عثمان جلال يكتب : *عثمان ميرغني والهروب من الأسئلة الكبرى*
عثمان جلال يكتب :
*عثمان ميرغني والهروب من الأسئلة الكبرى*

(1)
ما الذي يخشاه البرهان ؟ تحت هذا العنوان المفخخ جاء عمود الاخ عثمان ميرغني في يوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025م وجوهره حفز البرهان على المضي في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع عبر الرباعية الدولية لابرام اتفاق الهدنة الانسانية كبداية لمسار تفاوضي غايته النهائية إعادة تدوير المليشيا المجرمة في المشهد السياسي الوطني.يقيني الراسخ إن التفاوض مع المليشيا الإرهابية حول هدنة شعارها الإنسانية هو إفراغ لمباديء الإنسانية من محمولاتها القيمية وإطلاق العنان للمليشيا للاستمرار في توحشها ضد المجتمع السوداني. والأنكى عبر هذا الشعار النبيل تنزع الإمارات لإظهار المليشيا أمام الرأي العام العالمي بالوجه الإنساني والسياسي وهم خلعاء الانسانية والدين والأخلاق.
(2)
لكن لماذا يصر عثمان ميرغني على مفاوضات هدنة أهدافها التكتيكية إنهاء حالة التداعي والإلتفاف الجماهيري مع الجيش السوداني في معركة الكرامة؟ وكذلك هدفها إلهاء القيادة السياسية والعسكرية في الدولة من التركيز على التعبئة العامة والاستنفار وتطوير القدرات العسكرية الوطنية لهزيمة مخطط استتباع السودان للمشروع الصهيوني ونهب موارده من دويلة محمد بن زايد الوظيفية؟ وهدفها أيضا استمرار إمداد المليشيا بالسلاح والمرتزقة واللوجستيات لتثبيت حالة من التوازن الميداني ترسخ لمبدأ لا حسم عسكري للحرب الحالية؟ بينما يظل الهدف الإستراتيجي للمفاوضات حول الهدنة الانسانية الاستمرار في هذا المسار حتى ابرام تسوية نهائية تعيد تدوير المليشيا المجرمة في المشهد السياسي الوطني.
مما يعني استبقاء الدولة السودانية في دورة الاحتراق الداخلي والعجز الحضاري !!
أيضا لماذا يصر عثمان ميرغني على نقل قرار كيفية إنهاء حرب الكرامة واستدامة ثقافة السلام من يد الشعب والجيش السوداني الى الخارج ؟
أمن ضيق سقف العقل أم ضيق الوعاء ؟ أم إنها حالة القابلية للاستعمار وعدم امتلاك الإرادة والرغبة لزحزحة السودان من منطقة الضغط الحضاري المنخفض إلى آفاق الريادة الحضارية ؟
(3)
إن أزمة الإفتتان بالأجنبي وقبول الوصفات الأجنبية حول الأزمة الوطنية المتراكمة وذلك من لدن اتفاقية أديس أبابا 1972م الى اتفاقية نيفاشا 2005م .والوثيقة الدستورية 2019م . الى وثيقة الاتفاق الاطاري ديسمبر 2022 والذي تعهدته بالسقاية والرعاية ذات الرباعية الدولية والتي كانت تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية ودويلة الشر الامارات وكانت ثمرته المرة حرب أبريل 2023م . كل هذه التجارب كانت نتائجها استفحال واستدامة الازمة الوطنية، وهذا جوهر المخطط الصهيوني القديم والمتجدد والذي عبر عنه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر في محاضرة ألقاها عام 2008م في الكنيست الاسرائيلي حيث ذكر في متنها (إن إضعاف السودان هدف إستراتيجي من أجل تعظيم قوة إسرائيل وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى).
هذه الاستراتيجية الصهيونية يدركها عثمان ميرغني ولكن لماذا يتخندق في حالة الوعي أو اللاوعي الفكري على التماهي معها ؟؟
(4)
صفوة القول وكما ذكر الاخ عثمان ميرغني على الحكومة السودانية التفاوض بقوة والقتال بقوة دون المساومة في الهدف الاستراتيجي وهو تفكيك وتصفية المليشيا الارهابية إما في الميدان أو استسلامها. وسيثق الشعب السوداني في جدية أمريكا والسعودية ومصر والمجتمع الدولي إذا توافقوا على تصنيف مليشيا آل دقلوا منظمة ارهاربية وضغطوا على المجرم محمد بن زايد على وقف تزويدها بالمرتزقة والسلاح والمال . وإن أي مبادرة دولية واقليمية لا تصب في تجاه تصفية المليشيا المجرمة من جذورها تعني التماهي مع الأجندة الصهيوإماراتية.
إن حالة الاصطفاف التاريخية الماثلة بين الجيش والشعب السوداني في معركة الكرامة هي البداية الواثقة لسودنة قضايا البناء الوطني والديمقراطي والنأي عن الأجندة الخارجية الخبيثة . وهي أيضا المدخل الإستراتيجي لانهاء دورة الاحتراق والحروب الداخلية. وتفكيك المليشيات الجهوية والعشائرية .وبناء ثقافة السلام بمغزاه الاستراتيجي المستدام وتحقق إرادة وقوامة المجتمع السوداني في مشروع النهضة الوطنية الشاملة.
إن من كمال العزائم الفكرية والسياسية الدفع في تجاه سودنة قضايا البناء الوطني والديمقراطي. ومن الكسل الفكري التهافت وراء الوصفات الخارجية الخبيثة التي أورثتنا التمزق ونموذج للدولة شبه الفاشلة. وتكرار التاريخ مرة مأساة . وتكراره للمرة الثانية مهزلة بتعبير ماركس.
الخميس: 2025/11/13
