د. ليلى الضو ابوشمال تكتب نصبر بس
د. ليلى الضو ابوشمال تكتب
نصبر بس
المتابع لما يدور في سوح السودان ومنذ أكثر من خمس سنوات مضت يدرك تماما أن هنالك عقول كانت تدبر وتفكر من أجل القضاء على قيم العقيدة والأخلاق في تلك الدولة، وبالتالي تغيير أنماط وسلوك المجتمع والبعد به عن عقيدته وأعرافه وتراثه ، واحلال مجتمع جديد يتقبل السلوك الجديد وذاك ما نادى به دعاة الثورة المزعومة قبل سنوات الحرب حين كانت شعاراتهم تبدأ بعبارة ( تسقط بس) كان يجب أن يعلم الجميع أنهم ينادون بالسقوط ولا يعرفون كيف الصعود،،، وحينما تغنوا بأن (العرقي يكون مجان والبنقو محل الشاي ) كانوا يريدون تغييب وعي المجتمع وادراكه عن تلك المؤامرات التي احيكت بليل مظلم.
لم نكن وقتها ننظر لهذه الشعارات بتلك النظرة التي تصحبنا الآن ونحن نشاهد المشهد كاملا ، حينها كنا نظن أنها دعوة للكيد بهؤلاء الإسلاميين الذين حكموا ثلاثين عاما لم تكن كلها وبالا وفسادا وانما كانت كعهود البشر على مدى تاريخ البشرية يصيبون ويخطئون،، يحسنون ويسيئون،، وظننا بأنها غبينة يحملها دعاة الحرية والديمقراطية ، ومن ينظرون إلى مجتمعات تمارس فيها الحريات حيث لا ضمير ولا قانون الهي يردع ويمنع ويتمسك بقيم ويحافظ على كرامة الفرد وها هي تلك المجتمعات نفسها تصل إلى أن الحريات الشخصية تسبب الفوضى وتهدد كيان المجتمعات، فشرعوا القوانين والضوابط، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولو أنهم امنوا بالله ورسوله لعرفوا ماهية المنع والكبح الذي أراد به الله أن يحافظ على كرامة الإنسان وصون مجتمعاته.
ولعل شعارات شباب القيادة كانت تمهيدا لزلزال يهدد بنية المجتمع السوداني ويفكك وحدته لم يكن من أجل القضاء على نظام سياسي فاشل أو قادة فشلوا في الحكم كما يدعون، بل كانت حرب من أجل الخلاص من كيان دولة بأكملها حوربت في اخلاقها وموروثها وفي تاريخها، حاولت أن تقضي على كل مظاهر القوة فيها بدءاً من جيشها ورمزيته المعروفة، ومشاهد الكنداكات التي لوثت تاريخ الثوب السوداني ورمزية المرأة السودانية وعفتها ، لم يكن هؤلاء الشباب يعلمون أنهم أدوات ذبح لآبائهم وأمهاتهم وأخواتهم،، لم يدركوا الا بعد فوات الأوان أنهم كانوا يمهدون الطريق لنحر الفضيلة والقضاء على شرف النساء وحرق قلوب الأمهات وكسر الرجال وذلهم، ليتنا علمنا ما الثمن الذي قبضوه من أجل ذلك؟ وما المقابل الذي يساوي انهيار أمة كانت أمنة مطمئنة هل كان يساوي ثمن قطعة الخبز التي زادت ضعف سعرها؟ هل كان ذلك يساوي شرف النساء وقهر الرجال وزعزعة أمنهم وسرقة اموالهم وأعمارهم؟
لم تكن تعلم تلك الأجيال أن ماضيها أتعب حاضرها وأن حاضرها درس بليغ يجب التدبر فيه والأخذ به على أنه ابتلاء ، فالإنسان اذا ابتلي تبرأ من حوله وقوته ولجأ إلى حول الله وقوته، ولابد من عودة ومراجعة وتكفير فما الابتلاءات الا إشارة من الله لعباده حتى يتوبوا ويرجعوا عن أخطائهم ،، وها نحن قد ابتلينا بلاء شديدا وعلينا التمسك بدعاء سيدنا يونس عليه السلام لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين،،،ولله الأمر من قبل ومن بعد.