د. المعز إبراهيم الهادي *الوليد مادبو.. عار ما قلت .. وعار أن نستمع إليك*
د. المعز إبراهيم الهادي
*الوليد مادبو.. عار ما قلت .. وعار أن نستمع إليك*
= المحاضر – سابقاً – في كلية القانون بجامعة الخرطوم
هالني ما كتبه الوليد مادبو بعنوان “الموظف الأممي قناع على وجه الوطن”..
بدأ بمقولة لجلال الدين الرومي عن الصدق ، وانتهى بهذه الجملة “والويل لأمةٍ تنسى أن القناع ليس [هو] الوجه ، وأن الظل ليس [هو] الضوء ”أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا”..
وفي متن المقال تحدث عن موظف أممي رأه “أوّل مرّة في ردهة الفندق الكبير بالخرطوم ، ينزل من سيارةٍ بيضاء تحمل شعار الأمم المتحدة… وجهه أقرب إلى قناعٍ من بلاستيك…”..
ثم أسهب في وصف ذلك الموظف الأممي
“كائنٌ مشطور بين عالمين: بجسده يقيم بيننا ، لكن عقله ما يزال حبيس قاعات فيينا وجنيف”..
“يعرف كيف يتحدث الأسبانية والفرنسية…لكنه عاجز عن أن يفهم دمعة أرملة أو أنين يتيم أو شكاية فلاح”..
“يردد الكلمات لكنه لا يعي المعاني”..
“يكتب تقاريره بلا عمق ، بلا وعي”..
“متملّق”..
“يجهل منهجية التفكير”..
“متلهف..”..
“يتحدث عن الفقر وهو يساوم على رشوة خفية؟”..
“يعظ عن الكرامة وهو يطأطئ الرأس لبغل من بغال العسكر؟”..
“جاهلٌ بتاريخ الأرض التي يزعم أنه جاء لإنقاذها”..
“لا يفقه شيئًا من تراثها…”..
“أخطر ما فيه هشاشته…”..
“لا يحس بثقل المأساة”..
“ما يزال عقله ووجدانه يرسفان في أغلال القرون الوسطى”..
“إنه كائن بلا جذور ، مسكون بهزيمة داخلية لم يعترف بها يوماً…”..
“هو خواء لا يملأ فراغاً ، وسراباً لا يروي عطشاً…”..
“لا نكاد نرى فيه إلا قناعًا لامعاً يخفي هذا الفراغ الداخلي وظُلمة تغطي تلك الذات المقيتة”..
“فلنحذر ولنعلم أن الموظف الأممي ليس قائدًا ، ولا زعيمًا ، ولا نبيًا مرسلاً”..
أقول للوِليد..
أنه لا تربطني علاقة بمن تتحدث عنه ولا صلة ، ولا أعرفه لا من قريب ولا من بعيد ، لكنك رجل جبان بحق وحقيقة ، لأنك لو كنت شجاعاً لسمّيت علناً من تسبه..
طالما لديك الجرأة لتقذف بالحجر من وراء جدار فلماذا لا تبقى وراءه ولا تقذف بالحجر؟
“عار ما قلت..
وعار أن نستمع إليك”..
تألمت لما كتبت ، وللطريقة الفجّة التي كتبت بها ، ولخلطك لآية ربنا سبحانه وتعالى في مدّ الظل بحركة الشمس وما فيها من تحدي ، بتهويمات جلال الدين الرومي ، ورسومات إبراهيم الصلحي ، ولغة السب والتقليل والإحتقار..
يا لك من أشِر مسفسط..
لن أجاريك فأنا لا أطعن الظل إنما أرفع السبابة في الوجه وفي العلن وفي وضح النهار وأمام الجميع..
لكن هي مناسبة ، على كل حال ، أن أحيل من يقرأني إلى مقال سابق كتبته عن عبد الله حمدوك ، ليضع إسم الوليد مادبو مكان عبد الله حمدوك أثناء القراءة حتى تكتمل الصورة فهما وجهان لعملة بائرة ، ولا يستحقا عناء السرد..
*يا أوريد أنا لست حمدوك..*
قبل عدة أشهر وقبل أن أنتهي من قراءة كتاب “سيرة حمار” للدكتور حسن أوريد ، أرسل صديقي العزيز الدكتور علي سليمان فضل الله عميد كلية القانون السابق بجامعة الخرطوم مقالاً كتبه الأستاذ الريّح عبد القادر بعنوان “حمدوك أنت أيها المسكين الغافل”..
ورد فيما كتب الأستاذ الريّح “سيسجل التاريخ أنّ هذا الرجل [عبد الله حمدوك] الذي قلّ أجاويده فجأةً ، وكَثُر مستضعفوه ومستصغروه وشانئوه ، في هذا الزمان الماكر ، هو القائد السوداني الوحيد الذي وضع قاطرة الوطن على سكّتها الصحيحة ، ليصبح السودان ، في مقبل السنوات ، دولةً-قِبلةً يؤمُّها الناس ويأتمّون بها.”
السكّة التي وضع فيها عبد الله حمدوك البلاد واضحة الآن يراها الناس رأي العين ، سكة الوقوف في وجه دين الله الإسلام ومنعه وتحجيمه ولمّه ثم دفقه ، والوقوف في وجه كل مسلم مسالم يعتقد أن ما لله لله وأن ما (لقيصر؟!) هو كذلك لله “قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياى ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك اُمرت”..
الواضح أن العلمانية التي يدعو لها حمدوك والشلة التي معه مخالفة حتى لعلمانية أوروبا وما يراه سياسييها العظام مثل كونراد اديناور Konrad Edenauer وايمون ديفليرا Eamon De Valera وانجيلا ميركل Angela Merkel وفلاسفتها المرموقين ارسطو Aristotile وجون لوك John Locke وباروخ سبينونزا Baruch Spinoza وغيرهم..
إذا كتب الله سبحانه وتعالى للسودان أن يستمر – بعد الذي فعله فيه عبد الله حمدوك والمرجفون الذين معه – فالسنوات المقبلة ستكون مُرّة مرارة هذا الرجل ورهطه..
عبد الله حمدوك ليس قائداً ولا يملك وصفاً واحداً يؤهله للقيادة.. والمصيبة ليست في ذلك وحسب بل وفي سعيه المنحدر لعرض البلاد مثل سلعة رخيصة منتهية الصلاحية في أسواق الصهيونية والماسونية والهندوسية والأجلاف من الأعراب وتجريد أهلها من كرامتهم ومعنى حياتهم وقيمة وجودهم..
وطالما قلّ أجاويد الرجل وكَثُر مستضعفوه ومستصغروه وشانئوه وكرهه الناس وعافوه ، فلماذا إذاً هو موجود ويظهر بين كل حين وحين متخفيّاً معربداً مثل مجرم هارب من العدالة ومترهلاً متخماً مثل سارق بهيمة؟..
لو كان في هذا الرجل ذرة كرامة او بذرة خير لأنزوى من الحياة العامة وعاش في مخبأ ما في بلد ما بقية عمره وزهد واستغفر عمّا جنته يداه ورجلاه وفمه وشفتاه ، هكذا يكون سلوك الرجل الموصوف في المقال..
امّا الزمان الذي يسُبه كاتب المقال فلا يمكن أن يكون ماكراً.. جاء في الحديث القدسي “قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار”..
فالليل لا يمكر ، والنهار لا يمكر ، واليوم لا يمكر ، والأسبوع لا يمكر ، والشهر لا يمكر ، والعام لا يمكر ، والدهر لا يمكر ، والزمان لا يمكر.. الذي يمكر هو عبد الله حمدوك والصبية المتجمهرون من حوله وتلك البُرمة..
قال الإمام الشافعي..
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
أنا من الطاعنين في أهلية عبد الله حمدوك منذ ترشيحه وزيراً للمالية في وزارة معتز موسى لأني على معرفة بمستواه واطلاع بحقيقته..
امّا الزعم بأن الرجل وجد القبول في المحافل فربما صحيح لا اُغالط فيه ، لكنه ومن معه اُدخلوا في هذه المحافل مثل قطيع نعاج هائمة ، ولم يعودوا للبلاد بالنفع.. إذا سنحت لك الفرصة اقرأ “القطيع الهائم” عند من يعرفونه مثل جورج اورويل George Orwell او ديفيد آيك David Icke او حسن اوريد Hassan Aourid ، وحينها ربما ستجد في قصة ازربال بن بوكود ما قد يشفي صدرك ولربما يقنعك فرسان الحقيقة وشجعان الرأي بأن حمدوك هذا هو من بين اسوأ الشخصيات التي مرت على تاريخ بلادنا ، إن لم يكن اسوأها على الإطلاق..
هذا الرجل أساء كثيراً لشعب السودان ، كما وأساء لشركاءه في الحكم – المدنيون منهم والعسكريون – بمن فيهم المتجمعون من حوله الآن.. اؤكد لك بأن المدعو عبد الله حمدوك لا يملك ما يؤهله أخلاقياً ولا مهنياً لأي عمل يتعلق بالشأن العام.. وسوف يسجل التاريخ لهذا الرجل أنه خذل قومه (وقدح دمهم) وغدر بزملائه وتعاون مع أعداء وطنه..
امّا كلامك بأنه كان يدرك أن الثورة هي عمل الثوار ، أما بناء الدولة فعمل رجال الدولة.. وأنه كان يريد من الثوار أن “يشتغلوا شغلهم ويشتغل هو شغله”.. وأنه عمل على ترويض الأفاعي وملاطفة الذئاب وملاينة الحانقين ببراعة وحنكة وصبر وأناة ، فأقول لك وبجرّة قلم واحدة أنه غير صحيح لأن حمدوك وباختصار شديد ليس برجل دولة ولا يشبه الدولة..
امّا إشارتك لصلح الحديبية فلا علاقة لها بحمدوك فهو لا تشبهه قصص الإسلام العظيمة ولا مواقف الرجال الحقيقيين.. وامّا رسولنا الكريم ومعلمنا العظيم وسيدنا المُبجّل محمد فلا تسأل عنه عبد الله حمدوك حتى تعرف رأي السياسية والأكاديمية الصومالية-الأمريكية المعروفة أيان هيرسي علي Ayaan Hirsi Ali في الإسلام بعد أن تقرأ كتابها “كافرة”..
وامّا وصيتك بأن تواضعوا لله مثل حمدوككم ثم أبشروا بعدها برفعة السودان ، فتشبه وصيّة علماء يهود للنبي محمد صلى الله عليه وسلم “نوصيك بأن تقطع علاقتك بالمَلَك جبريل فهو عدونا وبعدها نؤمن بدينك”!
حمدوك لست أنا..
وحتى لا تظن أنني اسئ بما أقول للدكتور المحترم حسن أوريد أدعوك لتقرأ “سيرة حماره”..
لتعرف أن الحمار مخلوق عجيب ، ليس فقط لأنه يسافر بين الأمكنة ، ولكن لأنه يشيع الزينة في النفس السويّة..
ولتعرف أن الحمار لا يحس بالحِمل الذي على ظهره فقط وإنما يُوصله..
ولتعرف كذلك أن الحمار رزين بطبعه وفطرته يتحرك خطوة بعد خطوة..
ولتعرف كذلك أنه شجاع لا يخاف السير في الطريق ولو كانت وَحِلة..
ولتعرف أنه يعرف الأخطار التي من حوله ويحس بها ويصبر عليها ولو تألم لها..
ولتعرف أنه عنيد وشجاع وصاحب إصرار وموقف..
وأنه كذلك متعاون لا يُبدي إستياءً ولا يُظهر تذمراً..
وذكي إذا مشى وإذا ركض وإذا وقف ويعرف الطريق من مرة واحدة ويحفظها عن ظهر قلب..
وأنه ذو شكيمة يأبى الظلم ويكره الضيم ويدفع الشر عن نفسه وعن الحُمر التي من جنسه ولو كانت مستنفرة..
ولتعرف كذلك أنه لا يحب أعداءه ويعرف من يكون صُلحاءه..
ولتعرف أنه حينما يُصدر نهيقاً فهو يطرد به شيطاناً يحوم او يُنبه به الغافلين..
فقل لي بربك..
هل تنطبق أي صفة من هذه الصفات على من كتبت عنه المقال؟ او هذا الذي يصف قادة جيش السودان بالبغال؟
