منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

نورالدائم عبد الحميد سليمان يكتب : *التخذيل و الإرجاف*

0

نعيم بن مسعود هو الذي أَوقع الخلاف بين قُرَيظة وغَطَفان وقُرَيش يوم الخندق، وخَذَّل بعضهم عن بعض، وأَرسل الله عليهم الريح والبرد والجنود، وهم الملائكة، فصرف كيد الكفار عن النبي والمسلمين.
ولما أَسلم واستأَذن النبي في أَن يُخَذِّل الكفار، قال له النبي محمد: (خَذِّلْ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ).

و هنالك فرق بين أن تخذل عن المسلمين و بين أن تخذلهم.

هنا نرى كيف فضح القرآن مجموعات الإرجاف والتخذيل؟
تواصل الآيات القرآنية مد الأمة بأسس وقوانين استراتيجية أخذ الحذر، وهنا يبين لنا بأن من أهم مبادئ استراتيجية أخذ الحذر:
الحذر الأمني الشديد من الـمجموعات (اللوبيات) الـمرجفة الـمخذلة.

من صفات المنافقين التخذيل والتثبيط الإرجاف.

قال الله تعالى:
(وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ، وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا).
الأحزاب

أما الإرجاف، فهو الخوض في الأخبار السيئة وذكر الفتن.
قال تعالى -:
{وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}، وهم الذين يولِّدون الأخبار الكاذبة، التي يكون معها اضطراب في الناس.

و يُعرَّف أيضا بأنه بث و نشر الأخبار المثبِّطة والمحبطة؛ بغرض إحداث الاضطراب، وزعزعة الثقة، والأمنِ والإيمان في نفوس المؤمنين.

والإرجاف نوع من أنواع الإشاعات؛ قال – عز وجل -: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ﴾ الأحزاب.

و يتشكل الإرجاف على ثلاثة أشكال، وهي:

الأخبار الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة، والتي يفتريها أعداء الإسلام ومروِّجو الإشاعات والأكاذيب، افتراءً على الإسلام وأهله.

الأخبار المشكِّكة، التي أصلها صحيح، وفروعها لا أساس لها من الصحة، وهي عناوين صحيحة فقط، والمضامين كاذبة، وكالعادة فالناس يحفظُون العناوين، وينسَوْن المضامين.

الأخبار السيئة التي أصلها وفرعها صحيح، الأخبار والعيوب التي يجب أن تستر، فيفشيها ويضخمها أعداء الدين ومشعلو نار الفتنة، ومنها أخبار الفتن والشر.

مصدر الإرجاف:
وهم أعداء الإسلام من الداخل والخارج، وكذلك المنافقون، والمخذِّلون، والمثبِّطون.

ناقل الإرجاف:
وهم الدهماء الذين يتَّبعون كلَّ ناعق، وهم مروجو الإشاعات، ومثيرو الفتن والاضطرابات.

متلقي الإرجاف:
وهم العوام والجماهير.

أما أسباب الإرجاف و دواعيه:

بثُّ الفتن والاضطرابات والإشاعات بين الناس.

الحرب النفسية والهزيمة النفسية.

التخذيل والتثبيط للهمم.

نقل الأخبار بلا روية وتثبت.

دعوة إلى الخمول واليأس، وفقدان الثقة.

إسقاط الرموز.

الصد عن سبيل الله.

خذلان الجيوش.

نماذجُ وصورٌ للإرجاف:

الإرجاف في مجتمع الإنترنت، فكثير جدًّا، ومن أمثلته:
نشر القصص الفاسدة والباطلة، وتهويلها وتضخيمها، سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة، فيقوم البعض بتضخيمها وإعطائها أكبر من حجمها الحقيقي؛ ليظهر للناس أن هذا الوضعَ الفاسد هو الوضعُ القائم في المجتمع؛ وذلك ليزعزع الأمان في المجتمع، ويخذل المصلحين عن سلوك سبيل الإصلاح، ويعطي للناس صورة خاطئة عن المجتمع، وأنه مجتمع فاسد لا سبيل إلى إصلاحه؛ ليزيد الناس وهنًا على وهن، وإحباطًا على إحباط، ويثبطهم ويخذلهم، ويغلق أيَّ بارقة أمل من الإصلاح في وجوههم.

الإرجاف والطعن في العلماء والمصلحين في مجتمع الإنترنت، فوصل إلى نتيجة خطيرة، ومن أمثلتها أن بعض الشباب يأتي بخطأ يسير لعالم من العلماء، وينشره بعد تضخيمه وتهويله، ويبدِّع العالم ويفسِّقه بهذا الخطأ اليسير؛ ليخذل الناسَ ويصدَّهم عنه وعن دعوته.

وخطورة الطعن في العلماء والمصلحين كبيرة؛ لأنه يخذل ويصد الناسَ عن كثير من العلماء والعاملين.

كثير من الشباب يقوم بهذا الدور دون أن يدري خطورة ما يقوم به، من صدٍّ عن سبيل الله، وتعويق للدعوة ودعاتها، فيبدِّع ويفسق دون أن يكون مؤهلاً.

هنالك من يقول لك أنه يفعل ذلك من باب الجرح والتعديل، و لكنه يجهل علم الجرح والتعديل.

فالجرح والتعديل علمٌ كبير، لا يتصدَّى له حُدَثاءُ الطلب وحدثاء السِّن؛ بل يتصدى له العلماء الكبار، الذين أمضَوا حياتهم في العلم والتعليم، ووصلوا لدرجة كبيرة من الخبرة والدراية بالمصالح والمفاسد التي تترتَّب على الجرح والتعديل.
…..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.