منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر وتحليل –عمـار العركـي *_من الجنجويد إلى موسكـو: مكاسب تشاد ورسائل التسريب_*

0

خبر وتحليل –عمـار العركـي

 

*_من الجنجويد إلى موسكـو: مكاسب تشاد ورسائل التسريب_*

ولد

___________________
في تسجيلات صوتية مسرّبة منسوبة للسفير التشادي في موسكو “محمود بشير”، برزت تصريحات صادمة عن المكاسب التي جنتها بلاده من الحرب السودانية، وفي مقدمتها ــ بحسب قوله ــ (القضاء على عرب الجنجويد في السودان، والاستفادة المادية من إيجار مطار “أم جرس”). تصريحات كهذه لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، فهي تكشف عن خيوط متشابكة تمتد من عمق الأزمة السودانية إلى قلب التوازنات التشادية والإقليمية، وصولًا إلى مكاتب الكرملين في موسكو.
*_عرب الشتات.. جذور الأزمة_*
الأزمة التشادية لم تكن يومًا بمعزل عن عرب الشتات، وتحديدًا قبيلة المحاميد ذات الامتداد العابر للحدود بين تشاد والسودان والنيجر. هذه القبيلة ارتبط اسمها بأزمات ديموغرافية وأمنية متلاحقة، أبرزها التوتر المزمن بين نجامينا ونيامي بسبب عمليات الترحيل والإبعاد القسري للمحاميد نحو النيجر، حيث تجاوز عددهم حينها المائة ألف نسمة. هذه المعالجات الأمنية لم تكن حلولًا، بل زادت من تعقيد المشهد وأبقت الأزمة مشتعلة تحت الرماد.
*_السودان.. الوطن البديل_*
كان السودان هو “الحل البديل” لهؤلاء، أو هكذا صُوِّر. قبل اندلاع الحرب، استغل (حميدتي) نفوذه داخل السلطة الانتقالية لاستخراج أرقام وطنية سودانية لما يقارب المليون من عناصر عرب الشتات، بمن فيهم المحاميد، في إطار مشروع تغيير ديموغرافي واسع. الخطة كانت أن يُنفذ هذا المخطط في حال وصول حميدتي وحلفائه من “قحت/صمود” إلى السلطة عبر استحقاقات الوثيقة الدستورية التي نصت على الشراكة والمناصفة في مجلس السيادة، لولا أن انقلاب 25 أكتوبر قطع الطريق على ذلك المشروع.
*_الدعم السـريع.. ممارسات تؤكد النـوايـا_*
وجاءت الحرب لتكشف الوجه الحقيقي لهذا المخطط، إذ جسدت ممارسات قوات الدعم السريع في المناطق التي سيطرت عليها نموذجًا عمليًا لسياسات التغيير الديموغرافي والانتقام العرقي. القتل، النهب، التهجير، وحرق القرى، كلها كانت مؤشرات واضحة على مشروع يستهدف إعادة تشكيل الخريطة السكانية والسياسية بما يخدم مصالح قلة على حساب استقرار السودان ووحدته.
*_مكاسب تشاد ورسائل موسكو_*
في ضوء هذه المعطيات، يبرز البعد الأهم: لماذا وجّه السفير التشادي هذه الرسالة من موسكو تحديدًا؟ من الواضح أن نجامينا أرادت إبلاغ روسيا بأن ما تعتبره “مكاسبها” في السودان يتقاطع مع مصالحها الاستراتيجية. فالتخلص من الجنجويد لا يعني فقط تحجيم خطر داخلي لطالما أقلق تشاد، بل أيضًا إرسال إشارة للكرملين بأن تشاد شريك يمكن الاعتماد عليه في تأمين الإقليم وحماية الاستثمارات، خاصة في ظل التنافس الدولي المحتدم على إفريقيا. بكلمات أخرى، أراد السفير القول: “لقد أدينا ما لم يستطع غيرنا إنجازه، فضعونا في حساباتكم الكبرى.”
*_خـلاصــة الـقـول ومنتهــاه_*
التسريب لم يكن مجرد حديث عابر، بل أشبه ببرقية سياسية مشفّرة من نجامينا إلى موسكو، مضمونها أن تشاد خرجت من الحرب السودانية بمكاسب استراتيجية على حساب السودان نفسه، وأنها ترى في ذلك رصيدًا تفاوضيًا مع القوى الكبرى. وبينما ينشغل السودان بترميم جراحه، تتحرك جيرانه لإعادة صياغة مكاسبهم في المشهد الإقليمي و الدولي.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.