منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عمار العركي يكتب : قراءة تحليلية لحوار الرئيس الإريتري لصحيفة الشرق الاوسط السعودية

0

• على هامش القمة السعودية الإفريقية الأخيرة أجرت صحيفة الشرق الأوسط حوار صحفي مطول مع الرئيس الإريتري “أسياس أفورقي”، تناول فيه عدد من المحاور والقضايا الإقليمية والدولية ، نتعرض في هذا المقال لتحليل مختصر لبعض المحاور المتعلقة وذات الصلة بالسودان التي جأءت في الحوار :-
• عُرف عن الرئيس الإريتري “اسياس أفورقي” بُعده عن الإعلام والتصريحات إلا فيما ندر و إلا بعد إختيار ذكي للتوقيت والمناسبة والمنبر لإرسال رسائله ، حتى يجعل من “الإختيار” في حد ذاته رسالة ، والأمثلة كثيرة ، منها ما حدث في العام 2018م، إبان زيارة (ابي احمد) لاسمرة من غير دعوة مخترقاً سياج القطيعة والخصام الذي إمتدى لسنوات، ومباغتة “أفورقي” بمبادرة السلام الشامل المعروفة.
• حينها لم يصدر عن “أفورقي” أى ردة فعل تفيد القبول او الرفض ، فإن هو قبل يكون قد منح خصمه -ابي احمد – كسب ورصيد سياسىي لا يستحقه، سيما وهو المتطلع للزعامة الإقليمية ومنافسة “أفورقي كعميد متوج بين رؤساء إفريقيا ، وان هو رفض فذلك سيقلل من زعامته وعمادته تلك ويظهر بمظهر أمير الحرب.
• فانتظر” أفورقي” فترة اسبوعين من تاريخ الدعوة حتى حان آوان الاحتفال السنوي ” لعيد الشهداء الارتريين الذين قُتلوا في الحرب مع أثيوبيا”، وبكل الذكاء والمكر الذي عُـرف به قال “افورقي” في خطابه ( أقبل دعوة أخي (ابي احمد)، ان كانت تُلبي المطالب التي ضحى من اجلها هؤلا الشهداء أولاً والشعب الإريتري ثانياً).
• وها هو “أفورقي” الصامت منذ يوليو الماضي بعد آخر حديث له في “قمة دول جوار السودان بالقاهرة، والتي كانت بذات مواصفات “إلإختيار” اعلاه ، ليختارالحديث على هامش ” القمة السعودية” ، ومن العاصمة الرياض على منبر جريدة (الشرق الأوسط) تحديداً دون المنابر الأخرى ليجعل من المكان والتوقيت والمنبر في حد ذاته رسالة.
• نستشف من الحوار ثبات وتمترس “افورقي” حول مواقفه – أُتفق أو أُختلف حولها – وعدم التأثر بالضغوط كغيره من رؤساء دول المنطقة ، مثلاً لذلك : (موقفه من كل الكيانات الإقليمية وعدم التمحور) من منطلق بأنها محاكاة للنموذج الغربي الخارجي لتمرير الأجندة الغربية والخارجية.
• لذلك ظل “أفورقي”ثابت على مبدأ رفض الإنضمام لجامعة الدول العربية رغم الدعوات المتكررة من الجامعة منذ لحظة استقلال ارتيريا في 1993م وحتى تاريخ اليوم ، فيما اتسمت علاقة اريتريا بالاتحاد الإفريقي والإيقاد بالتوتر والإنسحابات والقطيعة المتكررة من قبل ارتيريا ، وفي أحيان كثيرة يصف “أفورقي” العلاقة بأنها عدائية تجاه بلاده ، وتتبنى أهداف ومصالح خارجية ، وبالتحديد “مصالح الولايات المتحدة” التي انتقلت علاقتها مع إرتيريا من الإيجابية، الى الفتور ثم التردي حالياً، خاصةً بعد ما اتهمت تقارير رسمية إريتريا “أمريكا” بخلق بيئة دبلوماسية عدائية ومساعي دولية معادية للمصالح الإريترية في المنطقة.
• اما حديث “أفورقي” عن الدور السعودي المؤثر والإيجابي على الصعيدين الإقليمي والإفريقي وجدوى الشراكة الذكية في ذلك ، اضافة لإشادته بمنبر جدة الخاص بالسودان ….الخ ، فقد يظن البعض أنه نوعاً من التقرب والتكسب السياسي والمادي ، ولكن المتابع لعلاقة إريتريا بالسعودية ومستوى التنسيق والتعاون الإستراتيجي بينهما يلحظ غير ذلك ،وواقع العلاقة يُصُدق قول “افورقي” بالواقعب ، خاصةً فيما يتعلق بإبعاد “الإمارات” عن المؤاني الإرتيرية والغاء إتفاقية إيجارها لصالح السعودية ، والتنسيق مع السعودية في حرب اليمن وأمن البحر الأحمر وتأسيس مجلس الدول الثمانية المشاطئة له كفكرة سعودية وتنفيذ مشترك مع ارتيريا ، والدور الكبير الذي قام به أفورقي في الاتصالات والتواصل واقناع بعض من دول الساحل قاطعاً الطريق امام “الامارات” التي كانت تنافس السعودية في تصدر وقيادة المجلس.
• فيما يخُص الشأن السوداني قدم افورقي قراءة حصيفة مشخصاٌ المشهد السوداني تشخيص دقيق حيث قال افورقي ( التعقيدات في المشهد السوداني نتاج تدخلات وأجندات خارجية، ومن دون جدلية أستطيع القول إن النظام السابق علّم السودانيين كيفية أن يحسنوا اختياراتهم، ولذلك انطلقت الانتفاضة بشكل عفوي، فالشعب عبأ نفسه بنفسه، وليس لأي قوى سياسية أو حزب، وله الحق في أن يدعي تبني ثورة ديسمبر2019م).
• كما ذكر”افورقي” عوامل وتطورات زادت من تعقيد وتأزم المشهد، حددها بقوله ( الثورة السُودانية العفوية والفترة الإنتقالية تعرضتا لعملية غسل من قبل الأجندات الخارجية بمساعدة داخلية، وذلك لأن السودان مستهدف من حيث الموقع الجغرافي والسياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي).
• وعن دور(الإتحاد الإفريقي) و(هيئة الإيقاد) في الأزمة السُودانية ، تحدث “افورقي” من منطلق موقفه المبدئي المعروف بمعارضته ومخالفته للإتحاد الافريقي حيث قال (كما يقولون فإن “الاعتراف بالحق فضيلة”، يتحتم علينا أن نقرّ بشكل عام بأنه لا وجود فعلي لأي منظومة أفريقية، سواء منظمة اتحاد أفريقي أو منظمة إيقاد) ثم تناول الدور الإفريقي في السُودان بشكل خاص موضحاٌ ان (الدور الأفريقي في القضية السودانية مُخز، موجه سؤلاً إعتراضياً لماذا يحدث للشعب السوداني ما حدث؟، كل المنظمات الأفريقية فضلاً عن منظمة الأمم المتحدة، فشلت في السُودان، كاختبار حقيقي لوجودية هذه الكيانات التي درجت على تأجيل الحلول).
• وعن دور الأحزاب والقوى السياسية السُودانية ، أبدى افورقي “اسفه” قائلاً: ( عدم وجود قوى سياسية في السودان بالمعنى، ولا أعترف بها وليس منها جدوى لانها تعقد العملية السياسية،وتأتي بالتدخلات الخارجية)، فهذا موقف وراي ثابت لدى “افورقي” ادلى به قبل خمسة سنوات لوفد المجلس العسكرب الإنتقالي الذي زار “أسمرا” لتوضيح ضروريات التغير الذي في السُودان، فحمل “افورقي” الوفد رسالة ونصيحة غالية “للبرهان” وهي (ان يستمر المجلس العسكرب الإنتقالي في السُلطة وإدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عام ، محذراٌ من اشراك “الأحزاب والمدنيين” مهما تعرضوا لضغوط ومعارضة وليس أمامهم إلا الذهاب والإستعداد والتجهيز لإنتخابات عامة بعد مُضي العام).
• في ذات السياق كشف “افورقي” في حديثه عن طرح مبادرة ( بخصوص السُودان تختلف عن أطروحات بعض السياسيين التي ترتبط ببعض الأجندات الخارجية المقدمة في عدة عواصم أفريقية. لكني لن أفصح عنها للإعلام أو النشر، إنما ساعرضها على دول الجوار،)، هذه الإفادة تحمل العديد من الأهداف التي يسعى “افورقي تحقيقها ، ورسائل يريد إرسالها ،” فهو يهدف الى “إثبات” ان “الحل” في السودان “ارتيرى” خالص ، وهذا ما يجعله يُصر على محاولات تكرار التقدم بمبادرته، التي فيما سبق، إما أُهملت “عمداٌ” وإما رُفضت “صراحة” من الجانب السُوداني في مناسبات عديدة – سبق ان تناولنا مبادرات افورقي بالتحليل وأوضحنا رفضها لم يكن لأسباب تتعلق بإرتيريا او رئيسها بقدر ما هي تقديرات سياسية داخلية متعلقة بأطراف الصراع في السودان – كذلك هدف “أفورقي” الى إثارة غريزة الإستطلاع والإهتمام والملاحقة الإعلامية بمنح مبادرته نوع من الخصوصية والسرية ، في ذات الوقت ارسل رسائله في بريد المبادرين الحاليين والعواصم المتدخلة في السودان الذين يتجاوزنه وبلاده في مساعيهم بإعتبار الأولى والأحق بالتدخل من أي دولة أو رئيس دولة اخرى.

• *خلاصة القول ومنتهاه:*
• إفادات وإجابات افورقي أكدت على أنه الرئيس الوحيد على مستوى المحيطين العربي والإفريقي الذي يجيد قراءة المشهد السُوداني على حقيقته المجردة ، ويفهم تعقيداته التي نعتقد على ضؤها صمم مبادرته وهذا يجعلنا نُذكر بخلاصاتنا السابقة عن الرئيس افورقي:-

افورقي” يعتقد ان للسودان فضل عليه و وعلى الشعب الإرتيري منذ إنطلاقة ثورة التحرر والنضال حتى نيل حق الإستفتاء والإستقلال لكنه مسكون بهواجس وظنون الماضي ، بينما ” السودان ” وبسبب ادارة خاطئة للعلاقة سابقاً وحاضراً ضل طريقه الى إرتيريا.
* لا تعترف السياسة والعلاقات الخارحية بالثوابت والذهنية الإنطباعية ، وهي في حالة تحول وحراك بحسب بوصلة المصالح ،في هذا الإطار وفي الأوضاع السُودانية أقبل “افورقي” نحو السودان مشياً بخطوات قولية وفعلية بشكل يُحتم على “السُودان والبرهان” التعاطى الإستجابة بتعزيز وتطوير العلاقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.