منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عادل عسوم وقفات، وتدبرات رمضانية. العام 1446 اليوم العشرون. العشر الأواخر.

0

عادل عسوم

وقفات، وتدبرات رمضانية.
العام 1446
اليوم العشرون.
العشر الأواخر.


هاهو شهر الرحمات لم تبق منه سوى أيام.
يوشك على الرحيل ولن يعد إلا بعد عام.
أنكون أحياء أم يطالنا الموت الزؤام؟
لقد انسربت أيامه ولياليه كالأنسام،
فمن أحسن فيهن منا فعليه بالإتمام
ومن فرط فليستدرك ولاينام.
وما الغاية مجرد امتناع عن الطعام،
بل الكف عن الغيبة والنميمة والآثام.
عسى في هذه العشر يتحقق المرام.
فيها ليلة خير من 85 عام.
انها في الأوتار لمن أرادها ياكرام.
فلنكن من الذين أحسنوا فيها القيام
ولنحرص على سنة خير الأنام.
نبينا محمد صلوات الله عليه وآله والسلام
قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
والأعمال يا أحباب بالخواتيم، والعبرة بكمال النهايات لا بنقصان البدايات، وخير مايفعل في العشر الأواخر الاعتكاف، وهو لزوم المسجد بنية، ولا يكون إلا في المساجد قال الله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} البقرة 187، إنها سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد اعتاد الإعتكاف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. والحكمة من الاعتكاف اعتزال الدنيا والناس، لعمري إنه بمثابة حمية روحية سنوية، يقول ابن القيم في بيان حكمة الاعتكاف: (إن عكوف ‌القلب على الله تعالى وجمعيته عليه، والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلا عن أنسه بالخلق فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه).
وأكثر ما يفسد القلب الملهيات والشواغل التي تصرفه عن الإقبال على الله عز وجل، شهوات الطعام والشراب والنساء، وكذلك فضول الكلام وفضول النوم وفضول الصحبة وغير ذلك من الصوارف التي تفرق أمر القلب وتفسد جمعيته على طاعة الله، فشرع الله تعالى قربات تحمي القلب من غائلة تلك الصوارف كالصيام مثلاً، فالصيام يمنع الإنسان من الطعام والشراب والجماع في النهار، فينعكس ذلك الامتناع عن فضول هذه الملذات على القلب، فيقوى في سيره إلى الله، وينعتق من أغلال الشهوات التي تصرف المرء عن الآخرة إلى الدنيا.
وكما أن الصيام درع للقلب يقيه مغبة صوارف الشهوة؛ كذلك الاعتكاف ينطوي على سر عظيم، انه حماية للعبد من آثار فضول الصحبة، فإن الصحبة قد تزيد على حد الاعتدال، فيصير شأنها شأن التخمة بالطعام وسواه.
من لم يعتكف من قبل فليفعل الآن، إذ كم له من ايجاب على النفس والقلب يا أحباب، ومن جربه يعلم ذلك يقينا.
وأحسب أن حالنا الآن في السودان خلال محنة هذه الحرب يجعل الاعتكاف أيسر، فعلى أهلنا الذي عادوا إلى بيوتهم أو من بقي في أماكن النزوح ان يسعوا إلى الاعتكاف في المساجد، فليس هناك التزام بوظائف او اعمال تشغلهم عن ذلك، وكلها أيام قليلة يكون لها مابعدها من رضى الله وآلائه على الناس إن شاء الله.
اللهم أعنا على العشر، واجعلنا ممن يدركون ليلة القدر، انك ياربي ولي ذلك والقادر عليه.
adilassoom@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.