رشان أوشي تكتب: بورتسودان… القضية المركزية (1_2)..
تنتهج الحكومة التنفيذية سياسة بالغة الخطورة، وهي تجاهل تعدد مراكز القوى الذي أصبح يصب الزيت على نار ملتهبة أصلاً.
الإصرار على وضع الجهاز التنفيذي كجزراً معزولة ولوبيهات، لا يترك للسودانيين غير خيار الاستماتة في المطالبة بتغييرات جذرية، ومغادرة بعض الشخصيات التي تتحكم في مفاصل الدولة المسرح التنفيذي.
يُتّهم الجهاز التنفيذي للدولة بأنه امتهن إضاعة الفرص لحل قضايا الخدمات اليومية التي دخلت عامها الرابع من الاستعصاء، وكانت خدمة “الكهرباء” على رأس القائمة، خاصة وأنها غير مستقرة منذ سنوات، مما تسبب في انهيار قطاع الصناعة في السودان.
غرقت مدينة “بورتسودان” في ظلام دامس منذ مايو الماضي وحتى قبل أسبوعين، كانت خدمة الكهرباء تنقطع لساعات طويلة وسط ارتفاع درجات الحرارة، اضطر معظم أهلها للنزوح إلى الولايات القريبة التي تتحلى بأجواء خريفية، كانت المعركة في الخرطوم مستعرة، والجهاز التنفيذي معطل، ولا صوت يعلو فوق صوت البندقية، لذلك لم يهتم الشعب بمناقشة أزمات متوارثة أثناء أزمة أكثر عمق.
وبعد انتقال الجهاز التنفيذي بشكل مؤقت إلى مدينة “بورتسودان”، وجد المسؤولون أنفسهم في مواجهة تدني الخدمات بولاية البحر الأحمر، ولا سيما خدمتي “المياه” و “الكهرباء”، وكان لا بد من حلول عاجلة.
البارجة التركية هي التي تغذي المدينة بالكهرباء، بجانب الشبكة القومية، عدم الإيفاء بالالتزامات المالية وتراكم المديونيات من جانب وزارة الطاقة والنفط، دفع الشركة التركية لابتزاز السودانيين، حيث تنقطع الكهرباء لأيام حتى تستلم الشركة أموالها، كانت تجني مبالغ ضخمة، كافية لإيجاد بدائل محلية وحسم القضية نهائيا، ولكن الوسطاء والسماسرة، والذين أدمنوا نهب المال العام، لا تروقهم الحلول المحلية، فهي لا توفر “كوميشنات”.
بعد أن وجد قادة الجهاز التنفيذي أنفسهم في مواجهة أزمة الكهرباء، شكل رئيس الوزراء لجنة خاصة للتعامل مع ملف كهرباء بورتسودان، عملت طيلة شهر ونصف، وقامت بمراجعة كل التعاقدات السابقة، واكتشفت أن الدولة أهدرت مبالغ ضخمة في سبيل توفير حلول لأزمة الكهرباء بالمدينة وبقية السودان، واجهت أعمال اللجنة معارضة قوية من أطراف كثيرة في شأن التعاقد اتحادياً وولائياً، وكان ذلك سبباً مباشراً أن يعيش أهل السودان جحيم الصيف والحرب.
بعد جهود مُضنية، وصراعات عنيفة تمكنت اللجنة من إلغاء عقد الشركة التي تخص رجل الأعمال التركي “أوكتاي”، وتوفير مبلغ مقدر كان يذهب هباء بلا فائدة واضحة تعود للشعب.
رغم العثرات تم توقيع عقد لمدة (15) شهر مع البارجة التركية، بجانب بدء العمل لتشغيل المحطة الحرارية التي بدأ تنفيذ جزء من أعمالها وتوقفت.
بما أن الدولة الآن تعمل من ولاية البحر الأحمر، إذا لأهلها حقوق ومطالب، هي أولى باهتمام الجهاز التنفيذي؛ مشروع المحطة الحرارية، بجانب مشكلة “المياه” ظلت لسنوات طويلة مطلب أهل الولاية الأول، واليوم شاءت الأقدار أن تحل الحكومة ضيفة لديهم، وهذه فرصة يجب اغتنامها لتحقيق مطالب أهل البحر الأحمر في الخدمات الأساسية.