منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي *المسيّرات: تستلهم عسكرية أبُوكَدُوك.* *موجات هروب للميشيا من محيط الفاشر إلى مناطق كبكابية وسرف عمرة ونيالا والضعين بعد تكبدها خسائر بالفا... محجوب فضل بدری بكتب : *الرماد كال عثمان* !! ‏البعد الاخر د. مصعب بريــر يكتب : *الصحة السودانية .. تكريم فى زمن الفشل المقيم ..!* تقرير اسماعيل جبريل تيسو : *فضحتها جماعة التغيير المعارضة،، استهداف بن زايد للسودان ،،،، المؤامرة م... *مدير جامعة أم درمان الإسلامية يصدر قراراً بتشكيل لجنة عليا برئاسة البروفيسور نائب المدير لاعادة إعم... ابوبكر يحيي حبيب الله يكتب : *الجزيرة عام ٢٠٣٠م* *توحد القيادات لمستقبل اجيالنا* *القبلية والجهوية... في بطولة النصر الكبري : *نهر النيل تتصدر مجموعة كسلا والوزيرة حواء تهدي رباعية المنتخب لوالي نهر الن... رأس الخيط عبدالله اسماعيل يكتب : *الفريق أول مفضل.. الصمت الذي امضى من الكلام !!* *قرية الشاوراب بشرق الجزيرة تكرم اللواء ركن بابكر التاج* الشاوراب : خالد توير

ضل الحراز بقلم: علي منصور حسب الله *التعايشي وحقيقة وأحلام دولة العطاوة الكبرى*

0
  • ضل الحراز

بقلم: علي منصور حسب الله

*التعايشي وحقيقة وأحلام دولة العطاوة الكبرى*

أثارت تصريحات محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة الإنتقالي السابق، حول ما سماه “دار العطاوة” جدلًا واسعًا في كافة الأوساط، حيث زعم أن الإسم الحقيقي لدارفور هو “دار عطاوة”، متهمًا مؤرخين بمعاداة العطاوة وتحريف الإسم. غير أن هذا الإدعاء لا يستند إلى حقائق تاريخية، بل يرتبط بخطابات ذات طابع إقصائي. فإسم دارفور قديم، ويعود إلى قبيلة الفور التي حكمت المنطقة قبل وصول العرب إليها.
وقبل ظهور سلطنة الفور كقوة مهيمنة في القرن الخامس عشر، كانت دارفور موطنًا لعدة ممالك محلية، أبرزها مملكة الداجو ومملكة التنجر، قبل أن تصبح سلطنة الفور الكيان السياسي الأقوى. كانت هذه الممالك مستقلة سياسيًا وثقافيًا، ولها علاقات تجارية مع مناطق النيل وغرب إفريقيا.
تصريحات التعايشي تتماهى مع أطروحات ما يُعرف بـ”التجمع العربي”، التي تعكس نزعة إقصائية تهدد التعايش السلمي في السودان. ومن غير المقبول أن تصدر عن شخصية تولت موقعًا دستوريًا، إذ تعيد إحياء نزاعات عرقية وتحريضية تتنافى مع دور القادة الوطنيين في بناء الدولة.
لم يكن التعايشي أول من تبنّى هذه الأطروحات، ففي أكتوبر 2020، عقد الناشط السياسي أحمد الضي بشارة إجتماعًا مع عبد الرحيم دقلو، نائب قائد ميليشيا الدعم السريع، حيث تحدث الأخير لساعتين ونصف عن ضرورة تولي المكونات القبلية المنتمية إلى العطاوة الحكم، محذرًا من أن وفاة حميدتي ستؤدي إلى إراقة الدماء في شمال السودان حينها، إنتقد أحمد الضي هذه التصريحات، واصفًا إياها بالعنصرية، ومؤشرًا على إحتمال إندلاع حرب أهلية. كما أشار إلى محاولات حميدتي فرض شقيقه عبد الرحيم وزيرًا للدفاع، مما أثار إستياء القوات المسلحة. لاحقًا، أدى تسريب أحمد الضي لهذه المعلومات إلى إعتقاله، حيث وُجهت إليه تهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري والتحريض على التمرد. لكن رغم ذلك، تحول أحمد الضي بشارة لاحقًا لدعم المشروع العنصري، بحسب شهادته، بدواعي نصرة القبيلة.
كما برزت شخصيات أخرى تروّج لهذا المشروع، مثل حسين برشم عبود، المعروف بلقب “أبو شنب”، وهو شخصية مثيرة للجدل في ولاية غرب كردفان. قبل اندلاع الحرب، لم يكن له صلة مباشرة بميليشيا الدعم السريع، فقد كان زعيمًا لمجموعة مسلحة تمارس النهب في المناطق الحدودية مع جنوب السودان، ثم انضم إلى ميليشيا الدعم السريع، وشارك في عمليات نهب لممتلكات المواطنين في مدن مثل بحري وأم درمان، قبل أن يستقر في غرب كردفان.
ظهر “أبو شنب” في منطقة السنوط، حيث أكد أن ميليشيا الدعم السريع تحمل “قضية العطاوة”، في إشارة إلى القبائل التي تعود نسبها إلى عطية بن جنيد من عرب جهينة.
فالحديث عن كون دارفور هي في الأصل دارًا للعطاوة لا يستند إلى أي منطق أو تاريخ، فقد ظلت دارفور عبر القرون معروفة باسم قبيلة الفور، التي حكمت المنطقة منذ القرن الخامس عشر.
وقبل ظهور سلطنة الفور، كانت دارفور موطنًا لقبائل زنجية وإثنيات نيلية صحراوية، أسست أنظمة اجتماعية واقتصادية مستقرة. أقدم الدلائل الأثرية تشير إلى أن المنطقة كانت نقطة تلاقٍ بين التجار والمهاجرين من شمال وغرب إفريقيا. ومن بين القبائل الأصلية في دارفور على سبيل المثال لا الحصر الفور ، المساليت ، البرقو ، الميدوب ، التاما ، الزغاوة ، التنجر روالداجو وغيرهم من القبائل
تأثرت دارفور تدريجيًا بالإسلام، الذي وصل عبر التجار والعلماء، قبل ظهور سلطنة الفور، وليس عن طريق الهجرات العربية كما يروج البعض. لم تكن هناك هجرات عربية كبيرة قبل القرن الثالث عشر، حيث كانت العشائر العربية تصل تدريجيًا كتجار أو رعاة، دون تأثير واضح لهم حتى القرن الخامس عشر. وحتى الحواكير التي تُسمى “كدور” لبعض القبائل، مُنحت لها بواسطة سلاطين الفور. وتُعتبر الجواكير أراضٍ تُمنح تقليديًا للقبائل أو الأفراد لاستخدامها في الزراعة أو الرعي. تُمنح هذه الأراضي عادةً من قبل السلطات المحلية أو الزعماء التقليديين، وتُحدد حقوق الانتفاع بها بناءً على الأعراف والتقاليد المتبعة في المنطقة لذلك، فإن الحواكير هي أراضٍ ممنوحة كجزء من النظام الاجتماعي والاقتصادي في دارفور، حيث تُسهم في تنظيم استخدام الموارد الطبيعية وتحديد حقوق الانتفاع بالأراضي. وإذا نشأ نزاع حول حقوق الانتفاع بالجواكير نتيجة لتداخل المصالح أو التغيرات في البنية السكانية، تدخلت السلطات المحلية أو لجأت القبائل إلى الأعراف التقليدية لحل هذه النزاعات ومعظم الحواكير الممنوحة للقبائل تعود إلى عهد السلطان محمد الفضل بن عبد الرحمن الرشيد (1802-1839م)، الذي تولى الحكم عقب وفاة والده، السلطان عبد الرحمن الرشيد، وذلك بفضل دعم المستشار القوي “الأب شيخ” محمد كرا وخلال فترة حكمه، واجه السلطان محمد الفضل تحديات داخلية من أفراد الأسرة الحاكمة، وتمكن من تعزيز سلطته بمساعدة مستشاره القوي. ثم في فترة السلطان علي دينار (1898-1916م)، الذي يُعد أكثر سلاطين دارفور منحًا للحواكير، اعتمد على نظام الحواكير التقليدي لترسيخ الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في دارفور.
أو كسب ولاء القبائل وضمان دعمهم أو تنظيم ملكية الأراضي بما يضمن حقوق المزارعين والرعاة لذلك، لا يستقيم الادعاء بأن القبائل التي مُنحت لها الحواكير هي صاحبة الملكية الأصلية.
ونغمة “دولة العطاوة” ليست جديدة، فالوثائق تشير إلى أنه مشروع تبناه “التجمع العربي”، بهدف إعادة تشكيل التركيبة السكانية في دارفور ومنطقة الساحل والصحراء لصالح القبائل العربية، عبر: السيطرة على الحكم والاقتصاد.
تغلغل شخصيات محسوبة على التجمع العربي في الحكومة والقوات المسلحة إضعاف القبائل غير العربية عبر حملات التهجير والاستيلاء على الأراضي واستخدام الميليشيات مثل “الجنجويد” والدعم السريع كأداة عسكرية لتنفيذ التغيير الديمغرافي وفقًا لمحاضر اجتماعات التجمع العربي، ورد في البيان الأساسي عام 1987م، أن العرب دخلوا دارفور في القرن الخامس عشر، ويدّعون أنهم يمثلون 70٪ من سكانها، رغم أن هذه النسبة غير صحيحة، وهو ما استند عليه عناصر التجمع العربي في خططهم إن السودان بلد متعدد الأعراق والثقافات، ولا يمكن بناؤه على سياسات الإقصاء والتهميش. إن تبني مشروع مثل “دولة العطاوة الكبرى” لا يقود إلا إلى مزيد من الصراعات والانقسامات. يبقى السؤال: هل ستتمكن الدولة السودانية من تجاوز هذه المخططات، أم أن البلاد تتجه نحو مزيد من الاحتراب الأهلي؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.