همسة وطنية دكتور طارق عشيري *الصين ركيزة استراتيجية لبناء السودان*
همسة وطنية
دكتور طارق عشيري
*الصين ركيزة استراتيجية لبناء السودان*

كلما اشاهد قاعه الصداقة وقصر الشباب والاطفال والقصر الجمهوري الجديد والشركات الصينية التي شاركت في مجال استخراج البترول كلما ازداد( قناعه) بدور( الصين الاستراتيجي في السودان) ،حيث تُمثّل الصين اليوم خاصة بعد الحرب وهذه من وجهة نظري المتواضعه تمثل أهم الأعمدة التي يستند إليها السودان في مسار (إعادة البناء وتعزيز الاستقرار). فالعلاقة بين الخرطوم وبكين ليست علاقة طارئة، بل هي (شراكة عميقة الجذور) ارتبطت بالطاقة والبنية التحتية والتجارة والاستثمارات الاستراتيجية. وقد( أثبتت الصين)، خلال العقود الماضية، قدرتها على لعب دور محوري في( دعم المشاريع الكبرى في السودان)، من (خطوط النفط) إلى (الطرق والجسور) و(المناطق الصناعية).
وتبرز أهميتها في هذا التوقيت تحديداً، مع حاجة السودان لإعادة إعمار واسع بعد الحرب، ولبناء اقتصاد قادر على النهوض السريع. فالصين تقدّم للسودان ميزتين نادرتين: (التمويل طويل الأجل) و (الخبرات التقنية الضخمة)، إضافة إلى (عدم اشتراطها تدخلات سياسية) كما تفعل بعض القوى الأخرى.
كما أن موقع السودان على البحر الأحمر، وموارده الطبيعية، يمنح بكين بوابة مهمة في إطار مبادرة “الحزام والطريق” وهي مبادرة طرحتها الصين ووقع عليها السودان قبل الحرب مما يجعل مصالح الطرفين ، واضحه المعالم . ولذلك فإن التعامل مع (الصين ليس خياراً تكميلياً)، بل ركيزة لا بديل عنها ضمن أي استراتيجية وطنية للنهضة.حاضر يا طارق، إليك توسعة أعمق وأكثر تحليلاً، وبأسلوب قريب من الواقع السوداني ولهجته الفكرية:
لم تعد العلاقة السودانية–الصينية مجرد تعاون اقتصادي محدود، بل تحولت إلى شراكة استراتيجية تستند إلى مصالح ثابتة ورؤى متقاربة. فالسودان، بموارده ، يمثل لبكين نقطة ارتكاز في شرق ووسط إفريقيا، بينما تمثل الصين للخرطوم نافذة تمويل وتنمية لا ترتبط بالاشتراطات السياسية المعقدة التي تعيق علاقات السودان ببعض القوى الغربية.
في ظل الدمار الذي لحق بالبنى التحتية والاقتصاد السوداني، تبرز الصين كأكثر الدول قدرة على الدخول مباشرة في مشاريع إعادة الإعمار الكبرى حيث تستطيع
(إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والسدود).(تطوير الموانئ وخطوط النقل)،(فتح شراكات جديدة في الزراعة والتعدين) ،(ودعم إعادة تشغيل قطاع النفط) الذي يشكل أحد أهم موارد الدولة.
الصين (تمتلك رأس المال)( والخبرة الفنية والسرعة في التنفيذ)، وهي عناصر يحتاجها السودان بصورة عاجلة لإعادة بناء الدولة.
يمتاز النموذج الصيني بأنه (لا يحمّل شراكاته عبئاً سياسياً)، خصوصاً في( الدول الخارجة من الحروب). وهذا مهم في حالة السودان الذي يعاني من تدخلات دولية متشابكة.
الصين تتعامل دائما على أساس المنفعة المتبادلة،احترام السيادة،التركيز على الاقتصاد والتنمية دون فرض اي مسارات سياسية.
وهذا يُعد مكسباً للسودان في مرحلة يبحث فيها عن شركاء يحترمون (خصوصيته الوطنية)
الصين و”الحزام والطريق”: فرصة للسودان
يقع السودان في منطقة ذات قيمة استراتيجية عالية لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وهذا يجعله مرشحاً لأن يصبح مركزاً لوجستياً على البحر الأحمر،نقطة عبور للتجارة نحو إفريقيا،ومقراً لمشاريع صينية في مجالات الطاقة والنقل والصناعة.
هذه المبادرة تفتح للسودان أبواباً للاستثمارات الضخمة والبنى التحتية الحديثة.
المرحلة المقبلة تستدعي من الخرطوم بناء إطار تفاوضي أقوى يضمن مصالح السودان،فتح ملفات الاستثمار الزراعي والذهبي بصورة أكثر شفافية،توسيع الشراكة لتشمل التعليم والتقنية وليس الاقتصاد فقط،
وتشجيع الشركات الصينية للدخول في مشاريع ذات أثر مباشر على المواطن.
الصين ليست مجرد دولة صديقة، بل ضلع أساسي في أي رؤية لإعادة بناء السودان. والتعامل معها بروح استراتيجية— تكتيكية—سيضمن للبلاد دعماً اقتصادياً مستقراً ومستمراً، ويعيد للسودان مكانته في الإقليم.
يظل حضور الصين في السودان أكبر (من كونه تعاوناً اقتصادياً عابراً) إنه( ركيزة استراتيجية) تمثل أحد أهم مفاتيح إعادة بناء الدولة بعد الحرب. فالصين تمتلك (القدرة والجرأة )والاستعداد للدخول في الملفات الثقيلة التي تتهرب منها كثير من القوى الدولية. ومع صعود السودان من تحت الركام، ستحتاج الخرطوم إلى شريك يملك الإرادة قبل الإمكانات، والرؤية قبل التمويل—ولا أحد يجمع هذه العناصر كما تجمعها الصين.
إن مستقبل السودان لن يُكتب بعيداً عن بكين، ومن يدرك ذلك مبكراً سيكسب طريقاً أقصر نحو دولة مستقرة، مزدهرة، وقادرة على صناعة مستقبلها بيدها.
