منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

بهاء الدين مسعود يكتب : *الأدب المقاتل أو أدب الثورات*

مسعود
0

بهاء الدين مسعود يكتب :

*الأدب المقاتل أو أدب الثورات*

مسعود

هذا النوع من الأدب يُستخدم بجميع ضروبه من شعر وغناء ومسرح وقصص منذ قديم الزمان لشحذ همم المقاتلين أو الثوار أو الشعب عموماً، ودفعهم لمواصلة المشوار حتى تحقيق النصر.

استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الشعر في شحذ همم الصحابة وإضعاف الروح المعنوية لدى المشركين، وكان رأس الرمح في ذلك الصحابي الجليل حسان بن ثابت. ثم انطلق كبار الشعراء في مختلف حقب الفتوحات الإسلامية يسخرون ملكاتهم الأدبية والشعرية لخدمة الدعوة الإسلامية، وكان على رأس هؤلاء المتنبي وأبو تمام وأبو فراس الحمداني وغيرهم.

الأدب والشعر المقاتل كان حاضراً في الثورات الأوروبية دون استثناء، وكان له دور كبير في نجاح تلكم الثورات.

كان الأدب المقاتل في السودان حاضراً أيضاً وبقوة، وما قامت به شاعرة الشايقية الشهيرة مهيرة بنت عبود على سبيل المثال خير دليل على نجاعة الشعر في ثبات المقاتلين. كان الأدباء والشعراء السودانيون حضوراً بإنتاجهم الغزير لحظة إعلان الاستقلال وظل هذا الإنتاج مستخدماً حتى تاريخ اليوم (قديم متجدد). كما نالت ثورة أكتوبر حظها من الأدب المقاتل المتمثل في أناشيد وردي ومحمد الأمين وآخرين كثر، وظلت هذه الأناشيد ملهمة للشباب والشعب عموماً في مواجهة الظلم والدكتاتوريات في مختلف الحقب، وأشهرها ثورة أبريل 1985 والتي أنتجت أيضاً أدباً مقاتلاً خاصاً بها يُترنم به حتى الآن.

عندما قامت ثورة الإنقاذ الوطني، كان الأدب الإسلامي العابر للحدود مثالاً لذلك (أنا المسلم للقرضاوي، وأماه لا تجزعي لعمرو النامي من ليبيا، والكثير الكثير والمثير). بالإضافة لإنتاج أدباء وشعراء الحركة الإسلامية منذ الستينات حتى لحظة قيام الثورة، كان خير معين للحركة الإسلامية في تثبيت أركان دعائمها وشحذ همم شبابها وشيوخها ونسائها إبان حرب الجنوب. ومن أبرز الشعراء الذين تغنت عضوية الحركة الإسلامية بشعرهم:
جعفر ميرغني (لظلام الليل معنى)،
أمام علي الشيخ (فتى أخلاقه مثل)،
عبد القادر علي، وأمين حسن عمر، وآخرين كثر رفدوا التجربة الإسلامية في السودان بإنتاج غزير من الأدب والشعر المقاتل لا زال يُتغنى به حتى يومنا هذا.

وحدها ثورة ديسمبر لم تجد حظها من هذا النوع من الأدب، ولم ينبَرِ أيٌ من الشعراء الكبار في السودان ليمجدها، إنما تمت إعادة تدوير إنتاج ثورة أكتوبر وأبريل 1985، ولم تصمد طويلاً نسبة للفشل الكبير والمخزي الذي لازم الأداء التنفيذي والسياسي للفترة التي أعقبت قيام الثورة، والشكوك التي صاحبت قيام الثورة: من يقف خلفها، ومن يمولها، وما هو دور المخابرات العالمية في قيامها، وحتى الشكوك في أنها الإنقاذ تو. على العموم، ظلت ثورة ديسمبر تعاني فقراً واضحاً في إنتاج الأدب المقاتل الخاص بها.

معركة الكرامة، وهي أم المعارك، ورغم الأهداف العظيمة في قيامها، والدماء العزيزة والغزيرة التي بُذلت في سبيلها، والسند الشعبي الكبير الذي يقف خلفها، وهي معركة مصيرية في بقاء الدولة السودانية، إلا أن ما خطه يراع الشعراء والأدباء تمجيداً لها لا يوازي أو يكافئ ما بُذل فيها من دماء وأموال ونزوح.

لا زال هناك متسع من الوقت للشعراء والأدباء لتمجيد هذه المعركة والتوثيق والتأريخ لها، لتظل حاضرة في أذهان ووجدان الشعب السوداني وإلى عصور قادمات.

الف شكر
الأربعاء 19 مارس 2025 م
bahaamasoud66@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.