رجال حول القوات المسلحه 5 عميد م د. محمد الزين محمد أحمد يكتب : *رجلٌ في مهب التحديات :* *صمودٌ لا يلين .. العميد الركن د. خالد محمد خير في دروب التضحية والفداء*
رجال حول القوات المسلحه 5
عميد م د. محمد الزين محمد أحمد يكتب :
*رجلٌ في مهب التحديات :* *صمودٌ لا يلين .. العميد الركن د. خالد محمد خير في دروب التضحية والفداء*
يصطف الرجال ليصنعوا مجد الأوطان، وفي مقدمتهم يقف العميد الركن م الدكتور المهندس خالد محمد خير، رجلٌ لم يعرف للانكسار طريقاً، ولا للراحة سبيلاً. نشأ في كنف الدفعة 40، التي زخرت بالشهداء وامتازت بأن منسوبيها دخلوا الكلية بأعلى الدرجات، فكان واحداً من صفوتها.
يمضي بثباتٍ على حافة الخطر، يسير فوق أرضٍ لا تحتمل الخطأ، حيث فرضت الظروف عليه موازنةً دقيقة بين قوى متعدده، لكنه ظل ممسكاً بزمام الأمور دون أن ينحني أو يساوم. احترمه الجميع، لأنه لم يُفرّط في مبادئه، ولم يبحث عن مكاسب شخصية، بل حمل همَّ الوطن والعسكرية كأمانة لا تهاون فيها.
تعرفت عليه في حاميه خشم القربه بشرق السودان في النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي. وجدته حاملاً للمجد في دمه. يرتبط من حيث النسب بشيخ حسن الترابي صاحب التاريخ العريق وزعيم الحركه الاسلامية، وينتمي بالدم إلى أسرة الاستاذ علي عثمان السياسي المرموق والنائب الأول السابق. في ذات الوقت ينتمي عقيدةً ومساراً ومصيراً بالقوات المسلحة.
شجاع لا يعرف الخوف، مقدام لا تحيده الجراح. أصيب غير مرة في الجنوب، وكانت إصابته الأخيرة في ساقه شاهدةً على صموده، وقد تركت أثرها عليه، لكنها لم تثنه عن المضي قدماً، لم تكبح عزيمته، ولم تحل بينه وبين ساحات الواجب.
أسس وأدار مشروع “أمجاد”، التابع للهيئة الخيرية لدعم القوات المسلحة، بهدف رعاية أسر الشهداء. وسرعان ما أصبح المشروع علامة فارقة في تحسين الأوضاع الاقتصادية للضباط في الخدمة والمتقاعدين، حيث ظل مرتبطًا برعاية أسر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن.
أُلو الفَضلِ في أَوطانِهِم غُرَباءُ تَشِذُّ وَتَنأى عَنهُمُ القُرَباءُ
خلال معركة أم درمان الشهيرة عام 2008، كان له دور حاسم في صد هجوم حركة التمرد ودحر العدو، حيث بذل جهودًا استثنائية في التنسيق والدفاع، مسخراً كل ما لديه، لدعم القوات وتأمين الإمدادات. لم يدخر جهداً في تعزيز الروح القتالية وتنظيم خطوط الدفاع، مما أسهم بشكل مباشر في تحقيق النصر.
لم يكن سلاحه في المعارك وحده ما يميزه، بل سلاحه في البناء أيضاً. حين تولى وزارة الطرق والجسور، لم يكن ذلك مجرد منصباً إدارياً، بل كان ساحة أخرى للنضال. شق الطرق، وأقام الجسور، ونقل البنية التحتية إلى مستوى لم تعرفه البلاد من قبل، لتشهد عهده طفرةً غير مسبوقة.
ثم جاء التغيير في أبريل 2019، أُحيل بعدها إلى التقاعد، لكن التقاعد لم يكن إلا كلمة على الورق، فلم يتقاعد عن حب الوطن، ولم يترجل عن درب العطاء. عندما اندلعت حرب الكرامة، لم ينتظر استدعاءً، بل كان هو من يضغط ليكون في الخطوط الأمامية.
في معركة الكرامه، كان أحد أعمدة المدرعات، يتولى أصعب المهام، يُشرف على نقل المقاتلين والسلاح والذخيرة عبر المراكب من امدرمان للخرطوم في ظروف قاسية، متحدياً المخاطر التي لم تزده إلا إصراراً. وبينما كانت المعركة على أشدها، اكتشف أن اثنين من أبنائه، واثنين من أبناء أخيه، ومن بينهم خطاب الشاب النضر الذي ارتقى شهيدًا، يقاتلون بجواره، وكأن البطولة ميراثٌ تجريه الدماء.
ومع ذلك، فإني أعلم أن الكتابه عنه لا تسره، فهو رجلٌ اعتاد أن تصدح أفعاله لا الألسن، وأن تُكتب سيرته على ميادين الفداء لا في الأوراق. ليس من رجال الضوضاء، بل هادئ الطبع، قليل الكلام، حسن الوجه، لطيف الموادده، عفيفًا في يده، شهماً في معدنه، لا يعرف سوى خدمة الناس. وعندما احتاجه الوطن في أحلك الظروف، لصيانه مطاري عطبره وشندي لم يسأل عن راتبٍ أو منصبٍ أو مقابل، بل تقدّم دون تردد، مدفوعًا بحبٍ للوطن لا يعرف الحدود.
عميد م د. محمد الزين محمدأحمد