منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

«في حرب المسيرات، لا تنتصر الدولة بمنع الضربة… بل بمنع الانهيار» ✒️بقلم: وفاء قمر بوبا

0

«في حرب المسيرات، لا تنتصر الدولة بمنع الضربة… بل بمنع الانهيار»

✒️بقلم: وفاء قمر بوبا

 

الهجوم المتكرر على البنية التحتية السودانية، خصوصاً محطات الكهرباء والمياه، يفرض سؤالاً لا يمكن الهروب منه:
هل الردع العسكري وحده كافٍ لحماية الدولة؟

حرب المسيرات تحولت إلى أداة ضغط استراتيجي تستهدف الخدمات أولاً، لأنها الطريق الأقصر لإرهاق الدولة من الداخل. الهجوم على محطة عطبرة مثال واضح على استنزاف القدرة على إدارة الحياة اليومية أصبح أكثر تأثيراً من أي مواجهة ميدانية تقليدية.

دول مثل إيران وروسيا فهمت هذا الدرس مبكراً. لم تتعامل مع حماية المنشآت الحيوية كسباق تسليح، بل كمسألة استمرارية دولة. نقلت مراكز التحكم إلى باطن الأرض، فصلت الشبكات إلى وحدات مستقلة، وطورت وسائل دفاع إلكتروني محلية ضد المسيّرات. الهدف لم يكن منع كل ضربة، بل منع انهيار الخدمة.

في السودان، المشكلة أعمق من نقص التكنولوجيا. المشكلة في تصور الدولة نفسه للخدمة. المواطن يعيش انقطاعات متكررة، بينما تُدار المعركة بعقلية مركزية بطيئة، كأن الخدمات هامش لا صميم. والحقيقة البسيطة أن المواطن المستنزف لا يصمد، وأي انكسار داخلي يضاعف خسارة الدولة حتى لو ربحت المعركة عسكرياً.

هجمات المسيرات لا يمكن فصلها عن سياق إقليمي ودولي أوسع. من واشنطن إلى الرياض، هناك من يراهن على شراء الزمن لإضعاف الدولة وإرغامها على القبول بشروط لا تراعي سوى مصالح الآخرين. في هذا السياق، يصبح الانفتاح على روسيا والصين في البحر الأحمر خياراً سيادياً، لا ترفاً أيديولوجياً، في معركة توازن قوى لا تعترف بالحياد.

في زمن حرب المسيرات، الخطأ القاتل هو الاعتقاد بأن الفوز يعني منع الضربة. الحقيقة أن الانهيار المدني أسرع من أي هجوم جوي. الدولة التي تحمي خدماتها، حتى وهي تتلقى الضربات، هي الدولة التي تبقى. كل محطة كهرباء تُضرب ولا تنهار شبكتها، وكل مرفق يستمر في العمل، هو نصر سياسي قبل أن يكون فنياً.

حماية الخدمات ليست رفاهية، ولا ملفاً فنياً مؤجلاً، بل خط الدفاع الأول عن الدولة نفسها.
https://www.facebook.com/share/p/17gujmLcpc/

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.