*التوافق الوطني… الطريق الوحيد لإنهاء الحرب وصون القرار السوداني* د/اميرة كمال مصطفى
*التوافق الوطني… الطريق الوحيد لإنهاء الحرب وصون القرار السوداني*
د/اميرة كمال مصطفى

في اللحظات الفاصلة التي تعيشها الدول يصبح صوت الداخل هو البوصلة الوحيدة القادرة على تحديد اتجاه المستقبل. واليوم يقف السودان عند مفترق طرق خطير تُختبر فيه قدرة أبنائه على تجاوز الجراح، وتوحيد الصف وتقديم مصلحة الوطن على كل ما سواها. وعلى الرغم من كثافة التصريحات والتحليلات والضغوط القادمة من الخارج تبقى الحقيقة الأهم أن لا أحد يملك حق تقرير مصير السودان سوى السودانيين أنفسهم.
⭐1. التوافق الوطني… الأساس الذي لا بديل عنه
الحرب التي عصفت بالبلاد لم تترك بيتًا إلا وخلّفت فيه ألمًا ولا ولاية إلا وهزّت استقرارها. ومع ذلك فإن التاريخ القريب والبعيد يؤكد حقيقة ثابتة:
لا يُنهي الحروب إلا التوافق الداخلى ولا يؤسس للسلام إلا الاتفاق بين القوى الوطنية.
لا القوة العسكرية، ولا المبادرات الإقليمية، ولا التصريحات الدولية يمكنها أن تصنع السلام ما لم تتوافق القوى السياسية والمجتمعية السودانية على رؤية وطنية مشتركة.
⭐2. الحوار السوداني السوداني هو الطريق الأقصر والأقوى
كل تجارب الدول التي مرت بصراعات مشابهة توضح أن الحوار الداخلي هو الذي يصنع الحل الدائم.
والحوار المطلوب اليوم ليس حوارًا شكليًا أو استعراضيا بل حوار شجاع ومسؤول يضع على الطاولة جذور الأزمة ويبحث في كيفية بناء دولة عادلة وقادرة ويستمع لصوت الشباب والنساء وللمجتمعات المحلية لا لنخب السياسة وحدها.
⭐3. الخارج… يمكنه أن يساعد لكن لا يقرر
من الخطأ أن نسمح للعالم بأن يحدد لنا من يحكم ومن لا يحكم، أو أن نصبح أسرى لتصنيفات أو قوائم أو بيانات لا تُعبّر عن واقع البلاد ولا عن حاجات الشعب.
السودان بلد ذو سيادة وتاريخ ومن يقرر قيادته ومساره هم السودانيون وحدهم.
والتعويل على الخارج، مهما بدا مغريًا أو مريحًا لم يكن يومًا أساسًا لبناء دولة مستقلة. الدول تُبنى بالوعي الداخلي وبالقرار الوطني وبقدرة أهلها على تجاوز خلافاتهم.
⭐4. لماذا يجب ألا ننشغل بالتصنيفات والضغوط الخارجية؟
لأنها تغيّب النقاش الحقيقي حول جوهر المشكلة.
لأنها تزرع الانقسام بدل أن تعزز الوحدة.
لأنها تُستغل سياسيًا لإطالة الأزمة وليس لحلّها.
لأنها تجعل القرار السوداني مرهونًا بإرادات لا تمتلك فهمًا كاملًا لتعقيدات الواقع المحلي
⭐5. الحل في يد السودانيين… شرط أن يتقدّموا خطوة واحدة نحو بعضهم
إن وقف الحرب وبناء الدولة واستعادة الاستقرار، ليست مسؤوليات حكومة أو حزب أو جماعة بعينها؛ بل هي مسؤولية وطنية جماعية.
وعندما تقتنع الأحزاب والقوى السياسية بأن لا مخرج إلا بالاصطفاف الوطني، وحين تدرك أن مصلحة السودان أكبر من مكاسب اللحظة عندها فقط يمكن أن يبدأ الطريق نحو دولة مستقرة وقوية.
⭐6. نحو مشروع وطني جامع
السودان بحاجة اليوم إلى:
ميثاق وطني يضع أُسس الحكم ومستقبل الدولة.
انتقال سياسي متّفق عليه لا يفرضه أحد من الخارج.
مصالحات مجتمعية تعيد ترميم النسيج الاجتماعي.
رؤية اقتصادية تُعيد للبلد قيمته ودوره.
هذه المهام لا يمكن تنفيذها إلا عبر توافق وطني صادق، وحوار داخلي حقيقي، وإيمان بأن السودان أكبر من خلافات السياسيين، وأن الحرب لن تتوقف إلا حين يقرر السودانيون أنهم يستحقون السلام أكثر من استمرار النزاع.
بإختصار شديد:
الخارج قد يعبّر أو ينصح أو ينتقد لكنه لن يحدد هوية السودان، ولن يقرر من يحكمه ولن يصنع سلامًا لا يريده السودانيون أنفسهم.
إن التوافق الوطني هو الحل والحوار السوداني السوداني هو الطريق . ووحدة الإرادة الوطنية هي الضمانة الوحيدة لبناء مستقبل آمن ومستقر.
حفظكم الله ورعاكم
