منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خلف الأسوار سهير عبدالرحيم تكتب :  *قاسم بدري ..كيفنك؟*

0

خلف الأسوار

 

سهير عبدالرحيم تكتب :

 

*قاسم بدري ..كيفنك؟*

 

هل تعلم ،بروفيسور قاسم بدري ،انني أعاني من صدمة كبيرة و وجل عظيم عقب اطلاعي على شكوى طالبات كلية الطب بجامعتك ، الدفعات 33/32/31؟ .

ولأكون أكثر صدقاً ،فهي ليست مجرد صدمة أو إحباط أو مفاجأة مزعجة ، ولكنها أقرب ما تكون إلى خيبة أمل ، وما أكثر خيباتنا في عصر سقوط الأقنعة، و هشاشة المباديء، و شحّ القيم ،و ندرة المواقف، وغياب الرشد والثبات.

خبرني يا بروف قاسم بدري ، رائد التعليم النسوي ،و حفيد مفجّر ثورة تعليم البنات، و الأب الروحي لنون النسوة السودانية : مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وهن ينظرن في ذهول ضياع مستقبلهن وسط صمتٍ جبان من عميدة كلية الطب.!

مابالك يابروف قاسم، وسحبك تهطل على كليات وتمسك ماءها عن أخرى؟وكيف أمكن لكم أن تخاطبوا قرابة الـ500طالبة انتصفن في طريق الطب بأنكم لا تملكون لهنّحلولاً ..؟

هكذا ،وبكل بساطة ….لا نملك لكنّ حلولاً، لا يوجد ما نقدمه لكنّ ….لديكنّ خياران : إما الانتقال إلى جامعة أخرى ،أو “انتظار الاحفاد” إلى ماشاء الله .علما ًبأن “انتظار الأحفاد” هذا سيكمل عامين في شتاء هذا العام.

اذهبوا فأنتم الطلقاء… اذهبن يا طالبات كلية الطب جامعة الأحفاد، يا من تدرسن في ثانية طب و ثالثة طب و رابعة طب، اذهبن و تعلّمن فنون الطبخ ريثما يتم تحرير الخرطوم و ينتصر الجيش …؟ أو تعلّمن الحياكة والتطريز و صناعة المعجنات….كما قيل لكّن.

قبل مائة عام ،كان جدّك لأبيك يقاتل لأجل تعليم المرأة، وقدّم أكثر من طلب للمستعمر لإنشاء مدارس للبنات منذ العام 1904. و بعد هذا القرن ،تأتي إدارة جامعتك لتعيد النساء إلى المطبخ …؟

يُذكر أنه وحين حصل جدّك على تصديق إنشاء مدرسة أولية لتعليم البنات في رفاعة عام 1907، بدأها في كوخ من الطين، بتسع من بناته وثماني من بنات جيرانه ، كان يعرف ويدرك ويفهم ومتيقناً من أهمية التعليم للمرأة .

ولو كان يعلم أن أحد احفاده سيأتي ليجعل 500 طبيبة ينتظرهنّ المرضى، و تنتظرهنّ غرف العمليات، و يحتاجهنّ الجرحى، ويحسب الوطن على أصابعه تخريجهن ّ،لو علم جدّك هذا لقال: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا﴾ من هول ماجلبته له من عار .

انظر إلى والدك يا بروف، الذي طورّ من “الاحفاد” لتصبح من مدرسة كلية، واختار لها موقعا ًشهد معركة جدّك مع الاستعمار ، هكذا يًخلّد الأبناء سيرة آبائهم.

خبرني بروف بدري ،ألا تقوم فلسفة جامعتك على إعداد المرأة لتولي أدوار مسؤولة في أسرتها ومجتمعها المحلي وطنها.؟ أو مايُعرف ب” تجربة الأحفاد،” لرفع مساهمة النساء في التغيير المجتمعي؟

حسناً،ألم تقل في تصريح لإحدى الصحف الدولية إن جامعتك تسعى لتطوير كليات الدراسات العليا والبنى التحتية، بما يجعلها تضاهي جامعات العالم المتطور؟ ولا سيما أن خريجاتها لعبن دوراً كبيراً وأثرن في مجتمعاتهن، وبعضهن أصبحن وزيرات في السودان وجزر القمر وجنوب السودان ؟فمابال كل هذا يتم تصديره إلى إعداد المعكرونة وصناعة الجوارب القطنية.!!

حسناًاني أعلم جيداً التحديات الماثلة عقب الحرب، وما أصاب الجامعة من أضرار ،ولكنني أعلم أيضاً ان هناك دفعات من نفس الكلية يدرسن ،فلماذا هذه الدفعات مغضوب عليهن؟ علماً بانهن دفعن الرسوم السنوية كاملة و مقدماً .

لنعالج المشكلة يا بروف، الفتيات يمكنهن الدراسة “اونلاين”، كما يمكن الاتفاق مع مراكز ومستشفيات_ وما أكثرها _للجانب العملي ، وعقب جائحة كورونا، اتجه العالم بشكل كبير للتعليم عن بعد ،حتى في مجال الطب، مع التنسيق للجانب العملي.

بروف بدري “الأحفاد” جامعة عريقة، ينهال عليها الرضا من الغرب و المنظمات الدولية ،كما تنهال عليها المنح ،فلن تّعدم سبيلاً لإعادة طبيبات المستقبل إلى حجرة الدراسة.

*خارج السور:*
إقالة وزير التعليم العالي والبحث العلمي أصبحت ضرورة ملحّة ….الرجل بالفعل (قاعد ساااااي).

*كتب في يوم 2024/12/3*
المقال منذ أواخر العام الماضي نعيده بمناسبة دعوة الرجل الأخيرة المحيرة والغريبة ….وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ.
https://www.facebook.com/share/p/1UjbBRFWCE/

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.