*رجعية العقل الثوري*
يبدو غريبآ هذا العنوان لكن قصدت ان يكون كذلك ليلائم الحالة التي نعيشها بعد الفشل المزري للنخب السياسية الثورية بين مزدوجين بعد سقوط نظام الانقاذ وعدم قدرتها على تكيف الاجواء الثورية وبناء منظومة تحافظ على هذا الزخم للمضى قدمآ بالدولة السودانية في انشاء نظام ديمقراطي وطني حقيقي بعيد عن المحاور والتبعية السياسية التي تخطفت الثورة السودانية ٠
ابدآ لم يكن في تصور المتابع للشأن السوداني ان تتماهى احزاب ادعت الثورية والديمقراطية خلال الثلاثون سنة الماضية مع مليشيا مارست القتل على الهوية والتهجير القصري في حق المواطنيين السودانية منذ نشأتها هذه الظاهرة جديرة بالدراسة والتحليل والبحث عن صدقية وجدية هذه الاحزاب في شعاراتها السياسية والثورية عن الاسباب الحقيقية وراء مواقفها التي ادت الى اشعال حرب ١٥ ابريل التي كادت ان تصعف بالدولة السودانية وتفتيتها لولا القوات المسلحة وقدرتها على امتصاص الصدمة والتعامل معها بخبرة تراكمية فاقت كل التصورات على مهنيتها وتماسكها الذي افشل هذا المخطط الدولي ٠
ما افرزته هذه الحرب من تداعي سياسي مواقف متماهيه من قبل احزاب المجلس المركزي كان مخزئ ومخيب للامال لدى الشعب السوداني كان شعور اقرب الى الصدمة والتحسر على الثورة اكثر من الاحزاب التي طفت على سطح بعد سقوط النظام ٠
الان لا احد يتحدث الثورة فواقع الحال اسوء بكثير نتيجة لهذه الحرب وممارسات المليشيا التي فاقت كل التصورات في بشاعتها واستهدافها المباشر للمواطن السوداني ٠
كنا نأمل من الاحزاب السودانية ان تعمل على احداث حراك وحوار مجتمعي ثوري يبحث عن آليات وطرق الحكم الرشيد وتطبيق شعارات الثورة السودانية بدلآ عن اخذنا الى هذا المستنقع والفشل الثوري من اجل اطماعهم ورؤياهم القاصرة عن ماهية الدولة والمجتمع والحكم ٠
لم تتوقف هذه احزاب المجلس المركزي عند هذه النقطة من الفشل بل راحت تدق اخر اسفين في نعش الثورة السودانية بالتماهي والتقاطع مع المحاور الاقليمية التي تزود هذه الحرب بالسلاح والمرتزقة لقتل الشعب السوداني الذي ناضل وكافح من اجل حياة ديمقراطية ومستقبل واعد لاجياله ٠
الثورة الحقيقية اليوم هو العمل على انهاء التمرد ومحاسبة كل من اجرم في حق الشعب السوداني ومن ثم العمل على بناء دولة ونظام ديمقراطي حقيقي يستوعب كل الكيانات والاحزاب السودانية دون استثناء ٠