*متى يفهم أهل الشمال طبيعة الصراع؟* *ومتى يدركون أنه صراع وجودي لا علاقة له بحزب ولا أيديولوجيا؟* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي
*متى يفهم أهل الشمال طبيعة الصراع؟*
*ومتى يدركون أنه صراع وجودي لا علاقة له بحزب ولا أيديولوجيا؟*
كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

من المؤسف أن كثيراً من أهل الشمال ما زالوا يتعاملون مع ما يجري في السودان وكأنه مجرد تنافس سياسي بين قوى حزبية أو صراع بين تيارات فكرية أو خلاف عابر يمكن أن يُحل عبر تفاهمات أو تسويات.
هذه القراءة السطحية للصراع ليست فقط مغلوطة بل خطيرة لأنها تغفل حقيقة جذرية ظل الواقع يصرخ بها منذ سنين:
*الصراع الدائر اليوم هو صراع مجتمعي ووجودي بالدرجة الأولى يستهدف أهل الشمال في صميم هويتهم ووجودهم وأمنهم.*
إن الذين يتوهمون أن ما يجري يمكن اختزاله في خلاف سياسي أو أنه نتيجة اختلافات في البرامج الحزبية لا يدركون أن جذور الأزمة أعمق بكثير.
ما يحدث هو هجوم على البنية الاجتماعية والثقافية والتاريخية للشمال ومحاولة لفرض واقع جديد بالقوة واستخدام العنف الممنهج لإحداث تغيير ديمغرافي واجتماعي يضمن استبدال هوية بهوية واستحواذ جماعة على حساب أخرى.
لقد أثبتت الوقائع بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الصراع ليس نتاجاً لصراع أيديولوجيات ولا خلاف على السلطة بين الأفراد والمكونات بل هو امتداد لسلوكيات اجتماعية متراكمة تُغذّيها ثقافات دخيلة على المنطقة وتستثمر فيها قيادات فتنوية لم تخفِ يوماً خطابها العدائي تجاه أهل الشمال وكل ما يمثّلونه.
أهل الشمال بكل إرثهم وتاريخهم وعراقتهم ظلّوا يحسنون الظن ويقرأون الأحداث بمنظار سياسي فقط بينما خصومهم يقرأونها بمنظار وجودي محض:
*إما نحن أو أنتم.*
وهذا هو مكمن الخطر.
لقد آن الأوان بل تأخّر الوقت كثيراً لأن يفهم أهل الشمال أن حماية مجتمعهم وأرضهم وهويتهم ليست مسؤولية الدولة وحدها بل مسؤولية مجتمعية شاملة تتطلب يقظة ووحدة موقف وتجاوز الخلافات الصغيرة والابتعاد عن المثالية السياسية التي تقرأ الواقع بنظريات بينما تُفرض الحقائق بالسلاح.
الصراع اليوم ليس صراع شعارات ولا صراع لجان مقاومة ضد كيزان ولا صراع ليبراليين ضد إسلاميين.
هذه أوهام يهرب إليها من لا يريد أن يواجه الحقيقة.
الحقيقة أن ما يجري هو استهداف مباشر لوجود الشمال نفسه.
إن لم يُدرك أهل الشمال هذه الحقيقة اليوم قبل الغد فسيأتي يوم يكتشفون فيه أن المعركة لم تكن حول حزب ولا حكومة… بل كانت حولهم هم.
*وعندها لا قدر الله لن ينفع الندم*
