منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار

*شمال السودان بين ميزان التهميش الحقيقي وشماعة الابن المدلل* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

0

*شمال السودان بين ميزان التهميش الحقيقي وشماعة الابن المدلل*

 

كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

 

خرجت علينا بعض الأقلام التي تحاول قراءة التاريخ من ثقب “المظلومية الانتقائية”، مشبهةً علاقة الدولة بأقاليمها بصورة أب يميز بين أبنائه، ومصورةً الشمال الجغرافي وكأنه “الابن المدلل” الذي حاز السلطة والثروة بينما يُسحق الآخرون. ولأن الصمت على الافتراء يُشرعنه، وجب علينا وضع النقاط على الحروف وتفنيد هذا الخطاب الذي يهرب من مواجهة الواقع المظلم نحو لوم الأبرياء.

*العون الذاتي شاهد على غياب الدولة*
إن أكبر كذبة تاريخية هي “رفاهية الشمال”. فالحقيقة التي يتهرب منها مروجو خطاب الكراهية هي أن قرى ومدن الشمال كانت، وما زالت، خارج حسابات الميزانية المركزية للدولة. معظم المرافق الخدمية من مدارس، ومستشفيات، ومساجد، وحتى مشاريع الكهرباء والمياه، نُفذت بجهود “العون الذاتي”. لقد دفع إنسان الشمال من كد يمين أبنائه ومغتربيه ثمن الخدمات التي كان من المفترض أن توفرها الدولة، ولم يخرج شاكياً أو حاملاً للسلاح ليقطع الطرق أو يروع الآمنين.

*مغالطة “حكومة الشماليين*
إن محاولة حصر فشل الأنظمة السياسية في “عرقية الشمال” هي سذاجة سياسية متعمدة. الحكومات التي تعاقبت على السودان لم تكن “جمعيات خيرية لأبناء الشمال”، بل كانت أنظمة شمولية ضمت في دهاليز سلطتها وقادتها العسكريين وأجهزتها الأمنية أبناءً من كل أقاليم السودان، بما في ذلك دارفور وكردفان والشرق. إن تحميل مواطن الشمال البسيط، الذي يعاني من ضنك العيش، وزر قرارات نخب سياسية (من كل حدب وصوب) هو نوع من التزييف المفضوح للحقائق.

*صراع الهوية أم صراع التنمية؟*
بينما اختارت بعض الجهات طريق التمرد المسلح، الذي حوّل أقاليمها إلى ساحات صراع دمرت فيها الأخضر واليابس، اختار إنسان الشمال الصبر والعمل. نحن مهمشون تنموياً بامتياز، ولكننا نملك ثقافة “بناء الدولة” لا “ابتزازها”. إن الفوضى والاقتتال القبلي الذي يشهده إقليم دارفور هو نتاج صراعات محلية وأطماع نخب استثمرت في الحرب، والهروب من هذا الواقع عبر اتهام الشمال هو عجز عن مواجهة الحقيقة والاعتراف بالخطأ.

*التاريخ لا يُكتب بالأماني*
أما التشكيك في وطنية الشمال واتهامه بالاصطفاف مع الغازي، فهو قمة الجهل بصيرورة التاريخ. الشمال كان ولا يزال حائط الصد الأول عن هوية السودان واستقراره، وقدم الشهداء في كل منعطفات الوطن التاريخية. نحن لا ننتظر “فتاتاً” من أحد، فثروتنا في سواعد أبنائنا وعلمهم وتجارتهم التي عمت أرجاء السودان بالخير لا بالرصاص.

بدلاً من مطالبة الشمال بالاعتذار، على الذين أدمنوا لغة السلاح أن يعتذروا لأنفسهم ولأجيالهم التي حرموها من الاستقرار بسبب طموحاتهم السلطوية.
الشمال ليس مديناً لأحد، والوحدة الوطنية لا تُبنى بالابتزاز العاطفي أو تزييف التاريخ، بل بالاعتراف بأن الظلم وقع على الجميع، وأن الفرق بيننا وبينكم هو أننا آثرنا “البناء” بينما آثر غيرنا “الصراخ بالبندقية .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.