*الحرب في دار الريح … نظرة من الداخل! (2)* محمد التجاني عمر قش
*الحرب في دار الريح … نظرة من الداخل! (2)*
محمد التجاني عمر قش

تناولت الحلقة السابقة مواقف بعض مكونات دار الريح تجاه المليشيا المتمردة، وجاء فيها أن تلك المكونات توصلت لتفاهمات مع المليشيا مقابل دعم مالي فغضت الطرف عن تحركاتها في المنطقة وتعاونت معها بشكل يهدد الأمن القومي للبلاد حيث مكن ذلك التواطؤ والتماهي المكشوف الدعم السريع من بسط سيطرته على معظم إن لم نقل جميع قرى وبلدات دار الريح ونشر فيها عناصره واتخذها مراكز انطلاق لمهاجمة العاصمة المثلثة والولاية الشمالية عن طريق إطلاق المسيرات الإستراتيجية من الحدود الشمالية لولاية شمال كردفان، فأصابت منشآت حيوية كسد مروي، وبعض المدن كالدبة، وهذا بكل تأكيد مهدد عسكري وأمني خطير، كان من الممكن أن يعطل انتاج الكهرباء من السد ويدمر البنية التحتية في تلك المناطق المستهدفة!
علاوة على ذلك، ونتيجة لذلك التواطؤ صار الطريق مفتوحاً والحركة متاحة بسلاسة ويسر من أقصى الغرب إلى تخوم العاصمة المثلثة مما أتاح الفرصة للمليشيا لنقل العتاد والذخائر والمرتزقة والشفشافة الذين عاثوا فسادا في دار الريح ونهبوا كثيرا من الأموال بابتزاز ملاك السيارات التي كانوا يعترضونها بين الشمالية ودار الريح ويقتادونها إلى أم درمان وغيرها من أماكن سيطرة المليشيا ويفرغون ما فيها من بضائع ثم يردونها لأصحباها مقابل مبالغ باهظة جداً، كما أزهقوا أرواح بريئة كانت تدافع عن أموالها، في ظل غياب تام للجهات الرسمية على المستويات المحلية والولائية.
ومن أسوأ النتائج لتلك الحالة والسيولة الأمنية التي حدثت في دار الريح برزت شخصيات محلية ممن ينتسبون زوراً للإدارة الأهلية وصار هؤلاء يعملون كوسطاء بين المليشيا وضحاياها من أهالي المخطوفين وأصحاب العربات المنهوبة وفي المقابل يحصلون على مبالغ كبيرة من الطرفين، دون وازع أو ضمير، ومنهم من استغل الموقف وأنشأ علاقات تجارية لنقل البضائع المنهوبة عبر الحدود مع دول الجوار غربا وشمالاً. وهنالك صنف آخر عمل كسمسار لبيع الأسلحة والذخيرة التي يعرضها أفراد من المليشيا الهاربون من المعارك في بعض المناطق حول العاصمة والنيل الأبيض.
ومن المؤسف حقا ان بعض عناصر الإدارة الأهلية والأحزاب العميلة قد لبست “الكدمول” بلا خجل وضللت الرأي العام في بعض القرى والمناطق لتمرير قوات الدعم السريع حتى تمكنت من السيطرة على قرى كثيرة وصارت تبتز المواطنين وتتعدى عليهم حتى هجرتهم من قراهم وأجهزت على ما تبقى من أموال في المنازل والأسواق أو حتى الثروة الحيوانية ومطامير الغلال! ولذلك نستطيع القول إن سيطرة الدعم السريع في دار الريح قد كانت تقف وراءها شخصيات محلية لها مصلحة حزبية أو مالية أو لمجرد الغباء وسوء تقدير العواقب التي قد تكون وخيمة حتى على المتعاونين أنفسهم، حيث لقى بعضهم حتفه بعد أن استنفدت المليشيا أغراضها، ومن أعان ظالماً سلطه الله عليه.
21/7/2025
