منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عبد الله اسماعيل يكتب  *عاطف السماني:* صوتٌ لا *يُشترى،* موقفٌ لا *يُباع*!

0

عبد الله اسماعيل يكتب

*عاطف السماني:* صوتٌ لا *يُشترى،* موقفٌ لا *يُباع*!

في عالمٍ يتقافز فيه البعض على موائد الانتصار، *وينتظر آخرون اتضاح ملامح المعركة* قبل أن يقرروا أي فريقٍ سينضمون إليه، *كان عاطف السماني في الصفوف الأولى منذ اليوم الأول،* لم يكن من أولئك *الذين يراقبون المشهد من بعيد ليختاروا اللحظة المناسبة للظهور،* بل اندغم في المعركة فورًا، دون *حساباتٍ أو مكاسب.*

كان بإمكانه أن يسلك الطريق السهل، أن يتجه *إلى القاهرة حيث الحفلات والعدادات المربحة،* حيث الفن مجرد تجارةٍ تُباع وتُشترى، لكنه اختار الطريق الوعر، *الطريق الذي لا يسلكه إلا من يؤمن بقضيةٍ تتجاوز ذاته.* لم يكن الوطن بالنسبة له مجرد كلمةٍ تُردد في الأغاني، *بل معركةٌ تُخاض، ودماءٌ تُسال، وقلوبٌ تنبض بالفداء.*

*في خط النار.. مغنٍّ ومقاتل*

لم يكن السماني فنانًا تقليديًا، يغني من برجٍ عاجي أو يكتفي بإرسال رسائل مشفرةٍ من خلف الميكروفون. كان جزءًا من الأرض، من المعركة، من تفاصيلها الصغيرة والكبيرة. مرةً مقاتلٌ يحمل السلاح، ومرةً مغنٍّ يشعل الحماسة في صدور الجنود، ومرةً جزءًا من مطبخ التكايا، حيث يطبخ للمواطنين الصامدين ما يُعينهم على الثبات والبقاء.

هذا الانغماس في التفاصيل هو ما يميزه عن غيره. *لم يكن يغني من أجل أن يُقال إنه وطني، ولم يكن يبحث عن لحظةٍ عابرةٍ في الأضواء. *كان مؤمنًا بأن الفن رسالة، وبأن الصوت سلاح، وبأن اللحن يمكن أن يكون طلقاتٍ في معركة الوجود.*

*ليس كل من غنى كان صادقاً*

في لحظات النصر، يظهر كثيرون. فجأةً، يمتلئ الميدان بفنانين كانوا صامتين حين كانت البنادق تصنع التاريخ. *يخرجون من صمتهم حين يصبح النصر قريبًا،* حين يصبح الالتفاف حول الجيش والبطولات قرارًا بلا تكلفة. *هؤلاء ليسوا فناني المعركة،* بل انتهازيون يعرفون متى يتحركون، *متى يرفعون شعاراتٍ يختبئون خلفها،* ومتى يصفقون ليضمنوا لأنفسهم مكانًا في الصورة.

*عاطف السماني* لم يكن واحدًا من هؤلاء. لم ينتظر حتى تتحرر مدني، ولم ينتظر أن تعود بحري وأم روابة، *ولم يطل برأسه بعد أن بات واضحًا لمن ستكون الغلبة.* كان هناك منذ البداية، *حين كان كل شيءٍ ضبابيًا،* حين كانت النتيجة غير محسومة، حين كان الجميع يسأل: *“إلى أين ستذهب هذه البلاد؟”*.

*صوتٌ على جدران الذاكرة*

اليوم، حين يُذكر اسمه، لا يُذكر كفنانٍ فقط، *بل كرمز. هو الصوت الذي لم يتردد، والقلب الذي لم يخف، والموقف الذي لم يتغير.* لم يكن يبحث عن مجدٍ شخصي، بل كان يبحث *عن وطنٍ لا يخونه* الفنانون عند أول مفترق طرق.

عاطف السماني ليس مجرد مغنٍّ، هو جزءٌ من *ذاكرة المعركة،* من وجدان الناس، من ذلك الصوت الذي كان يبعث الأمل حين كان الجميع في انتظار الضوء. *هو صورةٌ يجب أن تُعلق على جدران الذاكرة،* لا لمجرد التكريم، بل ليبقى نموذجًا يُحتذى، *ودليلًا على أن الفن الحقيقي لا يكون إلا في قلب المعركة.*

عبدالله اسماعيل
21فبراير2025

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.