رأس الخيط عبدالله إسماعيل يكتب : *معركة القصر: استرداد السيادة من بين حبال الغدر*
رأس الخيط
عبدالله إسماعيل يكتب :
*معركة القصر: استرداد السيادة من بين حبال الغدر*
في قلب الخرطوم، حيث تختلط رائحة البارود برائحة دماء وعرق الأبطال، *تتقدم قوات الجيش بإصرار نحو القصر الجمهوري،* مركز الثقل الوطني ورمز السيادة الذي دنسه المجرمون.
لم يكن القصر الجمهوري مجرد بناء عريق محاط بأسوار شاهقة، بل *كان مقرًا لمجلس السيادة، المكان الذي تُدار منه شؤون الدولة وتُصاغ فيه قرارات مصيرية ترسم ملامح البلاد.* لكن تلك القرارات كانت تُصاغ على وقع وجودٍ دخيل؛ وجود الجنجويد الذين دخلوا القصر في ظل السلام واستوطنوه تحت مظلة السياسة، متظاهرين بالولاء للدولة ومشاركين في مؤسساتها.
كان لواء الحرس الجمهوري هو القوة الوحيدة المعنية بحماية هذا الصرح المهم، لكن *نتيجة لخطأ استراتيجي فادح، سُمح للجنجويد بالدخول إلى القصر تحت ذريعة توفير الحماية لقائدهم الميليشي الآبق،* في تجاوز لكل الأعراف والبروتوكولات التي تحكم حماية هذه المؤسسة السيادية العريقة.
المشهد كان يبعث على الغضب والحسرة معًا، حيث كان أبناء وبنات الشعب السوداني يشاهدون على امتداد الشوارع المحيطة بالقصر *ملابس عناصر الجنجويد الداخلية منشورةً على حبال قريبة من السياج الشمالي والجنوبي،* في استهتارٍ صارخٍ بمعاني الهيبة والمكانة، واستفزاز لتاريخ نضالات الأجداد. كيف لهم أن يستبيحوا قدسية المكان بهذا الشكل القبيح؟
لم يكن الأمر مجرد استهتار، بل كان تمهيدًا مخيفًا. فقد كانت تلك المشاهد تحمل في طياتها دلالات أعمق، رسائل مُبطنة لنوايا غدر وخيانة تُحاك تحت ستار الوجود السلمي. *كان بسطاء الشعب يتحدثون عن ذلك الجرح المفتوح، عن ذلك التآمر الذي يُدبر في الخفاء، وعن مخطط ابتلاع الدولة* عبر حشود الجنجويد المتزايدة… لكن؟!
لم تكن أحاديث الشعب السوداني عن المخاطر مجرد أقاويل عابرة، بل كانت إدراكًا واضحًا لواقعٍ مؤلم يتشكل أمام أعينهم. كان الجميع يدرك أن *الوجود المستفز لعناصر الجنجويد داخل القصر لم يكن مجرد صدفة أو حاجة للحماية،* بل كان تذكيرًا دائمًا بأن قائدهم الخائن يملك أوراقًا قد يستخدمها حين يحين الوقت المناسب.
واليوم، يقدم الجيش السوداني الشهداء والجرحى لاستعادة هذا الرمز. إنها ليست مجرد معركة من أجل بناء حجري، بل معركة من أجل هيبة وطن، من أجل كرامة شعب رفض أن يُداس كبرياؤه بأقدام من باعوا أنفسهم لأطماعهم الرخيصة.
لكن هذه المعركة لم تكن ولن تكون كغيرها. *استرداد القصر سيغيّر خطوط المواجهة برمتها، ويعيد رسم قواعد الاشتباك.* إنها لحظة تحول فارقة سيفقد فيها الجنجويد روحهم المعنوية، وهم الذين لم يصدقوا أنفسهم يومًا أنهم استطاعوا وضع أيديهم القذرة على رمز سيادي على حين غفلة، رمز لطالما كان بعيدًا عن متناولهم.
إن ما يحدث الآن هو *استرداد لروح السودان،* هو استعادة لصوت الشعب الذي ظل مكبوتًا لسنوات. إنه يوم جديد يولد على أنقاض المؤامرة، لتبقى السيادة ملكًا لمن يذود عنها بعزم وإخلاص.
17 رمضان 2025