د. ليلى الضو أبو شمال تكتب : نحو سودان جديد
د. ليلى الضو أبو شمال تكتب :
نحو سودان جديد
هذه الحرب ستنتهي إن لم يكن اليوم أو غدا أو بعد شهر أو سنة فهي لا محالة سيأتي علينا يوم بلا حرب هذه سنة الكون ، النعم لا تدوم والنقم أيضا لا تستمر ، ولكن الحقيقة الماثلة أن شعب السودان شعب صابر بالفطرة يتقبل المصائب والمحن برضا تام وتجده دوما يردد بأن هذه إرادة الله ولا مرد لها، وعبارة تجري على لسان كل سوداني مؤمن ( الله في) ، وهذه العبارة تجسد معنى حقيقي لعظمة الإيمان ، فما دام أن الله موجود في قلوبنا وفي عقولنا وفي إحساسنا و إدراكنا ، فذاك يعني أننا نؤمن بأنه الرحيم الذي خلقنا فهو الآمن علينا والاخذ لحقنا من كل ظالم ومتكبر ، وبالتأكيد ليس كل الشعب السوداني رجل واحد ، حيث تتفاوت معايير الصبر والتقبل ، ولكن السواد الأعظم هو في الإرادة التي تمثل معظم ساكني هذا الوطن النبيل، وقوة الإيمان والصبر والاحتساب ،كيف لهذا الأب أن يصبر كل هذا الصبر على فقد أبناءه الإثنين وهم يدافعون عن شرف الوطن وأعراض النساء ، وحين يأتي إليه من يواسيه يقول بأنه لازال لديه إثنان ليلحقوا باخوانهم ،، وكيف لتلك الأم أن يثبت الله عقلها ويرسخ إيمانها ولا تفقد صوابها حين تفقد فلذات أكبادها في لحظة واحدة اثر سقوط دانة عليهم ،، إن دل ذلك فإنما يدل على قوة الإيمان بأنك ميت وأنهم ميتون ، عندها تقف عجلة اللهث وراء الدنيا والعشم في البقاء من أجل عمار زائل.
يجب علينا أن نتعجل وقف الحرب من أجل ان يقف السعي وراء العيش في الدنيا ببذخ ورغد ومتعة، علينا أن نتعجل وقف في الحرب لنكون آخرين غيرنا لم نعشهم يقبلون على الدنيا بزاد الآخرة ، نتعجل السعي لوقف الحرب من أجل أن نترك المناصب والكراسي لأجل أنها تكليف وتقييد وحرمان من نعيم الآخرة ، ونعين من كلف بها على نفسه قبل أن نعين الشيطان عليه،، علينا أن نتعجل وقوف الحرب من أجل تفقد من كنا لا نتفقدهم ولا ندري عن حالهم شيئا ، نتعجل وقف الحرب من أجل أن نقول خيرا أو لنصمت،، نتعجل وقف الحرب من أجل أن تجمعنا كلمة سواء فما عادت الأحزاب أداة تجمعنا، ولا أضحت القبيلة مصدر فخرنا ، ولا الولايات عزنا وشرفنا ومكان أماننا ،، نتعجل وقوف الحرب لأن الدرس الجديد هو كيف تبنى الأوطان ؟؟؟ ليس كما كنا نظن !! لا تعمر الأوطان بناطحات السحاب والكباري الطائرة ولا الحدائق الغناء،، حيث أن زلزالا واحدا كفيلا بالقضاء على كل ذلك في لحظة ،، وانما تبنى الأوطان بالمحبة والتناغم والولاء والانتماء،، وما ضرنا غير كره النفوس وحقد مدسوس في قلوب خلت من محاسبة النفس واتبعت الهوى.
نتعجل وقف الحرب لنبني سودان جديد خالي من مساحيق التجميل التي أخفت عيوب وندوب لم يتم علاجها ،، سودان تعلم شعبه أن هناك فرق بين الطيبة والسذاجة، وبين القوة والضعف، وبين جبر الخاطر والنفاق ، سودان عرف شعبه كيف يعيش وينتصر،، وحتما سنغني يوما قريبا
بلادي يا سنا الفجر
وينبوع الشذا العطر
وملهمتي أناشيدي
وآيات من الشعر
رعتني أرضها طفلا
فكيف أسومها غدري
كيف وكيف أسومها غدري