منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار
وجه الحقيقة / إبراهيم شقلاوي. تحرير سنجة: الأبعاد الاستراتيجية والسياسية للتحول في ميزان الحرب . اخطر تقرير يكشف المؤامرة الاقليمية على شعب السودان ... استراتيجيات د. عصام بطران يكتب سماء السودا... خبر وتحليل عمار العركي دلالات ومؤشرات تحرير مدينة سنجة `زاوية خاصة نايلة علي محمد تكتب :` `ياشهيد عادت سنجة` تنفيذي شندي: تزامن انتصارات الجيش في سنار مع استمرار أعداد المقاتلين تأكيد على ان إرادة السودان لاتق... خبر و تحليل عمار العركي زيارة الوفد الإماراتي لجوبا : هل الإمارات خلف الانقلاب الفاشل فى جوبا حاوره مزمل صديق : مدير زكاة بلدية القضارف : 80% من مواردنا يتم صرفها علي النازحين... و هذا ما يفعله... مسارات محفوظ عابدين يكتب : مليشيا متعددة الجنسيات بتمويل من حكومة الولاية وصول جهازي الرنين المغنطيسى و الأشعة المقطعية لولاية القضارف مصطفى عبد العزيز ود النمر يكتب نسمو فوق الجراح و نبتهج فرحاً للفيتو الروسي وعبورا للمونديال الافريق...

د. حيدر معتصم يكتب : *أتبرا التي أعرف..و الحرب   (3)*

0

حوارات حول الأفكار..(121)
  إذن جاءت بنا الحرب التي تدور رحاها في الخرطوم إلي مدينة عطبرة،عطبرة بنسختها القديمة المتجددة بعد غياب لعقود طويلة فإستقبلتنا بذات الألق القديم حينما كانت مدينة عمالية مغلقة و محدودة السكان لدرجة أن أي طفل عطبراوي صغير يمكن أن يتعرف علي أي شخص غريب قادم من خارج المدينة و بذات الروح و ذات الألق القديم الذي كانت تستقبل به زائريها و تحتفي بهم أثناء حركة القطارات شرقا و غربا شمالا و جنوبا ،أما الآن فقد تبدل الحال و لم تعد القضبان هي القضبان وقد غابت السكة حديد و تحولت القضبان إلي أسفلت و طرق قومية و تحولت القطارات إلي حافلات سفرية تعج بالمسافرين و شاحنات محملة بالبضائع في كل الإتجاهات و قد تحولت المدينة بسبب  شبكة الطرق التي تربط أطراف البلاد إلي مدينة منفتحة تستقبل كل يوم آلاف العابرين و المقيمين و هذا بالطبع بجانب حركة الإستثمار في تعدين الذهب و الأسمنت و ما أحدثته و ما ستساهم به مستقبلا  تلك الصناعات من نهضة مع دخول صناعات أخري في مجال التعدين و غيرها  و أرض المدينة و الولاية حبلي و موعودة بكثير من الصناعات التعدينية الأخري مع توقعات و قليل من التفاؤل بعودة قريبة للسكة حديد و هي أكثر قوة مما كانت عليه في الماضي بإعتبار أن السودان مقبل علي نهضة و لا نهضة في السودان من غير السكة حديد .
     و ما يغيب  عن وعي سكان عطبرة حتي الآن و ما ينبغي أن يتحسبوا له كمجتمع و ليس كسلطة أو جهاز تنفيذي الإنفجار التنموي الذي بدأ يحدثه الإستثمار في مجال الزراعة البستانية عبر مشاريع ضخمة يمكن أن تؤهل المدينة لتكون أكبر مركز تجاري في القارة في مجال صادر الخضر و الفاكهة و و اللحوم و منتجات الألبان و مراكز الأبحاث و التطوير الزراعي وصناعات التغليف الغذائي و المعلبات العابرة للقارات عبر مطار مجهز بأحدث التقنيات العالمية في مجال الشحن و الركاب و بورصة تجارية تستقبل القادمين من كل أنحاء العالم و تكون قادرة علي رفد الإقتصاد الوطني بالعملات الصعبة و يحتم ذلك وجود نهضة عمرانية و نهضة شاملة في مجال الخدمات المصاحبة في المجالات  الفندقية و الإتصالات و مواقع الترفيه و غيرها من الخدمات الضرورية في صناعة النهضة الشاملة . 
       قلنا سابقا أن عطبرة قد أظهرت تماسكا مذهلا حتي الآن في الحفاظ علي القيم الجمعية لمجتمعها رغم  تلك التحولات الكبري التي حدثت في خارطتها السكانية لدرجة يمكن أن تكون فيها تجربة المدينة نموذجا حيا يحتذي من أجل معالجة واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ السودان و هي أزمة تأسيس وبناء المجتمع المدني السوداني و قيامه بدوره الطليعي في تأسيس و بناء الدولة السودانية و عدم إدراك الناس لدورهم الطليعي في معالجة أزمة الحكم في السودان و تنازل المجتمع عن ذلك الدور لصالح المكونات السياسية و الحزبية و عدم إدراك أن مؤسسات المجتمع المدني هي العمود الفقري و هي التي تؤسس و تبني و هي الحارس و الرقيب لمؤسسات الدولة و سلطاتها و هي الحامية للوطن و هويته من تغول السياسيين و تطرفهم المستمر و إختطافهم لدور مؤسسات المجتمع المدني و ما تزال التحديات قائمة أمام المجتمع المدني للمدينة عبر مواعينه المختلفة في النظر تجاه المستقبل المرشح لإنفتاح أكثر إتساعا و نشاطا في المجالات المختلفة و تقديم تجربة تساهم في إحداث ثورة مجتمعية علي المستوي القومي .
   إن مظاهر نشاط المجتمع المدني و حيوبته في عطبرة لا تخطئها العين لكل قادم و مراقب و من واقع تجربتي  لك أن تتخيل حجم الإهتمام الذي أولته المدينة و بشكل حضاري و منظم من خلال مؤسساتها المجتمعية إلي الوافدين من لهيب الحرب بالخرطوم و ما بين سهر نشطاء المدينة رغم ظروفهم في إيواء الوافدين كبرنامج ضخم يتعامل مع حشود كبيرة من الناس كل بظروفه و تفاصيله و بين التعامل مع حالة فردية كالبحث بسعادة لا توصف علي طريقة النفير عن خروف سماية لإمرأة وافدة قادمة مباشرة من الميناء البري مباشرة لمستشفي عطبرة حيث وضعت بسلام  في ظروف قاهرة و غاية في التعقيد و ما بين الحدثين أحداث و قصص تروي حق لأهل عطبرة أن يفخروا و يعتذو بها ، و ستصاب بالدهشة حينما تسمع أن أحد أصحاب المستشفيات الخاصة قد أخلي مبني المستشفي لإيواء الوافدين مجانا لمدة شهر حتي يتثني لهم توفيق أوضاعهم ،و حينما تري شباب الهلال الأحمر و هم يدخلون البيوت بزيهم المميز و بهمة و هم يقومون بعمليات الإحصاء و السؤال عن المرضي زوي الحالات الخاصة و كيفية معالجة حالاتهم مع الجهات الصحية ،و لا بفوتني أن أحكي عن إيواء الناس في المنازل و الزوايا و الأندية الرياضية و الخيام و لك أن تتحدث بكل ثقة بأن هذه المدينة المعطاءة الآن تتقاسم الحياة مع هؤلاء الوافدين مناصفة و ربما أكثر علي مستوي معادلات راحة الفرد و إقتسام الموارد و السكن و العمل و غيرها من التضحيات برضي كامل وأريحية يحسد عليها مجتمع المدينة.
أما الحديث عن بعض الظواهر السالبة كالمغالاة في أسعار إيجارات المنازل و السلع و غيرها فمن الطبيعي جدا أن تحدث مثل هذه الظواهر ليس في عطبرة فقط بل في أعتي الدول و أغني الإقتصاديات كنتيجة طبيعية لإعتبارات إقتصادية عادية تحدث في أي مكان في العالم وفقا لقانون العرض و الطلب و بإعمال قانون النسبة و التناسب و بالمقارنة لا أعتقد  أن تلك الظواهر ستمس أو تقلل من قيمة المدينة و ما قدمته و ما أظهرته من ترحاب بالوافدين و تماسك مجتمعي يعبر عن قيم المدينة التاريخية و المكتسبة عبر تراكم معرفي متخم بقيم التكاتف و التعاضد المجتمعي الذي عرفت به و تميزت عطبرة و من الطبيعي أن تظهر البقع السوداء علي الثوب الأبيض كنشاز …نواصل .
د.حيدرمعتصم 8يونيو 2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.