منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ام الخنساء تكتب قصتي مع السرطان ( 7 )

0

ام الخنساء تكتب

قصتي مع السرطان ( 7 )

*إيصال حسم الصراع الذي ظل قائما لعامين ،،، وأرخى قبضة الإصرار قليلا ،،، وأتاح مساحة التفكير الجماعي التي طويتها طويلا ،،، ثم ماذا بعد هذا*
خبأته وهو الذي يحدد موعد مع طبيب في مركز متخصص لحالتي
لم أكن خائفة أبدا ولا
جزعة
يقيني بأنها أعمار لإعمار
وآجال أمرها بيد الجليل المتعال
لا مرض يدنيه
ولا عافية تنئيه
ولكن بيني وبين المرافق العلاجية جفوة وجدتها هكذا لا أدري تاريخها ولا
سرها
ولكني أعلم جيدا بأنها غير محبوبة ولو لعيادة مريض أو مرافقة
الإثنين بعد القادم
الساعة 12 ظهرا موعدنا
عبء جديد وضع على كتفي المثقل
وهم آخر إنضم لرفقائه
المنتظمين كالمسبحة
وهمتي تتعالى لتسمو فوق
ذلك
ويقين يحسم أمره ويختار
الإرتقاء
فالسقوط ليس من قيم من أسند أمره لله
والهبوط لا يجوز وقد سخر الله كل معينات التماسك
والإقدام والصعود
الثبات هو السبيل المعبد لبلوغ الغايات
عدت إلى منزلنا
الإستخارة
الدعاء
التنازل عن دقائق من ساعات النوم الطويلة
الشكوى للذي ينزل في الثلث الأخير فيقول
*( هل من سائل فيعطى سؤله ،،،هل من داعٍ فيستجاب له ،، هل من مستغفر فيغفر له )*
هذه هي الطرق الآمنة
التي علي التوجه إليها
للعبور الذي يسر
بإذن الله والوصول بأمان
أيا كانت الوجهة
أيام تفصلني عن ذلك الموعد
كنت فيها طبيعية جدا
في ممارسة برنامجي اليومي
وحان الموعد
ما فاتني ذكره أنني أم لإبنة
في عامها الجامعي الثاني
وإبن على أعتاب دخولها
نقيم في منزل والدي ووالدتي
إستيقظت كعادتي فجرا
وبدأت في ترتيبات اليوم
المعهودة ولكن مبكرا عن زمني المتعود عليه
أخبرتهم بأن لدي إجتماع
للمنظمة
وخطر لي خاطر حينها أن
أخرج قبل الموعد فلا أذهب للمستوصف
نعم هروب
حدسي يقول أنه سيأتي من يأخذني لأنهم أدركوا
قناعتي بالأمر ضعيفة جدا
عزمت وهممت بعد الإستخارة في مغادرة دارنا والذهاب لأي مكان
وفي آخر ترتيب تذكرت صلاة الضحى
توضأت ودخلت لأصلي
ولا زال في الوقت متسع
تفاجأت بالعزيزة ماجدة رفيقة دربي لعقود من الزمن هميمة تنذر جل وقتها في الخير وعليه تسير لا توفيها كلماتي وصفا ولا حروفي إنصافا
وحدتها بالداخل وجدتها تسامر إبنتي
قالت
* عرفت إنه عندك مشوار الخرطوم
* نعم موعد هام
* أنا كمان متوجهة لكن عايزة أزور صديقتنا سناء أولا ونسيت شارع بيتهم
فلنترافق سويا طالما الوجهة واحدة
سناء من رفيقاتنا وجارتنا
إرتحت كثيرا فقد حسبتها
أتت لأمري
رتبت حالي مع نفسي بأن أذهب معهم وفي أقرب موقع في الخرطوم
أنسحب
وصلنا شارع سناء أشرت إليها فردت هذا هو
* نتركها في الرجوع زمني وزمنك لا يسمح الآن
وافقتها الرأي ومضينا
مكالمة وردتني من الشيخ
الذي أعطاني الإيصال في منزل أختي هل تذكرونه ؟
سألني عن موقعي أجبت بأني في الطريق ولكن ….
هممت بأن أبحث شئ
أعتذر به عن عدم تمكني من الوفاء
وقع نظري على ماجدة التي تجلس في المقعد الأمامي
كانت تبتسم إبتسامة زعزعت أركان حيلي
وقطعت علي طريق البحث عن مخرج
فقلت له
* يبدو أنني مختطفة
توسعت إبتسامتها
أتبعتها بسؤال
* مش كدا يا ماجدة ؟
أشارت برأسها إيجابا
ضحكوا جميعا
أغمضت عيني وتنفست عميقا وإتكأت على المقعد
سلمت أمري لله وله التسليم من قبل
تداخلت المشاعر
وضجت بي أعماقي وثارت
ثورة لم أعهدها من قبل
تمطت وتمددت حتى
ضاقت بها وكادت أن
تتسرب
لو سألوني عن إحساسي حينها بكل الدقة
لما وجدت إجابة
قاطعة ولتلعثمت
ظل السكون سيد الموقف
والدواخل في فورانها
لم أعد أسمع حتى صوت السيارة
والطريق ممتد وظل هذا المشهد بكل تفاصيله عالق
بالذاكرة ولم تفلت منه لحظة واحدة
*أدركت بعدها أن لبعض الدروب آثار وندوب تبقى على جدران القلوب ليس وخزا ولا إيلاما بل تذكار وعِبرة تبقى بكل تفاصيلها معاندة للنسيان وعصية على السلوان ستظل محفورة مع شخوصها الذين تربعوا على عرش الوجدان حبا وإمتنانا*
وصلنا
وكان في الإنتظار على بوابة المستشفى الشيخ وبرفقته والأميرة التي بحت لها بسري في مهاتفتها سابقا وهي ركيزة وعمود أساسي في مسيرتي
مع الكثيرين
وثالثتهم الأمل الذي ظل
ظلي الممدود بلا إنحسار
وسندي المعهود بلا إنكسار
تحايا وسلامات
الكل مضطرب ومتوجس
ولكن يظهر الصمود
محاولات وإجتهاد حتى يسرّوا عني
توجهنا للمدخل
التعليمات تقول المريض ومرافق واحد
وكانت ماجدة هي مرافقتي
إجراءات التسجيل
ثم جلسنا في الإنتظار
وهذا هو سر رهبتي وتوتري وكرهي للمستشفى
لا أستطيع الإنتظار
تساقطت دموعي حينها
كحبات عقد تتدحرج واحدة تلو الأخرى
لم تنتبه رفيقتي بدء
ثم تتالت كرزاز المطر
ثم سألت
إنتبهت حينها ماجدة
ضمتني كما الطفل وأمه
فإزداد بكائي
بكاء حار جدا وكأني أفرغ معه كل الشحنات السالبة
وأغسل به كل مرّ
تفاصيل كثيرة مرت بذهني
أحسست بأني سادخل في حالة تشنج
وضعت ماجدة يدها في رأسي وبدأت تردد آيات من القرآن بصوت خفيض
بكيت كما لو أنني أشيع عزيزا جدا
إحساس قاسي جدا غياب أهلي عن الأحداث
وصراع بين حاجتي إليهم
وإشفاقي عليهم
هدأت نفسي قليلا بعد تربيتات يدها الحنون وحديثها الهادئ
حينها سمعت إسمي تنبيها للدخول
مما زاد توتري لم يسمحوا لمرافقتي بالدخول
قابلت الطبيب وبعدها
ذكر بأنه يوجد ورم ولكن لتحديد تفاصيله نحتاج إلى ترتيبات
وكان أولها صورة أو تخطيط
تمت الإجراءات وجلسنا في الإنتظار
ومن الأشياء وجود مصاحف في غرفة الإنتظار
كل يحمل مصحفه ويؤدي
ركعات تقرب وهدوء يخيم على المكان
تأملت الوجوه تعابير مختلفة
أدركت حينها أن الدواخل تضج بالمشاعر
الداخل ينتفض والخارج ينقبض فتكون السطور مبهمة لا تستطيع فك شفرتها ولكن تدركها بلا تفاصيل
كانت إحداهن منهارة جدا وجدت نفسي أقترب منها
وأتحدث معها كما تحدثت مع نفسي كثيرا
ذكرتها بالإبتلاء والصبر الذي لابد أن يرادفه
وأننا يجب أن نتخذ منه مطية لبلوغ المراقي
وأن هذا الوخزات ستزول
ويبقى الجزاء فلا يجب أن نهمل المقيم ونحسن ضيافة الراحل
إسترخت قليلا أخذت مصحفا وغاب وجهها بين صفحاته
كان العدد غير قليل
كلما غادرت إحداهن
شرفت أخرى
أمر يحتاج إلى وقفة ومعالجة ودراسة
ذاعوا إسمي دخلت وإطمئنان وسكينة حلت عليّ كستني حتى أخمص قدمي
دخلت بكل هدوء وتم الأمر
أخذت تقريري
توجهت إلى الطبيب
نظر إلى التقرير وقال لي
نعم هنالك ورم كبير ولكن
نحتاج إلى أخذ عينة لتحديد نوعه
سجل ذلك وطلب مراجعة الإدارة للحجز
خرجت لرفيقتي وكملنا الإجراءات وخرجنا للجميع
إحساس عجيب
كمن ألقى بكل أحماله وخرج خفيف ضعيف من الهم
خروج بشخصية غير التي دخلت
كسرت حاجز الرهبة
وقصمت ظهر التردد
كانوا معي وظلوا ببصماتهم لا بأسمائهم
وسيظلوا والبقية القادمة
إشراقة تعاند الظلام وتفج عتمته
*على جدران ذاكرتي*
*أعلق حلو أيامي*
*وأرسم بيت أمنيتي*
*بلا سقف لأحلامي*
*فلا الأبواب أغلقها*
*ولا جزر لإقدامي*
*وعزمي ثابت دوما*
*ولن يرضاه إحجامي*

*مقترحاتكم وتوجيهاتكم تصحح المسار وتقوّم المسير*
*من بعد عون الله ،، فلا تبخلوا علينا بذلك ،، صدرنا رحب جدا ونتقبل النقد البناء والتصويب*

غدا إن مد الله في العمر
نتابع ونسعد بروحكم التفاعلية التي أكسبت
حروفنا الإستمرارية ومحاولة الإرتقاء لمقامكم

حكمتي دوما
*( كن ذا أثر وتميز ببصمتك*
*ولا تدع فسيلة في يدك أبدا مهما كانت الظروف )*

أم الخنساء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.