منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عز الدين ابو جمال يكتب : *مقالات في سسيولوجيا الواقع.(1)*

0

عز الدين ابو جمال يكتب :

*مقالات في سسيولوجيا الواقع.(1)*

قبل سبعة سنوات كتبت عن المشكلة السودانية وطمس الهوية الحضارية…..
اليوم نتحدث عن ماهو الهدف من طمس واستئصال مجتمع الحضارة في السودان:
لعل الحديث كان جله عن طبيعة المشكلة السودانية باعتبارها مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى والتمظهر السياسي والاختلال الاقتصادي ماهو لا انعكاس لهذا الواقع الاجتماعي المتباين…
فكانت مساهمة الدولة في تعميق هذا الإشكال واضحا جدآ في تنامي هذا الخلل من عجزها في احسان التدبير المؤسسي لأجهزة الدولة باستخدام ادوات الحالة (البدوية) نعني بها سياسة التمييز الايجابي والترضيات القبلية والجهوية( كيكة المناصب) ( تمييز طلاب دارفور) نموذجاً..في ظل وجود دولة قطرية (مدينة) منذ آلاف السنين ….
شواهد ومشاهد الخلل البنيوي للمجتمع السوداني:
أولا: الحضارة بمفهومها وادواتها تنشأ دائماً في المجتمعات المستقرة وكما ذكره علماء الاجتماع بأن ادواتها تقوم علي مثلث اضلاعه ( الإنسان،والارض،والزمن) وايضا ماذهب إليه مالك بن نبي.في فلسفة الحضارة
ثانيا : المجتمعات البدوية ( الرعوية) لاتمتلك عنصري الارض والزمن في بنيتها فهي تبع لما تملك من مصدر رزقها الزي تتباهى به ( ابل ،بقر،غنم) فتتحرك وفقا لمطلوب ماتملك من حيوان من أجل( الكلأ والماء )فلذلك الارض عندها ليست مقدسة
اما عامل الزمن خلافا لاصحاب الاستقرار (المزارعين) والزراعة عندهم مواقيت فالزمن مقدس ويرتبط بحساب دقيق جدآ ( العين) بكسر العين وتشديد الياء.
اما الرعاة فيبدعون في تضيع الوقت فالراعي يحمل ( صافرة) وهو يتغني بها طول اليوم اويجلسون للعب (الطاب) أو يتحلقون للغناء والمجادعات الشعرية
قدر السودان:
تمثل هذا القدر في مكونيين
1/ مجتمع حضاري لهو جزور وبنية حضارية منذ آلاف السنين استوطن حول النيل وروافده يمتلك كل ادوات ومقومات الحضارة المدينة
2/مجتمع بدوي رعوي يتحرك بأريحية تامة منذ مئات السنين في المناطق الصحراوية والشبه الصحراوية دون التقيد باي شكل من مظاهر الدولة القطرية (المدينة) الحديثة بالا حسيب او رقيب فاصبحوا نهما لمن يدفع او لمن يحكم (سلطة للركبة ولامال للرقبة)وفق الموروث الثقافي الزي يقوم علي اركان تنعدم فيها ابسط قيم الحضارة والمدنية.
فكان قدر السودان أن يقوم بين النموذجين في منطقة احتكاك وتباين واضح ابسط مايمكن ان نسميه بحالة التعايش ( اللا حرب واللاسلم) موقلة في الميوعة ( الدولة واللا دولة) تمزج فيها بين قوانين مدينة وأحكام عرفية في فض النزاع المتوارث لألف السنين وهذا ما أثر بشكل كبير في المساهمة علي اظهار سرعة التغير الاجتماعي.
فقد كان سابقآ حدوث التغير يحصل في وقت طويل والفوارق بسيطة في مظهرها فتجد الفرق بين جيل وجيل يكاد لا يري إلا طفيفاً ، اما الآن فالفارق بين الجيل والجيل كبير جدآ ويحدث في وقت بسيط
وهو ما أطلقنا علية (تسونامي التغير الاجتماعي)
علي هذا الأساس في ظل وقوع السودان في هذا الجرف المائع اجتماعيا فان اي شكل من اشكال الغلبة بين المجتمعين سواء غلبة عددية او قتالية ( نشوب حرب) فان التجريف الزي يحدثه (التسنامي) للفريق الغالب يظهر ويكشف عبر الظواهر الاجتماعية لثقافة الغالب علي كافة المجتمع.
خلاصة الأمر:
ظواهر الغلبة العددية ظهرت منذ أكثر من عشرة اعوام وظلت في تنامي واضح.. في القيم والسلوك والسحنات واللغة والالفاظ واللهجات في اللبس والمناسبات سواء كانت افراح او اتراح في الثقافة والفنون ( قونات) وغيرها من قياسات الظواهر المجتمعية….
وتوجت الان بالغلبة العسكرية لتظهر ابشع ماتحمل من ثقافة بربرية متوحشة وسلوك بدائي لاينتمي لاي قيم إنسانية.
قتلا ونهبا واغتصابا وتدميرا لكل مايقع في عينها من بلاد الحضارة التي اصبحت عندهم ( دولة ٥٦) كما صورها لهم من يحركوهم بدوافع الانتقام والتشفي.
ثم ماذا بعد ذلك:
الزين يعملون علي اقتلاع مجتمع الحضارة السوداني ( وهم الخارج الدولي مع تواطؤ اقليمي باستغلال ميوعة المجتمع وهشاشته)وهو هدف استراتيجي لهم يستهدفونه لثلاثة اسباب رئيسية:
1/ تهجير اهل الحضر لبلدانهم ( الخليج والغرب)فهو مخزون بشري يمتاز بخبرة وتعليم ويحمل موروثات حضارية وقيم انسانية واجتماعية عالية وصاحب تواصل ثقافي لغوي ديني (سمعة المغترب السوداني في الخليج) اضف لذلك زو كلفة بسيطة (أرخص عمالة)
2/ مطمع جيو سياسي يربط بين افريقيا شمال الصحراء وجنوبها وهو معبر للهجرات الغير شرعية وملتقي التجارة العابرة ( البشر ،المخدرات،السلاح،المعادن النفيسة……) ويجاور العمق لوسط وشرق وغرب أفريقيا مع الشمال ،مع اطلاله علي البحر الاحمر الزي يشكل واحدا من اهم الممرات المائية في العالم.
3/ مخزون لكافة موارد الحياة البشرية ( ماء من السماء ومن داخل الارض،ارض سهلية خصبة ،ثروة حيوانية ضخمة زات مراعي طبيعة شاسعة ،معادن بكل انواعها ، بترول….. )
لذلك هم يهجرون العنصر البشري الحضاري حتي لا يستفيد من كل هذه الخيرات ويبني عليها دولة القيم والحضارة التي تقف سدا في وجه مشارعيهم الإقليمية ( الاسلام واليهود) والدولية (الصراع الاسلامي المسيحي) القديم المتجدد واحداث النموزج الزي غاب……
فقاموا باستخدام المجتمع البدوي لاقتلاع هذا النموزج وتهجيره فالبسوهم جملة من الأسماء حسب الحالة التكتيكية لسير التغير الجارف وتحركاتة علي الأرض
بدأ باستقطاب النخب المتعلمة( تربت عندهم كرزايات سودانية)والوسط الشبابي من طلاب الجامعات والخريجين عبر التعبير السياسي تارة وعبر شراء النخب السياسية بالمال تارة أخري …
فبدأ التكتيك من(الكيزان والإسلاميين مرورا بدولة 56 وعبر دولة ناس البحر ولن تكون النهاية باستئصال “بلدة” بضم الباء من ارضه )
انما النهاية الحتمية هي استئصال هذا المكون البربري نفسه الزي استخدم كاداة مؤقتة بتنفيذ المهمة ليجد نفسة مطلوبا عندهم في محاكمهم التي نصبوها للخلاص منهم عبر أدوات مايسمي بالمجتمع الدولي وآلياته ( امم متحدة ومجلس امن ومحكمة جنائية وغيرها……)
لتفريق المسرح اما تقسيما جغرافياً وتسليمه للكرزايات ( قحت )او ادخاله تحت مسمي الوصاية الدولية بالكامل لصناعة سوريا المقسمة او استدعاء النموزج الليبي…..
عندها فقط سوف نقول اكلت حين اكل الثور الأبيض.
………
عزالدين ابوجمال
القاهرة الاحد 24 ديسمبر 2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.