي رمزًا للصمود، ولابد من تقدير الجهود التي بُذلت، وتكريم العاملين فيه تكريمًا وطنيًا يليق بما قدّموه حين دنس المغول الجنجويدي المركز

إني من منصتي أنظر ….حيث أقول بملء فيَّ : لقد إحترق المبنى، نعم، لكن المعنى أفصح تفردا وكرامة وتاريخ منسوبيه الوطني سوف يظل شامخًا و(سَجِل ياتاريخ)! .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.