*ضرورة التحالف مع تركيا* لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد
*ضرورة التحالف مع تركيا*
لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

للضرورات أحكام كما ورد في الأثر ، والسودان يقف وحده تتناوشه الكلاب البرية من المليشيا وحواضنها الغوغاء ، وكل من تبعها من ( الرمامة ) ومن ورائهم أركان المؤامرة الكبيرة القاصدة لافلات السودان من أيدي أهله ، وسرقه موارده ، وتبديل هويته ، يقف وحيدا يصد غوائل المعتدين ، والملأ من حوله لا يحفلون بمصابه ، واذا ذكروه حرّفوا الكلم عن مواضعه وزوروا الحقائق ، وساووا بينه والمعتدين ، وما ذلك لهوان أمره عليهم فقط ولكن لجملة عوامل تدخل في معادلات الأمن القومي والاقليمي ، وقدرة قيادة الدولة في حسن استخدام ( الأوراق ) ولعب السياسة الجغرافية بمهارة ، والانفتاح على عوالم المصالح لعقد الاتفاقات وانشاء التحالفات ، وضبط ايقاع المجتمع الداخلي على نغم واحد لخدمة هدف واحد ، ومحاصرة الاصوات النشاذ ، والضرب على أيدي المتماهين مع العدو ، فضلا عن التدقيق بقدر الممكن في العمل المالي والاداري وفق القواعد والقوانين حتى لا تسري روح اهتبال الفرص ، وبالتالي انشار الفوضى .
نعم كل هذا وزيادة هو مطلوبات المرحلة لدولة تنزف دمها ومواردها بهذه الوحشية والشراسة والتآمر ممن حولها من دول الجوار التي انجرف بعض قادتها مع تيارات الاغراء ، وفسد قادة الأجهزة الأمنية فيها ، لاستخدام أرضهم قواعد للتدريب والامداد والاخلاء ، كل هذا وفق مخطط قديم متجدد ينشط كلما سنحت له الفرص ، وضعفت قدرة الدولة على المقاومة ، وما أضعف السودان حينما تولاه من لا يستحق الولاية من شراذم اليساريين الذين عاشوا عمر الاستقلال في تنغيص حياة الناس ، وافساد أمر دينهم ودنياهم ، ولقد تحقق لهم ذلك بعد كارثة ديسمبر المسماة ، وما تلاها من سقوط السلطة في ايديهم ، فاستغرقوا في العبث والانتشاء ، وهدموا نظام الدولة فانهارت بمن عليها .
السيد البرهان الذي رمت به الأقدار في هذه الفترة الحرجة من عمر الوطن ، رئيسا يتحمل عبء حكم وإدارة الدولة في ظروف حرب واضطراب غير مسبوقة ، يجد نفسه في مواجهة مصير في صراع ( صفري ) أن يبقى الوطن أو يبيد ، ولعل ضيق مواعين التفكير والاسناد بسبب غياب المؤسسات الشورية ، والمرجعيات القانونية ، والمراكز المعتمدة في صناعة القرار عبر البحوث والتدقيق ، لعل ذلك أخر خطوات اتخاذ المبادرات الجريئة في عقد تحالفات منتجة مع دول ذات وزن وسيادة ومقدرات ووزن عسكري وتأثير أمني واستراتيجي ، تستطيع أن تقف مع السودان وتسنده ، مما يردع الأطماع ، ويرد الغوائل ، ويخيف المتجاسرين الذين أساءوا الأدب وتجاوزوا المعروف بدفعهم مئات الآلاف من مواطنيهم ليقتلوا وينهبوا ويسرقوا ويعودوا بالمنهوبات كأنها كسب حلال .
*تركيا* هي أفضل من تمد اليه الأيادي لطلب العون ، ولا حرج في ذلك بالطبع ، ولها سوابق فضل على كثير من الدول التي عصفت بها رياح التآمر ، فكانت تركيا نعم المعين على نوائب الدهر ، والرادع القوي الذي تراجعت أمامه طلائع المؤامرة .
والسودان يملك من حظوظ الموارد وامتيازات الموقع ما يعضد موقفه ، خاصة وتركيا تهفو لتوسيع النفوذ وسباق الموارد ، وفي السودان مراغم كثيرة .
فالزيارة المزمعة للسيد الرئيس يجب أن تكون ذات هدف واحد واضح جلي ( *حلف* *عسكري* *عاجل* ) يمكن امضاؤه في جزء من ليل الرحلة ، وحين العودة سيكون فجرا جديدا مختلفا كليا ، تتقاصر فيه قامات المتطاولين ، وتنتكس فيه رايات الطامعين ، وتحترق فيه أرتال المتحركات الوافدة وخطوط الإمداد المتصلة ، وتُحرم فيه مطارات نيالا والفاشر ، والجنينة ، ومهابط الضعين ، وزالنجي ، وغيرها لانها تحت عين الرقابة المستمرة على مدار الوقت .
وهكذا ستكون الحرب قد وضعت أوزارها ليس فقط بالعمل العسكري المجرد والخاص ، مع أهميته بالطبع ، ولكن بالعمل والعلاقات الاستراتيجية بأبعادها الأمنية والعسكرية ، والاقتصادية ، والسياسية والدبلماسية ، والمجتمعية والإعلامية ، وكلها تمثل ( *قوى* *الدولة* *الشاملة* ) لأنه ليس من الحكمة الاقتصار على واحدة أو اثنتين مع إمكانية توظيفها كلها حزمة واحدة ، لتكون النتائج قوية وحاسمة وسريعة .
لعل روافد هذا الكلم وغيره مما يكتبه الحادبون من أبناء الوطن ، لعله يجد طريقه لمسامع هيئة القيادة السياسية ، فيكون لهم بعض اشعاع يومض لإضاءة الطريق في مثل هذه العتمة التي طالت ، والناس ينتظرون تنفس الاصباح .
أقال الله عثرات وطننا الغالي الحبيب
والأمل أن يجينا السيد البرهان ( بالفأس )
وتلك حكاية شعبية مليحة تعنى جاء بالحسم للقضية .
التحالف مع تركيا سيضع حدا لهذه المؤامرة الكونية .
وقد تحالف أشرف الخلق وأفضل الناس ، محمد صلى الله عليه وسلم تحالف مع القبائل لتحصيل توازن القوى المطلوب .
نصر من الله وفتح قريب
