منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

مصعب بريــر يكتب : *استراحة مع كاتب .. (لي خــير) ..!*

0

البعد الاخر

– نستريح معكم بهذه الجمعة المباركة مع الاستاذه منال العجمي وهي لازالت صامده بدارها بالخرطوم و الحرب تدخل شهرها التاسع ، سطرت (بأمل) يسع الدنيا أيام من الوجع و المعاناه لاهلنا بالحاره الرابعه امبده ..

– أربعون يوماً منذ إنقطاع الكهرباء و بالتالي إنقطاع الشبكات و حتى الأن لم تأتِ ، و لم نتصور أن تمر هذه الأيام و نحن في ظلام دامس و نصبر كل هذا الصبر ، لكن رحمة الله و لطفه أعطتنا يقيناً و تغلبنا على كل الظروف و كيفنا أنفسنا على هذا الوضع وذلك بإتباع الأتي :

– أولاً : الإضاءة : إشترينا بطاريات ولمبات تشحن بالشمس نهاراً و نستعملها ليلاً .. ثانياً : التهوية ، المكيفات و المراوح لم نعد نفكر فيها ، و طول النهار من ضل لي ضل ، و من حيطه لي حيطه ، و رجعنا للعناقريب (الهبابه) لأنها أحسن و أخف في النقل و البرودة ، و الحمد لله أقبل الشتاء بنسماته ، و ضل الشتاء أصبح كبير و لم نعد في حاجه للمراوح أو المكيفات ..

– ثالثاً : النار ، بعد إنعدام الغاز لجأنا إلى الهيتر ، و بعد إنقطاع الكهرباء رجعنا للموروثات، و ما أجملها ، الكانون و الفحم و الهبابه ، و حتى الطبيخ و الشاي لهم مذاق خاص بالفحم ، و إذا ما تبقى قليل من الطبيخ نضعه في حله ، ثم نضع الحله في إناء به ماء حتى لا يفسد ، أما الخضار فيوضع في شوال من الخيش ، و يرش كل صباح بالماء ، خاصة إن الحصول عليه أمراً صعب المنال ، فالأسواق جميعها قد أغلقت و لا بد أن يسير الشخص بأرجله مسافات طويلة ليصل إليها ، لأنه ليس هناك ما يركبه ، و إن وجد فهي عربه الكارو التي يحصل عليها بعد معاناة فهي غالية السعر ، و قد تتعرض للنهب ..

– رابعاً : المويه ، تقطع بالأيام ، و تغيب و تأتي ، و إذا جاءت في منزل و احد كل الحله تنقل منه ، رغم ان صاحب البيت قد يكون سافر أو نزح خارج الخرطوم .. طيب نبردا كيف ؟! في الأول كنا نملا الحافظات مباشرة من المواسير ثم نشرب ، اما الان رجعنا للقُلل و الازيار بعد أن طالت المده ، ثم تطورنا و صرنا نذهب للحاره (١٢) للثلج , و اي شخص هناك يلبي حاجتك بكل كرم وجود حتى إن كنت لا تعرفه فنشرب الماء البارد بفرحه كأنه ماء زمزم ..

– خامساً : وقت الفراغ ، الحمدلله أصبحنا ننوم منذ الثامنة مساء ، ثم رجعنا للكتب و المجلات و أصبحنا نتبادلها ، و كم هو مفرح عندما أرى بنات أختي الصغار يتسابقن للمصاحف لحفظ السور الطويلة من القرءآن ، و عندما وزعت لنا زوجة أخي الحلوى و البلح لأنها ختمت طرنا من الفرح ..

– نسيت ان اقول ليكم رجعنا للأحاجي و الونسات في الظلام ، و من حسن حظنا أن لنا خالات نزحوا من الخرطوم و سكنوا بجوارنا ، و رغم أن بيتهن نهب حتى الأبواب و الشبابيك ، هن يبتسمن بيقين في وجه هذا الزمن الأغبر بكل تحدي وعناد ، و أصبحن ملاذاً لنا ، و في كل ليلة نجلس و صغارنا كأننا في حصة لنستمع لهن وهن يقصصن علينا حجوة (فاطني أم حجل ، ودهيبه ، جلابه ، و كريت و عنز البيت) ، و صوت الضحك و الونسة يصل ناس الشارع فينبهوننا لنخفض أصواتنا .. رجعنا تاني (للرادي) و لكن هناك مشكله الحصول على (حجارة الراديو) فهي معدومة في زمن الكهرباء ..

– سادساً: التكاتف ، الناس صارت تتميز بالتعاون و المحبة ، و كلهم اصبحو يداً واحدة ، يقتسمون اللقمه (إن وجدت) ، و يتشاركون في مطارده الحراميه ، و يجمعون ما تبقى من كرسي أو أنبوبة أو مروحة سقطت منهم ويدخلوها أحد البيوت حتى رجوع صاحبها .. سابعاً : الزمن ،
أصبحنا لا ندري هل اليوم الأحد أم الخميس لأن الأيام كلها متشابهة ولا نعرف الأيام والتواريخ ولا نعرف (الليله يوم شنو).. كل شيء تعطل الكهرباء ، النت ، الشبكات ، الموية عدا الهواء الذي نتنفسه ملوثاً بالدخان الذي يغطي الأفق ..

– كل شيء يدعو للقلق ، كل شيء يدعو للتوتر ، و لكن ما يقلقنا هو قلق الأخرين علينا و هم على البعد و لا نستطيع أن نطمئنهم .. طالما عدنا لكل قديم و تالد ليتنا نعود لزمن الرسائل عبر الحمام الزاجل ، و لكن كيف و أسراب الطيور تحلق في رعب عندما تسمع أصوات المدافع و الدانات و لا أستطيع أن اخاطبه (لو تعب منك جناح في السرعة زيد…. في بلدنا ترتاح ضل الدليب اريح سكن) ..

– سبحان الله كل شي توقف ما عدا الآذان فصوت (الله أكبر) يعلو رغم أصوات المدافع و الدانات و المُسَّيرات و الطائرات ليصل صوته عنان السماء ، دون توقف منذ اندلاع الحرب في أبريل ، حقاً الله أكبر فوق كل كبير .. ومن مزايا الحرب نزوح أحد الأئمة من منطقه أكثر خطورة ليسكن بجوارنا ، و صارت له تلاوة يوميه عبر مكبرات الصوت التي تعمل (بالطاقة الشمسية) لسورتي يس والواقعة لننصت لها في خشوع و نحن في منازلنا ، ثم نردد معه (آمين آمين) حين يدعو ويتوسل بالأدعية (اللهم أزل هذه الغمة عن هذه االأمة ، يا مغيث أغثنا اللهم أرحم العباد و ألطف بالبلاد) .. الغريبه ما زالت المساجد مكتظة بالمصلين رغم أن البيوت خاليه ..

– أخيراً ، يعلم الله لم نتضجر أو نسخط أو نغضب ، بل وصلنا إلى يقين تام وتركنا حتى السؤال عن الكهرباء (ما جات) ، ألم أقل لكم انه لي خير .. ملحوظه : هذا المقال لا أدري يصلكم ام لا لأنه سيعبر الفيافي حتى يصل مكان به شبكه .. منال العجمي (١٤ ديسمبر 2023م) ..

*ليس لها من دون الله كاشفة*

*حسبنا الله ونعم الوكيل*

*اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين*

#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الجمعة (12 يناير 2024م)
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.